مراجعات كتب

تنظيم القاعدة: الرؤية الجيوسياسية والاستراتيجية والبنية الاجتماعية

 شفيق شقير

يستهدف كتاب “تنظيم القاعدة: الرؤية الجيوسياسية والاستراتيجية والبنية الاجتماعية” إثبات وجود رؤية جيوسياسية تضبط سلوك التنظيم وأن أعضاءه ليسوا “مجرد مجموعة من المتطرفين الأغرار”. وتحقيقًا لهذه الغاية يبحث مراد بطل الشيشاني، مؤلف الكتاب والمتخصص في “شؤون الجماعات الإسلامية”، في بنية القاعدة التنظيمية والخلفيات الاجتماعية والتعليمية للمنضوين تحت لوائها، وينطلق في تحليله من مقدمة نظرية يراجع فيها الجذور التاريخية لنشأة التيار السلفي الجهادي الذي بلغ ذروته التنظيمية والفكرية في إطار “تنظيم القاعدة”، ليصبح هذا الكيان فاعلاً غير رسمي وعابرًا للحدود الوطنية حيث انتشر في عدة دول، كما أنه أُشعلت بسببه حرب دولية إثر التفجيرات التي ضربت أميركا في 11 سبتمبر/أيلول 2001 والتي أعلنت القاعدة مسؤوليتها عنها.

مسرح نشاط القاعدة

يقدم الكتاب تحليلاً من منظور جيوسياسي لنشاط القاعدة في مناطق عدة من العالم، ويؤطر مسرح نشاط هذه الجماعة في “منطقة الخليج العربي وبلاد الرافدين والشام والصومال وشمال إفريقيا وغربها وجنوب غرب آسيا ووسطها وحتى أوروبا والولايات المتحدة”.

وهنا تصبح أماكن انتشار تنظيم القاعدة مرتبطة بالملاذ الآمن، ومن ذلك أن المرحلة السابقة على تفجيرات سبتمبر/أيلول 2001 اختلفت عما بعدها؛ فقبلها كان التنظيم ينزع للمركزية كاستقراره في السودان وأفغانستان وسواهما، أما بعدها فقد اعتمد اللامركزية بإنشاء خلايا مؤدلجة تنشط وفقًا لظروف المنطقة التي يتواجدون فيها، وساهم “العامل العراقي” في تطوير استراتيجية جديدة تتمثل “بلا مركزية تنظيمية”؛ حيث برزت “القاعدة في بلاد الرافدين”، و”القاعدة في المغرب العربي”، وهكذا دواليك، وأصبحت هذه الملاذات مركزًا لجذب المقاتلين أو للتجنيد، ومحطات للتنقل بينها وفقًا للضغوط ووقائع الميدان.

الجدوى الجيوسياسية

يربط الكتاب بين الأماكن التي انتشرت فيها القاعدة وبين الهدف الاستراتيجي منها والجدوى الجيوسياسية مع عدم إهمال الأسباب الأخرى لاسيما الدينية والاجتماعية، باعتبار أن اختيارها تم وفقًا لمعايير محددة؛ فعلى سبيل المثال كان اختيار السعودية لرمزيتها الدينية ولتوفر النفط ووجود الأميركيين فيها في أعقاب حرب الخليج، واليمن لرمزيتها أيضًا بسبب أصول زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الحضرمية، أما البعد الجيوسياسي فيعود لرغبة بن لادن في تحرير جنوب اليمن في مرحلة ما، وكذلك للعامل الديمغرافي والقبلي ولطبيعة اليمن الجبلية وحدودها المفتوحة برًا وبحرًا ولاسيما أن الأخيرة تتحكم بباب المندب. والرؤية المحفزة على اختيار العراق تعود لوجود الجيوش الأميركية هناك ما يجعل منها “ساحة جهاد” لمنع الأميركيين من التوسع في المنطقة وإنهاكهم، كما توفر منصة للانطلاق نحو دول عربية أخرى مجاورة، وهي تقع في الطريق إلى “القدس” بالنظر إلى الإرث الذي خلفه أبو مصعب الزرقاوي (أحمد فاضل نزال الخلايلة) الزعيم السابق لتنظيم القاعدة في العراق والمتمثل في “تأسيس تيار سلفي جهادي شامي يسعى للوصول إلى فلسطين بعد أن ينهي معركته في العراق”.(1)

والبعد الآخر في “لا مركزية السلفية الجهادية” التنقل بين العدو القريب والبعيد، بين مواجهة “الداخل” ومواجهة “الخارج” كما هو الشأن بعد اغتيال السادات حيث اضطروا تحت وقع ضربات السلطات المصرية للهجرة إلى أفغانستان لمحاربة العدو الخارجي، وبذلك تضمن الجماعة استمرارية نشاطها وحركتها.

العلاقة بين الديني والجيوسياسي

الجيوسياسية هي علم سياسة الأرض، أي دراسة السلوك السياسي للفاعل الدولي وفقًا لرؤيته الجغرافية، سواء أكانت رؤيته لإقليمه أم لمصالحه خارج الحدود. واتساقًا مع الرؤية النقدية الجديدة في تعريف “الجيوسياسية” فإن الجماعات العابرة للحدود باتت جزءًا من تحليل خطاب المجتمع وآليات صنع القرار فيه. ولا شك أن القاعدة فاعل مؤثر لا يمكن تجاهل تأثيراته في أية استراتيجية أو تطورات جيوسياسية تشهدها المنطقة العربية والإسلامية عمومًا، لا بل تجاوزت ذلك. وبالعودة للكتاب فإنه لم يتناول التأثيرات الاستراتيجية التي أحدثتها القاعدة في المنطقة كهدف قائم بذاته كانت تنشده، كما لم يلحظ التمييز بين العامل الديني في توجيه أو تفسير تصرفات الجماعات الجهادية، والعامل الجيوسياسي والتنظيمي، فأورد غالبًا ما يتصل بالديني تحت “الجيوسياسي” أو كأنهما يأتيان في سياق واحد بالنظر إلى النتيجة والجدوى.

ومن الملاحظ أن القاعدة لا تستعمل الخطاب الديني في المجال التعبوي والحث على القتال في بقعة جغرافية ما فقط، لا بل يشكّل النص الديني بوصلة حقيقية لكثير من نشاطاتها أو لتفكيرها الاستراتيجي، فما ورد عن الرسول الكريم بإخراج المشركين من جزيرة العرب: “أخرجوا المشركين من جزيرة العرب”، تحول إلى استراتيجية لاستهداف الغربيين في السعودية، وما جاء عن جيش عدن “يخرج من عدن أبين اثنا عشر ألفًا ينصرون الله ورسوله هم خير من بيني وبينهم”، هو استراتيجية حقيقية كان ثمرتها التوجه نحو اليمن، وتأسيس جيش أبين عدن، وما ورد في فضائل الشام كان يتردد في خطب وكتابات قادة “المجاهدين العرب” في أفغانستان منذ الثمانينات، للحشد ضد إسرائيل في فلسطين، أو ضد النظام “النصيري” -كما كانت تصفه أدبياتهم- في سوريا، وهكذا الأمر بشأن الكثير من الأنظمة العربية.

فالنص الديني كان يتحول إلى رؤية أو استراتيجية عمل بمجرد أن تلوح فرصة للولوج نحو دولة ما أو لتنفيذ عملية ما دون اكتراث للعواقب وللمفاسد التي قد تنتج عن ذلك، ودون حساب المصالح والمكاسب مسبقًا، فإن جاءت فهي خير وإن لم تأت فالأمر “جهاد” فيه أجر بذاته، و”النصر” سيأتي لأن “المبشرات به” في النص الديني، ولا ضير إن طال الأمد أو كثرت الأخطاء وعظمت الخسائر.

والمراد أنه إذا صح وجود “رؤية جيوسياسية أو استراتيجية” لدى تنظيم القاعدة كما يشير عنوان الكتاب وطريقة تناوله، فإنها رؤية ليست نتاج تفكير استراتيجي وجيوسياسي إنما هي نتاج تفكير ديني في الأغلب، وإلا فالحقيقة أن القاعدة على النقيض من ذلك تمامًا وتفتقر لحسابات الخسارة والربح، ولا تأخذ ما يفرضه المنطق الجيوسياسي أو الاستراتيجي العلمي بالاعتبار، إلا انتقائيًا لتأكيد قراءة ارتضتها للنص الديني.

البنية الاجتماعية للقاعدة

هناك مدرستان فكريتان لتفسير انضمام الشبان للجماعات المسلحة كما يقول الكاتب، الأولى وهي المهيمنة، تعزو السبب إلى العامل الخارجي لاسيما “الاحتلال” وما ترتب عليه -في فلسطين وكشمير وأفغانستان والعراق. أما الثانية وهي التي يوليها الكتاب اهتمامًا أكبر، تعلل الأمر بأسباب داخلية، “كالفقر والبطالة والعنف البنيوي المرتبط بانتشار العشوائيات وغياب الديمقراطية وتفشي الفساد… إلخ”.

ومع إدراك الكاتب لأهمية المدرستين إلا أنه يرى أن الثانية “مغيبة في العالم العربي”، ويرى أنها تنطبق كثيرًا على أعضاء “القاعدة في بلاد المغرب”؛ حيث كان معظم الانتحاريين الذين نفذوا تفجيرات الدار البيضاء في مايو/أيار 2003 من أحياء عشوائية في الدار البيضاء سميت بأحياء الشيشان وكشمير وسواها. كما أن القاعدة هناك استعانت ببيان حال الأوضاع الاقتصادية المتردية والفساد وحال الفئات المهمشة التي تلقى حتفها في عرض البحر وهي تحاول الهجرة طلبًا لتحسين أوضاعها.

ما يؤخذ على هذا التعليل على أهمية اعتباره -ومع الإقرار بوجود أسباب كثيرة وراء نمو الجماعات المسلحة الإسلامية وقد تم التطرق لكثير منها- أن هناك أسبابًا يجب على الباحثين في هذا الشأن أن يعيدوا النظر فيها، منها المحاولات المتكررة تاريخيًا لإقصاء التيار الإسلامي ومحاولة عزل النص الديني الإسلامي عن المجال التداولي السياسي والفكري والثقافي لمصلحة قوى أخرى قد تشكّل أقلية في المجتمع العربي والإسلامي. هذا فضلاً عن الاستخدام السياسي من قبل النظام العربي وسواه أحيانًا “للمتشددين الإسلاميين الفعليين” بما يزيد من شيوع ظاهرة التطرف السياسي، وبالمقابل قد يصمون التيارات الإسلامية المعتدلة بالتطرف بغية تحجيمها، لا بل قد يتعرضون بالانتقاص أو يحاربون بعض المظاهر الدينية التقليدية بوصفها “تطرفًا” وهي من المسلّمات الدينية المجمع عليها لدى جمهور المتدينين لا بل المسلمين عمومًا ولا تنتمي للحقل السياسي أصلاً، كالحجاب واللحية والصلاة وما يشبهها، وذلك بهدف “توفير مزيد من الحريات الاجتماعية” المتعلقة باللباس والعلاقات الجنسية على أمل أن تصرف النظر عن المطالبة “بالحريات السياسية” للمواطنين العرب والمسلمين.

إحصاءات

يتميز الكتاب بمحاولته الإحاطة بالحالة العلمية والاجتماعية لأعضاء التيار السلفي الجهادي في السعودية من خلال تتبع إحصائي لمن وردت أسماؤهم في قوائم المطلوبين أو عُرفت هوياتهم بإلقاء القبض عليهم أو قُتلوا، للوقوف على الفئة العمرية، والشهادات والدرجات العلمية التي يحملونها، ويصل إلى نتيجة مفادها: “أن غياب الإصلاح والتحول الديمقراطي يؤدي إلى إفراز معارضات أقل كسبًا تعليميًا وثقافيًا؛ ومن ثم أقل قبولاً بالآخر وأكثر راديكالية”.

كما يستخلص الكتاب -ووفق نفس النهج، وبناء على المعلومات المتوفرة على قلتها، وبناء على دراسات سابقة- أن المقاتلين السعوديين شكّلوا النسبة الأعلى للمتطوعين العرب في العراق (53%)، ثم يليهم السوريون بنسبة 13%، والمفارقة أن عدد العراقيين هو الأقل 8%. ومن النتائج التي يخلص إليها: “أن نسبة اقتناع العراقيين بأفكار التيار السلفي الجهادي وأساليبه في قتال قوات الاحتلال كانت متدنية، وهو ما سهل بالتالي مقاومة “مجالس الصحوات” لها”.

بالطبع لا يمكن إضفاء العلمية الكاملة على هذه الإحصاءات لأسباب واضحة، ولكن بعض نتائجها وخاصة تلك التي سبق ذكرها تحمل دلالات يمكن أخذها بالاعتبار، لأن البيئات العربية السياسية متشابهة وتنهل من مصادر ثقافية ودينية متداخلة، بل إن الظروف التي يعيشها العالم العربي ستنتج حالات متشددة على أكثر من صعيد، ديني وغير ديني، وسياسي وغير سياسي، وستدفع الناس نحو أساليب غير عادية للتعبير عن قضايا محقة، وما عنّا مثال حرق “بوعزيزي” نفسه وما أطلقه من موجة ثورات في دول عربية عدة ببعيد.

القاعدة: عود على بدء

يضع الكتاب نصب عينيه إدراك نمط القاعدة وآلياتها في التجنيد، وتحليل الرؤية الجيوسياسية للتيار السلفي من خلال “الحالات الدراسية” المتوفرة والمتاحة لعموم الباحثين، وربما يكون التنظير الذي نسبه الكاتب لأبي مصعب السوري (مصطفى ست مريم نصار) هو “تنظير القاعدة” الأساسي، والقائم على فكرة “الجهاد الفردي والخلايا الصغيرة، والتي لعبت دورًا أساسيًا في تحويل القاعدة إلى فكرة أو أيديولوجية ألهمت العديد من النشاطات السلفية الجهادية، أكثر من كونها تنظيمًا يتحرك وفق أوامر هرمية”.(2)

وهذه الرؤية في الحقيقة ليست خاصة بأبي مصعب السوري -مع التنويه بأهميته في التنظير للقاعدة- وهو معبّر عنها أكثر من كونه صانعًا لها، لأنها الرؤية الاستراتيجية التي أجمعت عليها كل “الحركات الجهادية المهاجرة” فعلاً، بدءًا من الشيخ عبدالله عزام مرورًا بالشيخ أسامة بن لادن انتهاء بما آلت إليه هذه الفكرة مع الأجيال الجهادية الجديدة -ويمثل خطها الرئيسي راهنًا أيمن الظواهري، لكنه ليس الوحيد ولن يكون كذلك.

إن معرفة الرؤية الاستراتيجية للقاعدة كي تكتمل تتطلب التعرض لفكر القاعدة نفسه وتحليله لمعرفة دوره في تشكيل هذه الرؤية؛ وهو الأمر الذي لم يهدف إليه الكاتب ربما اعتمادًا على أنه كتب الكثير عن هذا الجانب، ولكن بالنظر إلى مضمونه هو قليل جدًا؛(3) وذلك نظرًا إلى أن ما كُتب عن “القاعدة” جاء في سياق إدانتها والتحذير منها أو شيطنتها أو مقاربتها بحذر وليس فهمها على حقيقتها للتعامل معها بالموقف المناسب مواجهة أو حوارًا أو تقويمًا.

كما أن فكر “الجائزة” الذي ارتبط بالتعامل مع القاعدة لدى الغربيين، بمعنى أن اصطياد أو محاربة كل من يمتّ للقاعدة بصلة، سيعود عليه بالقوة داخليًا في بلاده، شجع أجهزة الاستخبارات العالمية على توزيع الاتهامات في كثير من الأحيان شمالاً ويمينًا لأجهزة إعلام ومراكز تفكير وشخصيات؛ لا بل امتلأت السجون في بعض المراحل بمتهمين بالانتماء للقاعدة دون أدلة جرمية حقيقية؛ ما ساهم في إخافة الكثيريين ممن لهم معرفة حقيقية بهذا التيار وظروف نشأته وطريقة تفكيره من الإقدام على توفير معلومات أو تصويب بعضها فضلاً عن تقديم دراسات أساسية لتكون مرجعًا أساسيًا في هذا الصدد.

فالمتيقن إلى اليوم، أن هذا التيار هو جزء من “الحركات الجهادية المهاجرة” قامت استراتيجيته على بضع آيات من القرآن الكريم والسنة النبوية تحث على الجهاد، وأنه ماض إلى يوم القيامة، لا يمنعه ظلم حاكم جائر ولا تحده حدود صنعها الاستعمار، وأن التكليف بالجهاد عين وفرض على كل مسلم ويجب أن يؤديه بغض النظر عن الصعوبات والعراقيل أو النتائج والتداعيات، ولا إمام راهنًا إلا إمام حرب لأنه لا شرعية إسلامية لأي حكم على الأرض، ولا طاعة لمن عطّل الجهاد أو لم يدع إليه. وأن كل حديث عن بناء دولة أو سواها لا يتعارض مع نهج القاعدة “الجهادي” لأنها تعمل وفق قاعدة “البناء خلال المعركة” وليس قبلها أو بعدها فحسب.

وفي الختام، من الملاحظ أن القاعدة لم تبذل جهدًا فعليًا لدفع موجة الربيع العربي بالاتجاه الذي ترغب، لكن بعض مفردات الثورات العربية جزء من البنيان الذي تريد، وبعض النتائج التي انتهت إليها الثورات لاسيما في سوريا شكّلت بيئة ملائمة لفكرها العسكري، وبهذا قد يسقط السؤال مبكرًا، حول ما إذا كانت الثورات العربية قد قضت على المبرر الأساسي لوجود القاعدة بعد أن كانت هذه الثورات في طور إثبات أن التغيير السلمي ممكن ويحفظ طاقة الأمة والدولة ويحقق التغيير. وخاصة إذا ما انتهى النموذج المصري مرة أخرى إلى قمع “الإسلام السياسي” وإعادته للسجون، فعندها سيصبح السؤال: هل ستزدهر التيارات الإسلامية المؤمنة بالتغيير بالسلاح والسلاح فقط، وعلى رأسها تنظيم القاعدة؟

________________________________________________

*شفيق شقير، باحث في شؤون المشرق العربي والحركات الاسلامية.

1- يمكن الاطلاع على استراتيجية الزرقاوي العسكرية المتدحرجة، بملاحقة الأميركيين من أفغانستان إلى العراق تمهيدًا للوصول إلى فلسطين في “الزرقاوي، الجيل الثاني للقاعدة” لفؤاد حسين، دار الخيال 2005، 44-45.

2- حاول منظرو القاعدة التوفيق بين بعض الرؤى الاستراتيجية وبعض التوجهات التي اعتمدوها لأسباب أخرى تتصل بما توصلوا إليه بناء على فكرهم الديني وتجربتهم الخاصة؛ من ذلك ما نظر له أبو مصعب السوري في شرحه لكتاب “حرب المستضعفين” -للمؤلف الأميركي روبرت تابر- لاسيما نظرية البرغوث الذي ينهك الكلب قرصًا حتى ينهار، أي إنهاك الدولة بالجهاد الفردي، والجماعي إن تيسر بما ينشر الفوضى في الدولة لتنهار. وفي نفس السياق يأتي كتاب “إدارة التوحش” الذي نُشر باسم “أبي بكر ناجي” على النت، وفكرته الأساسية “إدارة الفوضى المتوحشة” للحلول محل الدولة أمنيًا واجتماعيًا ولتمكين “الدين” في الناس. وأحسب أن منبع هذه الفكرة الأصلي ما نظر له سيد قطب بضرورة عدم ترقيع “النظام الجاهلي السياسي والاجتماعي” ليسقط من تلقاء نفسه لا بل العمل على إسقاطه.

3- يمكن العودة لكتاب “استراتيجية وتفجيرات القاعدة: الأخطاء والأخطار”، مكتبة العبيكان، 2005. وهو في الأصل مراجعة أعدتها مجموعة من الجهاديين المصريين السابقين، لتصحيح بعض المفاهيم الجهادية الخاطئة التي وقع فيها تنظيم «القاعدة» بحسب تقديرهم. وكانت أوراق الدراسة قد نُشرت أولاً في جريدة الشرق الأوسط عام 2004 على عدة حلقات. أولها على سبيل المثال: http://www.aawsat.com/details.asp?article=212172&issueno=9175

________________________________________________

الكتاب: تنظيم القاعدة، الرؤية الجيوسياسية والاستراتيجية والبنية الاجتماعية

الكاتب: مراد بطل الشيشاني

الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية

تاريخ النشر: 2012

عدد الصفحات:224

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى