صفحات سورية

تمثال السيد الرئيس وولده المصون

 


عمر البحرة

قامت القوات الأمريكية بعد احتلالها العراق بالاستعانة بالدبابة لإسقاط تمثال الرئيس صدام حسين كتعبير رمزي عن انتهاء مرحلة وبداية مرحلة أخرى ، وفي سورية استخدم الشباب سواعدهم لإسقاط تماثيل الأسد الأب والابن في سورية ، بينما استخدم الأسد الإبن الدبابات في محاولة تكسير هذه السواعد فهل سوف تنجح الدبابات في تكسير السواعد القوية ؟؟

شكلت التماثيل والنصب والصور الشخصية للرئيس السابق حافظ الأسد وولده احد أهم الأسس الدعائية والإعلامية التي اعتمدها نظام الحكم في سورية لتمجيد الفرد الرئيس وإعطاؤه هالة من الرمزية وتكريسها بقوة ، ولذلك سعى النظام إلى صبغ الجدران في الطرق العامة والمدراس والمؤسسات الحكومية بنوع خاص من ورق الجدران مكون من عشرات أو مئات لا بل الملايين من الصور ، ورق الجدران هذا كنت اعتقد انه سوف يزاحم الشعب ايضا في حرية الحركة في الطرق الضيقة ليصبح بسماكة عدة أمتار بسبب تراكم الصور فوق بعضها البعض ولكن العوامل الجوية تأتي في مصلحة الشعب فتقوم بإزالة الصور القديمة التي جرد لونها و تقصفت اطرافها وتفسخت أجزائها . نعم انه الديكور المكون من ملايين او عشرات الملايين من صور الرئيس السابق والحالي وصور اخيه المتوفي ، واحيانا صور تجمع الثالوث المقدس الأب والابن والروح القدس كناية عن الرئيس حافظ الأسد والروح القدس باسل الأسد والابن بشار الأسد ، فحين ننظر للأعلى نحو السماء فسوف نرى صوره معلقة على حبال الزينة على الجداران وفي المحلات التجارية والأكشاك وعلى صدور وسواعد انصاره وعلى السيارات ، وسوف ترى صوره على ورق الجرائد الذي يفرش فوق طاولات الطعام وفي المطابخ وحتى على الأوراق الممزقة التي تتطاير في الطرق والأزقة وعلى وفي اي مكان يخطر على بال الإنسان .

وهو في ذلك يسعى إلى تكريس صورته في خيال الوعي واللاوعي للفرد السوري بحيث يصبح في مصاف الآلهة مع تشبه بالصورة الدينية لوصف الله في القرآن الكريم ( فأينما تُولّوا فثمَّ وجه الله… ) لتصبح أين وليت وجهك فهنالك صورة الرئيس الأسد ..؟

الغالبية أو الجميع شاهد عشرات مقاطع الفيديو التي تظهر الشباب الثائر يقوم بتحطيم وحرق تماثيل وصور الرئيس الخالد وابنه المدلل الذي اضاع عصا الإصلاح السحرية ، حيث اندفع بضعة شبان لا أكثر نحو هذه التماثيل بجرأة منقطعة النظير بعضهم اندفع تحت زخات الرصاص كي يقوموا بتهديم هذه التماثيل ، وفعلا نجحوا بتهديمها بسواعدهم القوية واحيانا باستخدام ادوات بسيطة مثل العصي والمطارق المنزلية الصغيرة .

وفي درعا تقدم الشباب محاولين تفادي طلقات الرصاص المنهمر واقتربوا من التمثال ثم قاموا بدفعه حتى وقع محطما على الأرض ، بعد هذا العمل انتشى الشباب بعملهم هذا فقد حطموا الأسطورة لذلك وفي هذه اللحظة بالذات انكسر حاجز الخوف لديهم فقاموا بنزع اللثام عن وجههم ليتم التقاط الصور لهم متفاخرين بما فعلوا .

هذا بالمقارنة فيما حدث في العراق قبل سنوات في ساحة الفردوس في بغداد حين قامت دبابة امريكية وعلى مرأى من شاشات التلفزة في كل الكرة الأرضية بإسقاط تمثال الرئيس صدام حسين وقد استلزم الأمر حينها وقتا طويلا بالإضافة إلى الاستعانة بروافع وبدبابة كي يتم تحطيم التمثال .

الرسالة التي استطاع الشباب السوري ايصالها لديكتاتور سوريا والعالم انهم وبسواعدهم وبدون الاستعانة بالأجنبي وبإرادتهم الوطنية الخالصة سوف يسقطون كافة رموز الظلم و الطغيان في سوريا ، وسوف ينالون حريتهم .

إن اسقاطهم التماثيل بسواعدهم وتسلقهم المخاطر والمناطق المرتفعة لتمزيق صور الرئيس الديكتاتور بشار يعني أن هذا الشعب قد فاض به الكيل ولن يستطيع أن يصبر على هذا النظام القمعي الفاشي ، وان هذا الشعب سوف ينال حريته مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات ، وياليت الديكتاتور بشار شاهد ما حدث كي يحلل الأمر بدقته وفصاحته المعهودة كي يعطي الأمر بالتوقف عن هدر مزيد من الدماء و أن يستسلم لإرادة الشعب في سعيه لنيل الحرية و يرحل بهدوء وسلام .

حول تماثيل الرئيس

كما شكلت التماثيل جزءً كبير من التراث البعثي فقد كان سوء التشكيل الفني وصنعة النحت يشكلان العامل الفني المشترك بين كافة التماثيل الموجودة في مختلف ارجاء القطر السوري وفي مداخل المدن ، وحتى أنني في احد المرات استغربت من أن أحد تماثيل الرئيس حافظ الأسد كان من المطلوب أن يظهره وهو يحيي الشعب ولكن التمثال اظهره وكأنه يهوي بيده كي ينهال بالضرب على الشعب ، مع العلم ان من قام بنحت هذا لتمثال هو احد اكبر اساتذة النحت في كلية الفنون الجميلة بدمشق ، نعم انا اعلم ان من قام بنحت هذا التمثال قام بنحته من اجل المكافأة المالية وهو ضمنيا غير مقتنع بنحت هذا العمل ولذلك اتي هذا العمل فاشلا والدليل على ذلك ان نفس الفنان قام بنحت نصب اخر يمجد البطولة في التاريخ الإسلامي وكان النصب من اقوى النصب الموجودة في ساحات دمشق.

نموذج اخر عن التماثيل هذا التمثال الموجود في ساحة عرنوس في نهاية طريق الصالحية اذكر انه بعد الانتهاء من صب وتركيب هذا التمثال في الطريق ظهرت مشكلة بسيطة فيه ألا وهي ان حركة كف اليد اليمنى غير مناسبة فقد ظهر الإصبع الأوسط فيها بشكل يرسل رسالة سيئة للشعب ، مما اضطر النحات وهو احد المناضلين البعثيين إلى إعادة السور حول التمثال وقص اليد واعادة نحتها من جديد كي تظهر بالشكل اللائق هذا غيض من فيض من قصص نحت التماثيل الخاصة بالرئيس حافظ الأسد .

عمر البحرة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى