صفحات الناس

تهميش الشباب وتطرفهم على طاولة “كارنيغي”/ علي فحص

 

 

يستمر ظهور الدراسات التي تتناول الوضع السوري في محاولة لتسليط الضوء على مختلف جوانبه، وخصوصاً الاجتماعية. في هذا الإطار، وانطلاقاً من أهمية دور الشباب في الصراع الدائر في سوريا، استضاف “مركز كارنيغي للدراسات الشرق أوسطية”، وبالتعاون مع “المركز الدنماركي في دمشق” و”المركز اللبناني للدراسات”، عدداً من الباحثين والخبراء في مجال الأزمة السورية، في مؤتمر بعنوان “تهميش الشباب وتطرفهم في ظل الأزمة السورية”.

المؤتمر الذي امتد على مدار يوم أمس، قسّم النقاش الى قسمين. ناقش الأول التعاون بين المانحين والصعوبات التي يواجهونها، حيث شارك فيه كل من جورج عيدا، من وزارة الشؤون الاجتماعية، الصحافي في جريدة “المدن” مازن عزي، مديرة “المركز اللبناني للدراسات” مهى شعيب، رئيس “شبكة اغاثة سوريا” في صيدا كامل كزبر، منسقة برنامج البنك الدولي للتنمية البشرية حنين السيد.

وبالإضافة إلى أهمية الدعم المالي الذي تؤمّنه المؤسسات الدولية، وضرورة التنسيق بين الجمعيات العاملة ميدانياً في لبنان، تشكل مسألة أدلجة الشباب راديكالياً، وجعلهم وقوداً لاستمرار القتال على المحاور، الخطرين الحقيقيين اللذين يجب أن يعالجا قبل تفاقمها. ونظراً لما يمثله الموضوع من مدخل لطرح حلول لهذه الأزمة، دار النقاش حوله في القسم الثاني من المؤتمر، مرتكزاً على دراسة ميدانية أجراها الباحث في “كارنيغي”، ماريو أبو زيد، ومداخلة لكل من يورغن ايلوم من الشرطة الدنماركية وناتاشا ينسن، من ادارة الشؤون الاجتماعية في مقاطعة أراهاس الدنماركية، للوقوف على تجاربهما في مواجهة التطرف.

التطرف الاضطراري

حاول أبو زيد، بناءاً على الدراسة التي أجراها، رسم معالم لمسار لجوء الشباب اللبناني كما السوري الى التطرف، وهو الأمر الذي يرى انه يرتبط بشكل مواز بتفاقم الأزمة، خصوصاً في ما يتعلق بتدهور الوضع المعيشي للاجئين. بداية، فرّق أبو زيد بين اتجاهين من التطرف انتجتهما الأزمة. اذ بين التطرف الديني والآخر السياسي وجد الشبان أنفسهم مضطرين للوقوف في صف أحدهما. وفي مداخلته، تحدث أبو زيد عن أسبقية “حزب الله” في تأمين المشاركة العسكرية للشباب اللبناني، في حين تأخر ذلك في الأوساط المتطرفة سنياً.

اضافة الى ما ذكر، وكنتيجة للانقسام السياسي اللبناني حول أطراف الأزمة، بين موال للنظام ومعارض له، كان توزع اللاجئين على الأراضي اللبنانية منقسماً بدوره، حيث اضطر اللاجئون المعارضون الى اتخاذ المناطق السنية المعارضة للنظام ملجأً لهم، بينما اتجه الموالون إلى مناطق موالية للنظام. في ظل ذلك، وجدت المجموعات المتطرفة طريقها الى العمل في الأوساط المعارضة، ناهيك عن أنّ تدني الدعم المالي وهامشية عمل المنظمات الدولية، سهلا مهمة المتطرفين عبر اعتمادهم على تحسين الأحوال المعيشية للاجئين.

واستعرض أبو زيد أيضاً خطوات التوجه المتطرف للشباب. ففي البدء كان الدعم معنوياً للمجموعات، بعدها انجرّ الشباب خلف عملها العسكري. وأبرز الأمثلة، برأيه، هو ازدياد أعداد المسلحين بين اللاجئين بعد معركة عرسال. ناهيك عن النتائج المباشرة لهذه المعركة، والمتمثلة بنظرة المواطنين اللبنانيين الى اللاجئين، التي لا تفرق بينهم وبين المسلحين، الأمر الذي سبب حركة نزوح داخلية في لبنان الى مناطق متشددة أكثر.

وقبل الدخول في ما يشبه استراتيجية لحل هذه المشكلات، كان لأبو زيد رأي اضافي في أسباب بروز التطرف في صفوف الشباب، الا وهو استعادتهم، من خلاله، لمكانتهم الاجتماعية عبر قيادتهم لهذه المجموعات، وذلك لتعويض الخسارة الاجتماعية التي منيوا بها في سوريا، فأصبحت المجموعات المتطرفة ملجأً للمتعلمين، الذين لم تعد شهاداتهم تنفعهم في شيء.

الحل الدبلوماسي للأزمة في سوريا، يُعد من أبرز المعالم في خطة النجاة من هذا المأزق، وأولى خطواتها بحسب أبو زيد. ناهيك عن التحكم بوسائل التواصل الاجتماعي كـ”فايسبوك” و”تويتر” لقطع الطريق على التجنيد “الاسلامي الجهادي”. ويعتبر أبو زيد ان دعم أطراف اسلامية معتدلة وتسليط الضوء عليها يساهمان أيضاً في الحل.

“شرطة في مواجهة الارهاب”

من جهته، تحدث يورغن عن برنامج “شرطة في مواجهة الارهاب” الذي أطلقته الشرطة الدنماركية في العام 2007 وذلك بُعيد تفجيرات لندن ومدريد. البرنامج جاء مكملاً لخطة تعتمدها الدنمارك في اشراك المجتمع المدني والمعلّمين في عمل الشرطة، وهي تهدف الى نشر التوعية حول مخاطر التطرف، بالاضافة الى تعليم المواطنين أساليب ملاحظة ملامح التطرف. لا يهدف البرنامج، بحسب يورغن، الى مراقبة الناس، لكنه يفسح المجال أكثر أمام اشراك المواطنين في العمل. بالإضافة إلى ذلك تكلّم يورغن عن ارسال الدنمارك لبعثة من 150 باحثاً الى مناطق النزاع لدراسة أساليب التطرف وأسبابه، في محاولة لرسم خطوط أساسية في منهجية التعامل مع المتطرفين غير تلك التي تعتمد على القتل، أو المحاكمة، وفي محاولة لتأمين الاصلاح والتوجيه الاجتماعيين.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى