صفحات سورية

ثاني صرخة ألم للنظام السوري: اين صور كاميرات المراقبة


معن عاقل

لم تتأخر صرخة الألم الثانية للنظام السوري بعد صرخته الأولى المتمثلة بتوقيع برتوكول المراقبين، لكن الصرخة هذه المرة جاءت مخنوقة، والأهم مدروسة، فالتفجيران اللذان استهدفا مقرين أمنيين جاءا ضمن إطار خطة مسبقة ربما نسيها  الكثيرون، وهي تعد بحق، أكمل وأعقد مؤامرة في التاريخ، إنها خطة ومؤامرة بندر بن سلطان التي نشرتها وروجتها أجهزة الأمن السورية ووسائل إعلامها منذ اللحظات الأولى للإنتفاضة، وما لبث أن نسيتها لتحل محلها المؤامرة القطرية وبعدها المؤامرة العربية ثم المؤامرة الكونية.

وسائل الإعلام  السورية و أجهزة الأمن التي سارعت لإتهام القاعدة بعد دقائق من التفجيرين معلنة عن نتائج تحقيق   أولية هي الأسرع  في التاريخ ،ربما لم يسبقنا اليها  أحد سوى اللبنانيين عندما وجهوا  اتهاماتهم باغتيال  الحريري بعيد  الانفجار بقليل، تناست، بغمضة عين، أن لجان تحقيق متخصصة عديدة شكلت لمتابعة قضايا أخرى، بعضها منذ شهور طويلة، لم يصدر عنها أي شيء، وعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يصدر شيء عن اللجنة المكلفة بالتحقيق في  أحداث درعا، ولم يحاسب أحد، لا عاطف  نجيب ولا  فيصل كلثوم، ولم يعرف الشعب السوري حتى إن كان بريئين أم مذنبين، كما لم يصدر شيء عن اللجنة القضائية المشكلة من الرئيس لمتابعة شكاوى المواطنين خلال الأحداث، والأطراف في اللجنة الأخيرة أنها في بعض القضايا برأت مذنبين معروفين بالإسم.

التفجيران حدثا في مربع أمني مراقب جيداً بالكاميرات، والفاصل بينهما  دقائق، وجاءا بعد يوم واحد من وصول طليعة المراقبين، وبعد أيام من تهديدات المعلم لهم، وبعد توقيع البرتوكول دون إجراء أية تعديلات جوهرية عليه، بعكس ما ادعى المعلم، والأهم بعد جمعة منصرمة مشتعلة، وفي صبيحة جمعة جرى الإعداد لها استقبالاً لمراقبين لا يعول عليهم الشارع السوري بشئ، وبالتالي من الطبيعي جداً ألا يصدق أحد رواية القاعدة، ولا  أية رواية أخرى، بانتظار أن تتكشف معلومات جديدة عن الحادث.

وبما  أنه لا شيء مؤكد حتى الآن، فإن الأكاذيب التي سوقتها السلطة منذ بداية الانتفاضة حتى الآن، تجعل من روايتها كذبة جديدة لا يصدقها أحد إلا السلطة  نفسها، وبالتالي فإن ردود الفعل الأولية  الشعبية والمعارضة تندرج في سياق طبيعي، ملخصه السلطة كاذبة حتى يثبت العكس، والانتفاضة صادقة حتى يثبت العكس، وكافه ردود الفعل المكذبة لرواية السلطة، المستندة إلى التجربة السابقة والتحليل المنطقي، وهي قطاف طبيعي لسلطة لم تستطع أن تقول أي حقيقة سياسية أو أمنية منذ أكثر من عشرة أشهر، ولم تزل تكرر مأساة الراعي الكذاب، ويبدو أنها ستظل تكررها حتى يأتي الذئب ويأكلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى