صفحات العالم

ثورة الربيع العربي في الجامعة العربية


جون لين

“قطر تقتنص لحظتها في الزعامة”

لم تتغير النظرة العامة للجامعة العربية على مدى سنوات عن كونها ناديا صغيرا للطغاة والحكام الفرديين في العالم العربي.

اجتماعات وزارية تعقبها مؤتمرات قمة تعقبها اجتماعات وزارية، وكلها بلا تأثير يذكر على حياة العرب العاديين في هذه المنطقة المضطربة.

غير أن مقر الجامعة العربية لا يبعد أكثر من 200 متر عن ميدان التحرير وسط العاصمة المصرية القاهرة.

وتأثير الاحتجاجات التي جرت هناك وأزاحت الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم لا يزال يتردد في القاعات الرخامية لمبنى الجامعة.

في آذار/مارس الماضي صوتت الجامعة لصالح فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا. أدت تلك الخطوة إلى قرار من مجلس الأمن ومن ثم تدخل حلف شمال الأطلسي. لم يكن ذلك ليحدث لولا تصويت الجامعة العربية.

والآن وفي خطوة تماثلها إثارة صوتت الجامعة العربية لتعليق عضوية سورية ردا على ما يجري فيها من عنف مستمر.

تتم الآن دعوة معارضين سوريين ممن كانت الدول الأعضاء في الجامعة تتجاهلهم بخفة أو حتى تقمعهم. هم يدعون الآن إلى داخل الجامعة كي تساعدهم في تنسيق جهودهم.

وكل ذلك يتم دفعه لا بيد مصر الزعيم التقليدي للعالم العربي وإنما بيد قطر الضئيلة التي يرأس رئيس وزرائها حمد بن جاسم آل ثاني اللجنة الوزارية بشان سورية.

ويتساوى هذا الخط المتصلب نحو سورية النابع من العاصمة القطرية الدوحة تقريبا مع الموقف المتشدد لجارتها، السعودية.

رسم العالم العربي من جديد

وتتم الآن إعادة رسم الخريطة الدبلوماسية للشرق الأوسط تقريبا بنفس سرعة سقوط الحكومات والأنظمة فيه.

كان رد الفعل الفوري لسورية هو مهاجمة الجامعة كأداة في يد الولايات المتحدة.

وهذه تهمة فيها مفارقة بالفعل، إذ توجه لهيئة طالما اعتبرت عدوة للحليف الأول للولايات المتحدة في المنطقة، وأقصد إسرائيل.

وفي الحقيقة فإن ما يجري حاليا هو أشد تعقيدا.

فقطر تستغل الاضطرابات الجارية في المنطقة لتقتنص لحظتها من الزعامة.

وبقية الحكومات تدرك تماما أن بقاءها هي الأخرى قد يصبح قريبا على المحك.

حتى السعودية ـ التي لم نشهد فيها ما شهدناه في غيرها من تظاهرات ـ تشعر بالقلق الشديد إزاء خطر امتداد الانتفاضات إليها.

وهذه هي فقط البداية في التغيير.

وإذا ما خسر بشار الأسد رئاسة سورية ـ كما يعتقد بذلك معظم جيرانه العرب ـ فستفقد إيران موطئ قدمها الرئيسي في العالم العربي.

وسيتوجب حينئذ على الدول العربية الأخرى أن تقرر ما إذا كانت ستتقدم لتوفير الدعم لحماس وحزب الله.

والحكومات الجديدة في تونس وليبيا ومصر هي مجرد البداية في تغيير المعادلة في الجامعة العربية.

وبينما تكتسب هذه الحكومات شرعية ديمقراطية ستتغير تفاعلات الجامعة الأبد، خاصة إذا ما نجحت الثورات في أماكن أخرى.

والآن، نظريا، يفترض أن تكون الدول الأعضاء في الجامعة منقسمة بين الدول الديمقراطية وتلك الواقعة تحت حكم فردي.

لكن، وفي الأشهر القليلة الماضية، قامت بخطوتين من أشد ما اتخذته من خطوات حاسمة في تاريخها الذي امتد حتى الآن 66 عاما.

المزيد من بي بي سيBBC © 2011

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى