مراجعات كتبوائل علواني

تويتر والغاز المسيل للدموع: عن الحيز العام المتشابك رقمياً/ وائل علواني

 

 

استعرضت زينب توفيقجي1 في كتابها الصادر حديثاً، تويتر والغاز المسيل للدموع: قوة وهشاشة المظاهرات المتشابكة2، خلاصة دراستها التحليلية كماً ونوعاً لأبرز الحركات الاحتجاجية العالمية، وتحديداً اليسارية والمناهضة للحكومات، المندلعة في السنوات الأخيرة. وقد ركزت على وصف التفاعل الحاصل بينها وبين التقنية والحكومات، مقترحة أهمية تبني الناشطين لمنظور أسمته البواطن الشبكية3، لفهم ديناميكية الحراك الشبكي، وتجاوز مشاكل الجمود التكتيكي. وطرحت في القسم الأخير من الكتاب إطارَ عمل لتحليل قوة الحركات وقدرتها على تهديد السلطات، بشكل لا يضع أعداد المتظاهرين وأعداد المظاهرات محوراً للقياس، لأنها لا تقيس القوة الحقيقية.

يمكن القول إن الكاتبة كشفت النقاب عن التحديات المصاحبة للخيارات التي تبنتها الحركات المعاصرة، ولم تطرح الكاتبة حلولاً بقدر ما حاولت رسم صورة عامة لآليات تحرك فعالة تدمج مزايا كل خيار، وتركت التفاصيل لتقديرات الناشطين. يترك الكتاب العديد من الأسئلة المفتوحة، التي تستفز الناشطين للتفكير بها وجعلها جزءً من خططهم القادمة لإدارة الصراع، بشكلٍ يغلّب من مصلحتهم.

الحيز العام المتشابك رقمياً

تطلق الكاتبة على ناتج تفاعلات الحراك الاجتماعي والتقنية والحكومات والتداخلات فيما بينها، أثناء وبعد انتفاضات الربيع العربي وحراك احتلوا وول ستريت وغيرها، مسمى «الحيز العام المتشابك رقمياً». يتجاوز هذا المسمى جدلاً قام لفترات طويلة، طرفه الأول من سموا هذه الانتفاضات بثورات الفيس بوك وتويتر، والطرف الآخر الذي سخّف من هذا الكلام وقال إن 90٪ ممن نزلوا على الأرض ليس لديهم حسابات في فيس بوك، علاوة على أن ما يمارسه نشطاء الفيس بوك هو «Slacktivisim» أو «Clicktivism» لا يعول عليه، وهي مسميات ازدرائية قد يكون الأقرب إليها ما يقوله البعض «نشطاء الكيبورد، أو المناضلون من تحت المكيفات».

تتبنى الكاتبة منهجاً توفيقياً (لها من اسمها نصيب) يجمع بين المقولتين، لأن التداخل بين العالم الواقعي والرقمي بات أمراً حاصلاً، والطرفان يؤثران على بعضهما، ولكن الأهم هو وضع التداخل في مكانه الصحيح عند التحليل.

التنظيم العفوي غير الرسمي4

قدم الحيز العام المتشابك رقمياً شكلاً جديداً لتنظيم الحراك، يختلف عن الأشكال السابقة، وصفته الكاتبة بالتنظيم العفوي غير الرسمي5. وهو تنظيم ذاتي، كما عايشناه جميعا في سوريا ومصر وحول العالم، يقوم على شبكات من الأنداد الذين اجتمعوا في مكان واحد، ولم يسبق لهم أن تعاملوا مع بعضهم، ولكنهم ينفّذون مهاماً متعددة بمجرد تنامي الحاجة إليها، بإبداعهم الخاص وبدون سلسلة من الأوامر من قيادة ما. وحتى من كانت لهم تجارب سابقة في تنظيم الحراك الجماهيري، فوجئوا وقضوا وقتاً لا بأس به لمحاولة استيعاب ما حصل.

وظّفَ الناس دوائر معارفهم القوية6 ودوائر معارفهم الضعيفة7 للحشد، مستخدمين المنصات الرقمية وغير الرقمية في أجواء مفعمة بالثقة المتبادلة والهمّ المشترك.

أخرجت هذه المظاهرات والانتفاضات أجمل ما لدى الناس، الذين سعوا لإبراز قيمهم بمختلف الطرق (وإن بدا بعضها غير منطقي)، فأنشأوا المكتبات في ساحات التظاهر ونظفوا الشوارع ووفروا المأكولات والبطانيات والأدوية عبر التبرعات الشعبية، وكان كل شيء متاحاً بالمجان. دار الحديث بين شتى الفئات التي لم يسبق لها أن اجتمعت في مكان واحد، واكتشفوا مدى تشابههم. إن الإحساس بالانتماء، وبأنك لست وحيداً في رفضك لما تراه حولك من ظلم وغياب للعدالة، مكّنَ ببساطة من خلق فرصة بناء مجتمع جديد.

تحمل مزايا هذا الشكل الجديد من التنظيم بذور ضعفها في الوقت نفسه، فهذه المظاهرات التي تمت الدعوة إليها عبر المنصات الرقمية هي بداية العمل الشاق اللازم لبناء حراك طويل الأجل بعد الاحتشاد، على عكس ما كان يتم في السابق لدى التنظيمات والأحزاب، التي كانت تبني قدراتها التنظيمية والبنية اللوجستية وآليات صناعة القرار قبل حشد المظاهرات. يؤدي ذلك لأن تواجه مظاهرات اليوم جموداً تكتيكياً، يقودها لأن تأكل نفسها عند أبسط التحديات، وأن تكون عرضة للاختراق والتفكيك ودخول الانتهازيين.

مشكلة الجمود التكتيكي

عانت كثيرٌ من الحركات، وأبرزها حراك «حديقة غيزي بارك» في تركيا، وحراك «احتلوا وول ستريت» في الولايات المتحدة، من الجمود التكتيكي الذي مردّه إلى ثلاثة أمور:

– غياب كل من البنية التحتية والأدوات والثقافة لاتخاذ القرارات الجماعية، مما صعّبَ من عمل انتقالات تكتيكية.

– بالرغم من أن المظاهرات كانت بلا قيادة واضحة مما جعل منها مرنة وغير معرضة للفض بمجرد «قطع الرأس»، إلا أن هذا في الوقت نفسه حرم المتظاهرين من محاورة الخصم، بل إنه ترك للسلطة انتقاء الوجوه التي تريد مفاوضتها بنفسها/ وحرمهم من إمكانية حلّ النزاعات فيما بينهم.

– بساطة وسهولة القدرة على الحشد اليوم، جعلت من الصعب إرسال إشارات تهديدية للسلطات عن القدرة والعمق التنظيمي الموجود لدى المتظاهرين.

تسترسل الكاتبة في سرد القصص التي تؤكد هذه الجوانب من المظاهرات المختلفة حول العالم، فمثلاً في غيزي، وبعد تفاوض الحكومة مع وفد من المتظاهرين وطرحها لحلٍّ معين، نظم المتظاهرون أنفسهم في مجموعات صغيرة (مجالس نقاش مصغرة) لنقاش عرض الحكومة، استغرقت المجموعات وقتاً طويلاً (٩ ساعات في أول جلسة)، ولم تتوصل إلى قرار بخصوص العرض، إلى درجة أن الحراك بدأ بالتفكك ذاتياً، وخارت القوى ولم يتم فرز آليات عملية لصناعة القرار الجماعي.

زاد من حدة هذه التداعيات، الخلافات التي بدأت بين المؤثرين من أوجه سابقة، وآخرين تم فرزهم مع مرور زمن الحراك، وما وازاه من خلاف كانت المنصات الرقمية ساحاته، التي أسهمت بدورها في صعود مجموعة من المؤثرين في الواقع الافتراضي، لكل منهم قاعدة من المتابعين. تعمقت الخلافات، وأدَّت لاستقطاب الناس والتفاف قطاعات واسعة منهم حول الأعلى صوتاً والأكثر تشدداً، وهي ظاهرة متواترة رصدها كثيرٌ من علماء تحليل الشبكات الاجتماعية. وقررت الدولة في النهاية التدخل وإنهاء الحراك.

في «احتلوا وول ستريت»، ولأن آلية صنع القرار المطبقة هي الإجماع وإعلاء صوت الفرد أياً كان، وهذا كان أحد أسباب استخدام طريقة المذياع البشري مع أن المكبرات الالكترونية كانت متاحة، فإن موضوع انتقاء من يتحدث على المنصة مرَّ بتحديات حرمت شخصيات معروفة، كان يرجى من حديثها تقوية أثر المظاهرات، بسبب اعتراض شخص واحد على المتحدث. كما أن منسقي المنصة مارسوا بدورهم سلطتهم الضمنية في إنفاذ تفضيلاتهم. بالإضافة إلى وجود انحيازات هيكلية كما تسميها الكاتبة، منها أن طول المدة الزمنية للفعاليات حرم الطلاب والعمال والموظفين من حضورها لانشغالهم بأعمالهم، كما أن الذين اعتلوا المنصات وخاطبوا الجمهور (ولم يهابوا رهبة المنصات) يأتون من خلفيات أكثر حظاً من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، وهم معتادون بالأساس على أشكال السلطة والسيطرة التقليدية ومارسوها في تصدرهم للمشهد، وبالتالي نشأت إلى حدٍّ ما عزلة بينهم وبين القطاع العريض من الجمهور المحتشد.

لفهم كيفية تجاوز هذه التحديات، درست الكاتبة أبرز الحركات التي تجاوزت الجمود التكتيكي في الماضي كحركة الحقوق المدنية، وحركات معاصرة كحزبي سيريزا في اليونان وبوديموس في اسبانيا، اللذين انبثقا عن حراك جماهيري، وطرحت منظور البواطن الشبكية وإطار عملٍ أكثر فعالية.

البواطن الشبكية

يسلط منظور البواطن الشبكية8 الضوء على المزايا والقدرات الجمعية المتحققة أثناء عملية بناء وتشكيل شبكات الحراك، أي أنه يكشف ثمار تنفيذ المهام والتنسيق والبنى اللوجستية في ظل آليات صناعة قرار جمعي (ولا يعني ذلك شرط الإجماع)، وبناء الثقة والتفويض (ولا يعني ذلك أيضاً بناء هرميات صلبة).

إن البواطن الشبكية لا تتحقق بمجرد تبني الهيكل الشبكي، بل تتطلب عملاً دؤوباً على العلاقات وتقويتها وتفعيلها والديناميكيات الداخلية لها وآليات العمل (كصناعة القرار الجمعي وحل النزاعات الداخلية) والعمل على مواجهة التحديات. إنها كالعضلات التي تصبح أكثر متانة وقوة مع الزمن. والعمل عليها هو ما ينشئ ويطور المفاهيم والأعراف المشتركة فيما بين الأعضاء، والأهم أنه يمكن من دمقرطة المعرفة وجعلها كامنة في جوانب الشبكة.

بتقديمها لهذا المنظور، تدعو الكاتبة الناشطين لإعادة النظر في طرقهم التقليدية في مخاطبة الحشود، وفهم طبيعتها المتشابكة التي تتطلب تطوير الآليات التي ذُكِرت أعلاه بشكل جمعي، والعمل الدؤوب على بناء العضلات تحضيراً لأي حراك مستقبلي. كما تؤكد على أهمية تطويع التقنية في ذلك، وتذكر مثالاً عن تطبيق Loomio، الذي يستخدم في صناعة القرار الجماعي بمبدأ الديموقراطية التشاركية وليس التمثيلية.

إطار عمل لقياس فعالية المظاهرات في العصر المتشابك

انتقدت الكاتبة الطرق التي تقاس فيها اليوم فعالية الحراك، من قبيل عدد المظاهرات وعدد المتظاهرين. وطرحت إطار عمل عام مبني من استنتاجاتها حول الحركات العالمية التي درستها. يدرس ويقسي الإطار المطروح الجوانب التي تشكل قوة الحراك، وهي أوضحت بأنه متناسب مع مختلف البيئات التي يتنوع فيها منسوب ونوع القمع المضاد من السلطات.

تكمن قوة الحراك المجتمعي في ٣ قدرات نوعية، والقدرة هنا بمعنى الاستطاعة الجمعية:

– القدرة على وضع السردية الخاصة به، بمفرداتها ونظرتها الكونية، وإقناع الناس والمتعاطفين بشرعية الحراك، واستقطاب النخب.

– القدرة على التأثير في الانتخابات والمؤسسات، عبر عزل أو مقاطعة مرشحين أو إعادة انتخاب آخرين، طالما تبنى المرشح سياسات متجانسة مع مطالب الحراك. تتطلب هذه القدرة العديد من الأمور، منها التمكن من التفكير الاستراتيجي الجمعي، والتحرك تكتيكياً بشكل سريع.

– القدرة على الإعاقة وتعطيل عمل السلطات (كالعصيان المدني واحتلال الميادين).

تتفاعل هذه القدرات فيما بينها، ويتعين على الناشطين بذل الجهود في بناء مكامن الشبكة ضمنها، وإدارة الصراع عبر إرسال إشارات تهديد للسلطات عن القدرات التي يتضمنها الحراك. تسرد الكاتبة شرحاً أكثر تفصيلاً عن هذا الإطار، وتركز على موضوع الإشارات9 وكيفية إرسالها.

تحديات التقنية

استعرضت الكاتبة بشكل مفصل التحديات المصاحبة للتقنيات التي استخدمت في الحركات الاجتماعية الحديثة. إن المنصات الاجتماعية تبغي الربح في نهاية المطاف، لذلك فإن تصميم تجربة المستخدم نابع من هذا المنطلق. وقد ترك هذا أثره على برمجية (خوارزميات) الفيس بوك مثلاً، الخاصة بعرض محتوى صفحتك الإخباري10، والذي يتم تشكيله أوتوماتيكياً ليزيد من احتماليات النقر على الإعلانات. كما أنه يزيد مما بات يعرف بحجرة الصدى11، وهي إعادة إظهار المحتوى الذي تحبه وتتفق معه لرفع فرص استخدامك للموقع بشكل أكبر، أي اللعب على الانحياز التوكيدي الموجود لدى البشر12. هذا إلى جانب سعينا التلقائي كبشر للبقاء في المجموعات الأكثر شبهاً بنا، أو ما يسمى ظاهرة الـ Homophily. تعتبر هذه الجوانب بالتحديد أحد التأثيرات التي تركتها التقنية على وعي المستخدمين، وتغذيته للاتجاه نحو أنماط أحادية لا تحابي التفكير التعددي والنقدي.

يقدم زر الإعجاب (Like) جانباً إشكالياً آخر، فعدد اللايكات مؤثرٌ في ظهور القصة في حسابات الآخرين، ولكن من غير المنطق عمل Like للأحداث السيئة، مثل خبر اعتقال أو وفاة ناشط تحت التعذيب، وبالتالي تموت القصة بشكل أسرع. دع عنك موضوع ملكية البيانات وإتاحتها للحكومات، والرضوخ لها في إغلاق بعض الصفحات وتزويدها بمعلومات سرية. كما أن بنية الموقع في تفويض مهمة الإبلاغ عن المحتوى الضار للحشود (بغرض تخفيض الكلفة على فيس بوك بشكل رئيسي) مكّن اللجان الالكترونية والحملات المضادة من تكميم الأفواه تقنياً عبر البلاغات المضادة، لأن خوارزميات الموقع لديها حدّ معين للإزالة الالكترونية التلقائية. في الوقت ذاته يمنح الفيس بوك مسؤولية معالجة هذه البلاغات لفرق معهدة خارجياً13 في الفلبين مثلاً، ونادراً ما يمكنهم فهم السياق الخاص بالصورة أو المقالة التي تم تقديم بلاغ عنها.

تستفيض الكاتبة في شرح كيفية عمل الخوارزميات في هذه المواقع، فتتحدث كيف أنها تضع حدوداً لكمية النشر المتتابع، فتقوم بتعطيل الحساب إذا تجاوز حداً معيناً من عدد المنشورات، كما حدث مع حساب Tahrir Supplies لتنسيق عملية تزويد الميدان بالموارد الطبية اللازمة عبر تويتر، ولم يُفّك الحظر بالسرعة اللازمة إلا عبر وساطات مع تويتر. كما أن مُمَكنات كل منصة متغيرة في بعض الجوانب، مثلاً الفيس بوك سياسته صارمة مع الحسابات الوهمية، حتى أن صفحة كلنا خالد سعيد تم إيقافها مؤقتاً لأن وائل غنيم كان يستخدم حساباً وهمياً، ولم يُفّك الحظر حتى كفلت ناشطة الصفحة باسمها الصريح، وهذا له تبعاته في تعريض الناشطين للمخاطر إذا عُرِفَ اسمهم الحقيقي. بينما الموضوع مختلف في تويتر.

وبما أن الكتاب حديث، فقد تمكنت الكاتبة من المرور على موضوع الساعة، وهو الأخبار المزيفة14، التي رأينا جانبها المظلم جلياً ودورها في انتخابات رئاسة أميركا، ومحاولة تطبيق الشيء ذاته في فرنسا. إن الأخبار المزيفة ما هي إلا استمرار لاستغلال طبيعة المنصات التقنية لحرف وهندسة الوعي والانتباه. توضح الكاتبة أن بناء منصات بديلة بالانتشار ذاته كحلٍّ لهذه المشاكل هو أمر صعب ومكلف جداً، لذلك فهي تدعو الناشطين حول العالم للتفكير جدياً بهذه الجوانب التقنية، والعمل سوياً على ابتداع حلول لها.

اضربهم ودع الخوف يفرزهم

إن الجهل بالتعددية15، وهي أن تخال نفسك وحيداً في رؤية البؤس من حولك، هو هدف مهم لدى الحكومات، ويتم العمل عليه بشكل ممنهج. وقد كان للمنصات التقنية دورٌ في تقويض سلطة الحكومات في هذا المجال تحديداً. وعندما انتفض الناس، تفاوتت ردود فعل الحكومات، فالأكثر تمكناً من الناحية التقنية وظفت وسائل كتحليل صور الأوجه والشبكات الاجتماعية (شبكات العالم الحقيقي والعالم الافتراضي) لمعرفة المؤثرين واحتواؤهم، ومنها التي استحضرت وسائل صدامية عنيفة. أياً كانت الوسائل، فإن الحكومات طبقت مقولة «اضربهم ودع الخوف يفرزهم».

تستعرض الكاتبة فيما يتعلق بتعامل السلطة مع الحيز العام المتشابك رقمياً كثيراً من الوسائل التي تمارسها، فبدلاً من المنع والحجب المطلق، يتم شيطنة المنصات الرقمية، تعبئتها باللجان الالكترونية، تشويه، اختلاق، تشكيك، تلبيس، تشتيت المعلومات. إن الهدف هو جعل عملية فرز ما حصل حقيقة عما هو باطل أمراً صعباً جداً على المتابع العادي. وتتحدث عن فشل موضوع الحجب المطلق كما تم في مصر أيام مبارك، والذي أدى لنتائج عكسية حيث دفعت الأهالي والناس للنزول للشوارع بشكل أكبر للاطمئنان على أبنائها ومعارفها. ووضحت كيف أن الصين مثلاً تقوم بهندسة اقتصاد الانتباه16، عبر السماح بالوصول لمواقع ومقالات تعارضها، ولكنها تحجب ما يدعو الناس للتحرك الإيجابي وتغيير الوضع الراهن صراحة. وقد حاولت الكاتبة تنبيه الناشطين لموضوع أن أدوات الثورات المضادة التي تستخدمها الحكومات تتقدم وتتطور عبر الزمن، لذلك يتوجب التعامل معها بجدية وعدم افتراض غباء الخصم.

خاتمة

كما ذكرنا أعلاه، فإن الكاتبة استعرضت المشهد ونقلت شهادات العديد من الناشطين من شتى الحركات والدول، ولم تحاول إطلاق أحكام معينة، بقدر طرح المشاكل والتحديات ورسم خطوط عامة للتحرك البديل. يضعنا كتاب زينب توفيقجي أمام كثيرٍ من الأسئلة التي يتوجب على المهتمين بالحركات الاجتماعية والسياسية مناقشتها جدياً وابتداع حلول لها، والإفادة من تجارب الغير. قامت الكاتبة بنشر الكتاب تحت رخصة المشاع الإبداعي، ويمكن الحصول على نسخة من موقع الكتاب.

https://www.twitterandteargas.org/

موقع الجمهورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى