صفحات مميزة

تقرير عن رزان زيتونة نشر في اللوفيغارو بتاريخ 23 – 9


Delphine Minoui, à Beyrouth

تناضل هذه المحامية المطاردة من قبل الشرطة السرية , ذات ال34 عاماً, من مخبئها لفضح ممارسات النظام في دمشق, على الرغم من اعتقال زوجها و التهديدات الموجهة لها. الطريق الوحيد للاتصال بالعالم الخارجي هو الانترنت, تنضم لنا عبر السكايب لتؤكد على تصميمها على الاستمرار حتى الوصول إلى شعلة الحرية.

تتحدث بلا توقف, تحت إلحاح فضح المجازر المنظمة من قبل بشار الأسد, “إذا سكت أنا فمن سيقوم بهذا بدلاً عني ؟” تنفجر رزان زيتونة على الطرف الآخر من الاتصال السيء عبر الانترنت , منفذها الوحيد إلى العالم الخارجي.

تدفع هذه المحامية الدمشقية ذات ال 34 عاماً ثمناً باهظاً لنشاطها من أجل الديموقراطية. في أيار الماضي وبعد شهرين من اندلاع الثورة السورية اعتقل شقيق زوجها ومن ثم زوجها من أجل إسكاتها , ومن دون أن تعرف شيئاً عنهما تعيش المتمردة الشابة في الخفاء بسبب التهديدات التي تلقتها في صندوق بريدها, مطاردة من قبل الشرطة السرية , لم تر نور الشمس منذ شهور بينما ترضى بجولات ليلية قصيرة , لتتبضع بسرعة ما يسد رمقها , ومع ذلك لا يبدو شيئاً قادرا على ثنيها عن المشاركة.

“لقد سقط جدار الخوف, واستفاق الشعب ليطالب بكرامته, فقد ذهب الأسد بعيداً جداً,في أقل من ستة أشهر تم قتل اكثر من 2000 شخص واعتقال الآلاف, ليس لدى السوريون ما يخسروه, أقل ما يمكنني فعله هو نقل صرخة ثورتهم” تقول رزان مدفوعة بشجاعة ألاف المتظاهرين الذين يخاطرون بحياتهم من لحظة نزولهم إلى الشارع.

عندما اندلعت الثورة في منتصف آذار, تعترف رزان بتفاجئها من جرأة أبناء شعبها “ظننت أن شعبنا لن يتحرك أبداً بسبب تقييده وتكميمه, حتى تقوقع على نفسه في شكل من اللامبالاة, حتى أنا كنت مقتنعة أن عملي كناشطة لن يغير شيئاً أبداً , إلا أن الثورة التونسية ومن ثم المصرية أعادت إلينا الأمل.” كما تقول المعارضة السورية والتي بدأت ثورتها الخاصة قبل هذا بوقت طويل والتي لعبت الصدفة دوراً فيها.

النظام السوري

ولدت رزان في ليبيا من أبوين سوريين, وترعرت في المملكة السعودية قبل أن تعود مراهقة إلى دمشق,متحمسة للصحافة أخفقت في امتحان القبول في الجامعة فانتقلت إلى الحقوق. قابلت عام 2001 هيثم المالح وهو شخصية قضائية ذائعة الصيت فكان لذلك اثراً كبيراً على حياتها حيث استغلا النافذة التي فتحها لوقت قصير “ربيع دمشق ” والذي سمح به الرئيس الشاب بشار الأسد , لتأسيس المنظمة السورية لحقوق الانسان, وتكمن المفارقة في أنها وجدت نفسها بعد أشهر تدافع عن المفكرين المعارضين المعتقلين من قبل النظام السوري, لتبدأ معركة طويلة لمدة عشر سنوات ضد عدالة تعسفية فاسدة و ميكيافيلية.

“من المحزن أن أقول أنه من بين كل القضايا التي استلمتها لم أربح ولا واحدة” وتتالى الذكريات “كنت معتادة على الذهاب كل أحد إلى محكمة أمن الدولة والتي يحاكم فيها المعتقلين السياسيين” “لن أنسى أبداً الذل الذي تعرضت له الزوجات الممنوعات من الزيارة واللواتي ينتظرن لساعات تحت الشمس الحارقة أو المطر الغزير ليحظين بلمحة من أبنائهم أو أخوتهم أو أزواجهن, كن أحيانا يتعرضن لضرب مبرح من قبل الأمن عندما يحاولن الاقتراب أكثر مما هو مسموح”.

رزان أيضاً وبسبب جرأتها وجدت نفسها في أقبية المخابرات حيث كان كل استدعاء يعادل جلسة حقيقية من التعذيب النفسي

“إن الدخول إلى أحد مكاتب المخابرات كالدخول إلى قبر, لا تعرف أبداً إن كنت ستخرج حياً” ولكن لا مواعظ الجلادين ولا قلق الأهل تمكن إلا من زيادة حماستها, و سرعان ما تخلى عنها أصدقاؤها متهمين إياها باللاوعي, ولكنها كانت تعرف أنها تستطيع الاعتماد على الدعم التام من قبل زوجها وائل الحمادة الموظف في شركة خاصة وهو أيضاً مدافع متحمس عن الحرية , “عام 2004 بعد زواجنا بقليل حدثت مجزرة الكرد الشهيرة في القامشلي فقضينا شهر عسلنا في التحقيق في هذه المجزرة المخزية”.

فجأة يجتاح الصمت الاتصال عبر السكايب,”في بداية الحراك الشعبي كان أول من شجعني على متابعة نشاطي وعلى التظاهر, واليوم أعرف أنه في السجن بسببي, إن وائل هو بطلي ” تتابع رزان.

ماذا عن وعود الاصلاح التي وعد بها الرئيس في دمشق؟

منذ اعتقال زوجها امتنعت رزان عن المشاركة في التظاهرات , حيث تمضي يومها و جزءاً من الليل أمام شاشة حاسبها الشخصي الموضوع بالقرب من سريرها, والمتصل بشكل دائم إلى الانترنت حيث تتجنب الفلاتر لتتصل بالصحافة العالمية لتنقل أخبار المعارضين وذلك لمساعدة عائلات من ضحايا القمع, ومن بينهم اكثر من 100 صبي كحمزة الخطيب الذي كان في 13 من عمره والذي شوهت جثته وقطعت أعضاءه التناسلية والذي سلم إلى عائلته بعد شهر من اعتقاله “إن هذه جرائم حقيقة ضد الانسانية ” تقول رزان والتي تخلت عن فكرة الانجاب بسبب ” المحيط البربري وغير المستقر في البلاد” قبل أن تضيف ساخرة “عندما أفكر أن الأسد يجرؤ على اتهام المعارضة بالتطرف الديني ! إذا كان من يطالب بالديمقراطية بالطرق السلمية هم سلفيون فهذا يعني أننا كلنا سلفيون”.

وماذا عن الإصلاحات التي وعد بها الرئيس في دمشق؟

“فات الأوان, نريد تغييراً جذرياً حقيقياً , وليس إجراءات تجميلية بسيطة تهدف إلى إرضاء المجتمع الدولي” ترد بجرأة لترفض كل الحلول الوسط مع النظام.

اليوم تبني آمالها في مسيرة الاحتجاج على طبقة التجار التي مازالت صامتة “مع تفاقم الأزمة الاقتصادية , يمكن أن يدعموا ثورتنا” تقول رزان

متشجعة بشعلة الاحتجاجات من درعا إلى حماه والتي يمكن أن تجر العاصمة ,أحد المربعات الأخيرة القريبة من الأسد,ولكن رزان واعية رغم ذلك أن الطريق إلى الحرية ما زال وعراً و مليئاً بالعقبات.

“أعرف أنني إذا اعتقلت فأنني لن أتحرر في ظل النظام الحالي , لذلك أبذل جهدي في أن أساهم بأكبر قدر في كتابة هذه الصفحة من تاريخ سورية”.

ترجمة سنان الحمصي

عن لوفيغارو

http://madame.lefigaro.fr/societe/razan-zeitouneh-frondeuse-de-damas-240911-175950

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى