صفحات سورية

تناقضات الاعلام السوري لن تنقذ نظام بشار– ماهر الأسد

 


جان كورد

دأب الاعلام السوري على اجترار مقولة غير صادقة، في رياءٍ ونفاقٍ ظاهرين على وجوه معظم الاعلاميين الذين يخدمون هذا النظام المتهالك كدمى وعرائس في المهازل المسرحية، مقولةٍ عن حربٍ يشنها النظام “الوطني التقدمي الممانع!” ضد “العصابات السلفية الإرهابية!”، وهي مهزلة مقدمة له على طبق من السخافات والقصص الخيالية، من قبل أجهزة الأمن السورية ومن وراءها من رجالات النظام الفاسدين المرتعدين القلقين مما يجري في بلادنا، ولايدرون من أين يبدؤون وكيف يتعاملون مع الثورة التي اندلعت كنار في الهشيم، وكأنهم كانوا في غفلة من أمرهم، على الرغم من أن العالم الحر كله كان يحثهم باستمرار على القيام باصلاحات سياسية، والكف عن إيذاء المواطنين، وعلى انهاء حالة الفساد الإداري وضرورة احترام حقوق الإنسان، وفي مقدمة الناصحين كان الشعب السوري، من خلال أحزابه وسائر المساهمين في الحراك السياسي – الاقتصادي في البلاد وخارجها… ولكن هذا الاجترار الإعلامي السوري لكلامٍ لايصدقه أحد، في الداخل السوري وخارجه، يضر بالنظام أكثر مما ينفع، ولن تنقذ تناقضات هذا الاعلام الشهير بولائه التام للأجهزة الأمنية النظام من مصيره الأسود المحتوم.

كما رأينا وسمعنا عبر الشبكة الالكترونية ومن خلال قنوات التلفاز، من النازحين الهاربين خوفاً من إرهاب النظام إلى تركياً، فإن أحداً من النساء والأطفال والمسنين لم يقل أبداً بأنه هرب خوفاً من بطش “عصابات مسلحة” سلفية أو إجرامية، وإنما فندوا ذلك الزعم وأكدوا على أن الجيش السوري الذي أقسم ضباطه اليمين على صون تراب الوطن وحماية شعبه، هو الذي هربوا من عنفه وقمعه ووحشيته، ولكن الاعلام السوري يريد إظهار عكس الصورة تماماً، ويزعم أن سكان المدن التي فرّ معظم سكانها هم الذين طلبوا من الجيش القدوم إلى مدنهم لحمايتهم من “الإرهابيين!”، فلو صدق ذلك، فلماذا هرب السكان المدنيون ولم يحتموا بقواتهم المسلحة؟

ثم يظهر ضابط سوري يرينا بطاقته الشخصية ويعلن انشقاقه عن الجيش لأنه أقسم على الدفاع عن الشعب والوطن وليس على ضرب المدنيين العزل، ليفضح بذلك إعلام النظام ومن خلف الإعلام بشكل قاطع. وتأكيداً على أقوال شهود العيان فقد قال بأن الجيش هو الذي يرهب المدنيين وليس هناك “عصابات مسلحة”، إجرامية أو إرهابية، في المنطقة الغربية الشمالية من البلاد.

ومن ناحية أخرى، لو صدق فعلاً بأن هناك إرهابيين ضد النظام، فلماذا لانقرأ بياناً لهم، طالما هم بهذه الكثرة والقوة والانتشار ولديهم أسلحة متطورة ومختلف الأجهزة التي تحتاج إليها الجماعات المسلحة؟ أليس لهؤلاء “الإرهابيين!” تنظيم؟ أليس لهم إعلام؟ أليس لهم أهداف سياسية؟ فهل هؤلاء سيقفون مع النظام إن كانوا ضد أمريكا واسرائيل أم سيقاتلون نظام “الأسود الممانعة!”؟ وهل هم عائدون من العراق بعد أن ساعدهم النظام السوري في التسلل إليه؟ فكيف وصلوا إلى جنوب العاصمة السورية وعلى مقربة من الساحل السوري غرباً، دون رقابات ومصادمات؟

ولماذا لايظهر مندس منهم أو مندسة من هؤلاء المسلحين في الفيديوكليبات ملثماً تحت راية جهادية وفي يديه أو يديها ساطور وقرآن كريم، مثلما اعتدنا عليه في حال العراق أو غزة، ولماذا لايعكرون صفو المسيرات المدبرة التي يريد بها النظام تلميع صورته المضطربة عالمياً، كما في مدينة طرطوس أو على طريق المزة بدمشق؟

الإعلام السوري يكذب على طريقة غوبلز النازي، ولكنه لن يجد الجواب المقنع –مثلاً- ، رغم أنه معجون بمرقة الكذب ألف مرّة، لسبب تحليق طائرات من سلاح الجو السوري وقصفها لمركز هام من مراكز أمن الدولة في مدينة معرة النعمان السورية (أنقر هنا) ، فهل هو طيران تابع للجماعات المسلحة؟ أم لتركيا أم لسلاح الجو السوري؟ هل يستطيع اقناعنا بأن الجماعات المسلحة صارت تملك طائرات حربية؟ أم هل سيقول بأن سلاح الجو التركي يقصف المدن السورية كما قصف الاسرائيلي من قبل أول مفاعل نووي سوري، ومع ذلك لايقدر النظام على الدفاع عن الوطن والشعب وأجهزته الأمنية؟ أم سيعترف بأن هناك صدامات بين القوى الجوية وأمن الدولة؟ أم سيقجتر ما يقوله له النظام بأن الذي قصف دائرة أمن الدولة هم “عصابات إرهابية” هبطت هذه المرّة من السماء وهي تحتضن قنابل الطائرات؟

إن التناقضات التي يقع فيها كل يوم شيوخ الكذب والدجل في الإعلام السوري ومن يدافع عن هذا النظام في دمشق وخارجها، لايستطيع إنقاذ عنق النظام السياسي، الذي فقد حقيقةً شرعيته كحاكم للبلاد، كما أن المسيرات التي يدفع إليها الطلاب والعمال والجنود دفعاً لن تقنع العالم بأن هذا النظام قادرعلى تجاوز الكارثة التي أوقع فيها نفسه.

الطريق الوحيد الذي يمكن للنظام سلوكه، هو أن يعترف بفشله، ويطلب الرحمة من شعبه، ويسلّم مقاليد الحكم لمن هو أجدر منه، وذلك تحت إشراف دولي، وحسب جدول زمني يتم الاتفاق عليه مع المعارضة السورية، وإلا فإن مصير العائلة الأسدية التي لاتزال حاكمة سيكون مأساوياً في النهاية بالتأكيد.

جان كورد

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى