صفحات سورية

ثورة الشعب السوري تدفع ضريبة الثورات…

محمود عباس
الجزء الأول
أولاً – اختلافات القوى المعارضة، والمخاض العسير للثورة السورية…
ظهرت الصراعات بين قوى المعارضة السياسية المتنوعة، والإثنية في سوريا قبل إسقاط السلطة، وهي خطوات إستباقية أثرت وستؤثر بشكل عميق على مخاض الثورة، أطالت وستطيل من عمر السلطة الحالية، بعكس ما آلت إليه الثورات السابقة، والتي إنبثقت فيها الصراعات بين القوى السياسية واستفحلت فيما بعد، وما نشاهده من الصراعات السياسية والعسكرية في كل من ليبيا وتونس ومصر واليمن، ليست سوى تناقضات إثنية وسياسية وفكرية كانت مطمورة، كشفت وبرزت بشكل واسع وبقوة على الساحة بعد اسقاط السلطات، والتي أدت إلى أن تبحث جميع الأطراف السياسية، والإثنية، والمذهبية، التي كانت مشتركة حتى البارحة في اسقاط النظام، عن مكان لها في الإدارة الجديدة، ومراكز لها في السلطة الحالية، أو الدولة الديمقراطية الحديثة. سيطول هذا المخاض، فالثورات مستمرة، وهي لا تزال في بداياتها، الصراعات ستبقى، والتحديات غير سهلة، وهي مستفحلة الآن بين القوى الإنتهازية وقوى الثورة الحقيقية، وهي الآن تستفحل بشكل واضح بين قوى المعارضة السورية، والحركة الكردية جزء من هذا الصراع، والأجندات الدولية تنخر في جسم المعارضة الخارجية، وتنهشها وتبعدها عن أهداف الثوار في الداخل.
دققت الرأسمالية العالمية مع القوى الدولية والحركات السياسية والفكرية المتنوعة التي تنتهز الفرص أو التي تتكالب على الوطنيات، وبجميع مشاربها، في الخطوات الأولى للثورات التي تمكنت من تغيير السلطات الدكتاتورية، والتي لم تؤدي سوى إلى سيطرة تيار واحد أحد على السلطة بفروعها الثلاث، يتحكم بجميع بنى الدولة، ويسيطر على تدوين الدساتير القادمة، وهو التيار الإسلامي السياسي، أي كانت المسميات الليبرالي، أو السلفي، أو الراديكالي، جميعهم في كفة الروحانيات المناهضة لقيم ومفاهيم الحضارة الإنسانية المعاصرة، لذلك راجعت هذه القوى جدولة أعمالها وعلاقاتها وطرق مساندتها للثورة السورية، حيث هي آخر الثورات في الفترة الراهنة.
التخطيط المبطن، لهذه التيارات، للقادم ما بعد سقوط النظام، وإعتمادهم على الحراك الخفي مع الخبرة والتجارب والعمر الزمني في الصراع السياسي والتي استغلوها بدقة، أدت إلى نتائج قيمة لهم، مكنتهم من تغيير مسالك الثورة الأساسية ومن ثم السيطرة السهلة على كل مفاصل السلطة. إلا أن جميع خدماتهم ستصب ليس في خدمة الثورة والمواطن بل في خدمة سلطة وحكومة تحكم بشمولية وتحت شعار المشيئة الإلهية، حيث لا يحق للمواطن الإعتراض عليه ولا على الدستور الذي سيكون ممزوجاً بآيات قرآنية، والذي لا يسمح بالنقاش عليه، وستؤدي هذه في القادم من الزمن إلى تباطئ مؤقت لسيطرة مدارك الثورة الاساسية التي أينعت من مفاهيم الحضارة الإنسانية الحالية، هذه المفاهيم التي تفصل المواطن المتمسك بواقعه المادي الجمعي، عن السلطات الشمولية الفردية أو الجمعية الدينية. الإستخدم المتوالي للمنابع الإلهية كواجهة، والباحثة في معظمه عن الروحانيات الذاتية الكامنة في ماوراء العقل، ستؤدي إلى نتائج سلبية على المجتمع عامة، ستؤدي إلى بروز الثقل السياسي والإجتماعي لمفاهيم شباب الثورة، ولا نستبعد أن تشمل هذه المسيرة ويحدث التغيير في مراكز القوى وتعزل القوى الإنتهازية من المجتمع بعد دورتين إنتخابيتين.
انتبهتْ إلى هذه المعضلة التيارات العلمانية، والثوار الشباب اصحاب الثورة الحقيقية في سوريا، والحركة الكردية، فأدت إلى بروز صراع بين قوى المعارضة الخارجية المتنوعة. الصراع كان خفياً في بدايات الثورة، لكنه توضح في الفترة الأخيرة. وفي مقدمتهم:
1 – التيار الإسلامي، الذي أنكمش بشكل مؤقت عن المسرح الإعلامي، ومعهم وعلى مدى شهور خفت لهجة الدولة التركية وحراكها الدبلوماسي والسياسي. غابت المؤتمرات عن الحضور على الاراضي التركية، إلى أن راجعت هذه القوى جدولة اعمالها، ومخططاتها، لتعود ثانية إلى مسرح الأحداث بخصوصية منمقة، ودبلوماسية مرنة، مع إبراز جديد لراية الوطنية، وبشكل معاكس، وعلى نفس المسارح السابقة، قاعات فنادق استانبول، حيث الإحتضان التركي الملفق بأجندات مشتركة ذاتية، مغطاة بعباءة الوطنيات، فكان المؤتمر ” المركز ” إسلامياً، والذي خرجوا منها بجملة قرارات، منها: إنهم لايطمحون إلى سلطة إنفرادية بل غايتهم دولة ديمقراطية، مدنية، إسلامية، على غرار الدولة التركية، والتي في حقيقتها لا تعترف في دستورها بأي أقلية إثنية أو طائفة دينية غير الطائفة السنية. رغم القرارات الشكلية عن حقوق الأديان الأخرى، والمرأة،إلا أنهم ألغوا حقوق القومية الكردية معتمدين على إيديولوجيتهم السياسية الدينية ومعها يراعون أجندات الدولة الطورانية. الوثيقة التي أنبثقت عن مؤتمرهم، المنفرد إسلامياً، تبين مدى سيطرة حكومة اردوغان و بعض الحكومات العربية كالسعودية وقطرعلى المعارضة الإسلامية السورية في الخارج، كما بينت على إنهم لم يقدموا أية خدمة نوعية للثورة السورية ولا للشعب السوري ولم يدفعوا إلى تغيير نوعي في العلاقات الدولية لا للمعارضة بشكل عام ولا للهجتهم نحو السلطة السورية، جل نشاطهم تتركزعلى السيطرة السياسية على الثورة وعلى السلطة القادمة، وخطة الطريق لديهم في معظمه كانت تتركز على هذه النقاطن، وما بروز اسم القرضاوي ثانية وبشكل مفاجئ على مسرح الأحداث سوى حلقة من حلقات الصراع المستفحل بين قوى المعارضة الخارجية، بل هي الحلقة الأهم. الشخصية المحورية في قوى هذا التيار الذي ألغى في لحظة وجوده على منصة ساحة التحرير رواد الثورة، والذي تركز بشكل ما في شخص الشاب ” وائل غنيم ” عند منعه من الوقوف معه على المنصة، وهي كانت نقطة التفرد بالسلطة من قبل التيارات الإسلامية، والتي انتبه إليها بشكل واضح شباب الثورة والتيارات العلمانية فيما بعد.
2 – بالمقابل ظهر تحرك أقوى للقوى العلمانية، يمثلهم المجلس الوطني السوري بشكل واسع، بدعم من فرنسا وأمريكا في بعضه، فكانت المحاولة الأخيرة لإعادة الحسابات ولم الشمل وإزالة الخلافات المستفحلة بينهم، فكان مؤتمر استنبول في 27-3-2012، اللاحق لمؤتمر الإخوان المسلمين، شاركهم فيها الحركة الكردية ومعظم تنسيقيات الشباب في الثورة السورية، بإستثناء هيئة التنسيق الوطنية في الداخل! على أمل تكوين تكتل قوي يكون مواجهاً للقوى الإسلامية في المعارضة السورية، خاصة بعد الإنشقاقات المتلاحقة لشخصيات مهمة من المجلس السوري، بين هذا وذاك، ظهرت نتائج عكسية ستؤثر لاحقاً سلباً على الثورة السورية بشكل عام، فقد أغلقت الأبواب في وجه الحركة الكردية، وعزلت عنهم بهذه الطريقة المنطق الوطني الذي يرفعونه في المسيرات اليومية في المناطق الكردية، كشعار اساسي للثورة، وكيان كلي متماسك داخل جغرافية الوطن السوري، كما وأنهم بهذا رجحوا مفاهيم القومية العربية أو الكردية في سوريا على المفاهيم الوطنية، الذي كان محور صراع بين القوى الكردية نفسها، ونأمل بان لا تؤدي هذا التخلي الصريح والواضح عن مطالب الكرد القومية بشكل عام إلى غياب عامل الترابط الوطني بين الحركة الكردية وبقية اطراف المعارضة السورية، والبادرة هي بيد القوى العربية المعارضة.
أظهرتا البيانين الختامييين للمؤتمرين الإسلامي، والعلماني أي المجلس الوطني السوري والمشاركين معهم، عن تخلي وتراجع فاضح للمقررات السابقة لهذه القوى، والتي كانت قد اقرت في مؤتمراتهم الأولى، ومنها مؤتمر تونس الأخير، والتي تواجدت فيها جميع القوى المعارضة وتحت إشراف الجامعة العربية. نسيت المعارضة السورية أن تركيا تطبع بفعلتها هذه الحقيقة التاريخية العنصرية، يوم ألغت الحقوق الكردية الواردة في قرارات مؤتمر لوزان الدولي من جدول أعمال مؤتمر سيفر في بداية القرن الماضي، ونحن الآن في بداية القرن الحالي نشهد تكرار مشابه لتلك، مؤتمري إستانبول المتتاليين معاً يلغون القرارات المتفقة عليها في مؤتمر تونس، والتي كانت قد بينت بشكل جزئي وغير كامل حقوق الشعب الكردي.
المحاورات والمداولات التي سبقت المؤتمر الآخير أو التي كانت تجري في أروقة مخفية عن أنظار الحركة الكردية بشكل خاص، ركزت وخصصت على عملية الإقصاء المتعمد، وبإسلوب ممنهج، كانت الخلفية بسبب تفضيل التيارات العربية العلمانية والإسلامية أجندات ومصالح دول خارجية، وفي مقدمتهم تركيا، على مستقبل وأهداف الثورة السورية والمصلحة الوطنية العامة. تسابقت هذه القوى بين بعضها على مدى عروبتها والتشديد على عروبة سوريا، ليوسعوا الإمتداد الوطني إلى خارج الحدود الجغرافية السورية، المشابهة في بعضه لمفاهيم العروبة عند البعث، ملغين بهذا: الإمتداد الوطني الكردي، ومفهوم الوطن السوري للمجتمع، والإبقاء على المدارك والمفاهيم التي تنادي بالأنا الملغي للآخر، وعدم الإعتراف بمكون آخر خارج المكون العربي في سوريا، كوطن كلي.
برزت النتائج السلبية للمؤتمرين المتتاليين، المنعقدين على الأراضي التركية، وسوف تؤدي هذه النتائج إلى: عرقلة مباشرة في مسيرة الثورة، وتطويل عمر السلطة الحالية. هؤلاء المؤتمرون، الذين هم ممثلون عن الثورة، ورغم الإختلافات الإيديولوجية بين التجمعين، إلا أنهم إتفقوا على حقيقة مؤسفة، وهي القضاء على أحد أهم البنى الأساسية للثورة السورية، وهو البناء الديمقراطي للوطن.
الجزء الثاني
ثانياً – إنعكاس دراسة النتائج الأولية للثورات السابقة على مسيرة الثورة السورية…
تجاوزت عدد المؤتمرات والكونفرانسات التي عقدت بين قوى المعارضة السورية الحد المعقول، والنتائج لا تزال في الدونيات، في الوقت الذي أجليت الدكتاتوريات من أوطان الثورات السابقة بدون عقد مؤتمر يذكر، والذي حدث كان لتشكيل اللجان التنفيذية الإنتقالية. المعارضة السورية الخارجية في حراكها منذ بداية الثورة حلقت في ضبابية المفاهيم المتناقضة ونزلت إلى أرض المستنقعات، حيث الأيادي والإرشادات والأجندات العربية والدولية تجاوزت من أن تتحملها هذه القوى بكل أطرافها القومية والدينية. نهشت جسم المعارضة السورية في الخارج، وعزلت بشكل عملي في بعضه عن الواقع الثوري في الداخل، ولم تتمكن من القيام بالدور المطلوب، كممثل للثورة في الخارج وبين القوى الدولية، وهمشت في العديد من المحافل الدولية حتى تلك التي كانت تبحث في الثورة السورية.
وجهت القوى العربية والدولية إهتماماتها على صراع ذاتي، الكل يستعملون الثورة السورية لغاياتهم، الثورة الشبابية السورية أصبحت البوابة التي تمرر منها الجميع، مصالحها، يدرسون القضية وينظرون إلى مأساة الشعب السوري وصراعه مع السلطة الدكتاتورية الشمولية من منطق إطار حقوق الإنسان، والمعارضة الخارجية لا تزال تبحث في البنود التي ستجمعهم، أطراف تلغي أطراف من الساحة، تحت مفاهيم وغايات مختلفة، الكل يتهم الكل. خرج الجميع من مؤتمري إستانبول الأخيرين بقرارات قيل بإنها كانت ناجحة، نصف المعارضة الخارجية بقيت في الخارج والنصف الآخر تتحكم بها تركيا ودول أخرى لغاياتها! هناك من يهمش أهداف الثورة والثوار في الداخل.
إلى جانب القضايا التي ذكرناها في ” الجزء الأول ” من مقالنا هذا توجد على ساحة الثورة السورية قضايا خارجية تعرقل المعارضة وتؤخر نجاح الثورة ويمد في عمر السلطة الحالية، نبتت وتفاقمت واصبحت من المعوقات في تأخير نجاح الثورة، وهي:
1 – توضحت، على خلفية دراسة الثورات السابقة، أهمية توزيع المصالح الدولية في المنطقة، والتي كانت هناك شبه واضحة، الكل كان متفق على نوعية العلاقات والحصص السياسية والإقتصادية. لكن في الثورة السورية برزت التضاربات الواضحة في مصالح الرأسمالية العالمية، والعلاقات الدولية. رغم قناعتنا بأن الرأسمالية العالمية تجاوزت حواجز الحدود الجغرافية منذ عقود، لكن ظهور إمتعاض روسي وصيني على نسبة مصالحها في المنطقة خلال هذه الشركات وعلى مدى نفوذها السياسي وسيطرتها العسكرية اللاحقة لها، أدت إلى إعادة جدولة حساباتهم مع الدول الاوروبية وأمريكا، فأصبح الشعب السوري الضحية والقربان. استعملتا الثورة السورية كحلقة صراع وورقة ضغط على إعادة جدولة التقسيم العالمي للرأسمالية في المنطقة، فكان التهميش الواضح في المحافل الدولية للمعارضة السورية في الخارج، وكان غياب الزمن عند كل حضور أو إتفاق، حيث الشعب السوري كان ولايزال يدفع الضريبة الفظيعة. السلطة تكسب عمراً، رغم أن مصير أنتهائها مقرر، لكن الزمن لم يحدد، وتوضع العراقيل على سيطرة الثورة بشكل تام على الوضع. والصراع الشيعي السني تندرج في خضم هذا الصراع من الناحيتين الإيديولوجية والسياسية.
2 – الثورة السورية دفعت وتدفع غالياً ضريبة الأخطاء التي سايرت الثورات السابقة، وهي الآن تدفع ضريبة صراع القوى الداخلية على من سيسيطر على الحكم، ومن سيضع الدستور، وعلى أية منهجية؟ وكيف ستكون عليه السلطة القادمة؟ ظهر رفض واضح على الساحة السورية لسيطرة مشابهة لسيطرة الإخوان على مصر، وبرز الصراع بين الإثنيات الموجودة على الساحة التي كانت قد ألغيت وهمشت في الثورات السابقة. لكن بدأت تظهر دراسات سريعة لمسيرة الثورة السورية المشابهة في بعضها لمسيرة الثورة الليبية، والتونسية، اللتين همشتا حقوق الأمازيغ، والطوارق، والبربر، وفي مصر حقوق الطائفة القبطية اصحاب الأرض الأصليين، وقد إنتبه إليها الكرد والطوائف والأقليات الأخرى في سوريا منذ الشهور الأولى للثورة، فكانت هناك توافقات جزئية مقبولة من بعض الأطراف ومن الجهتين، لكن تشتت الحركة الكردية وتوزعها بين المواقف المختلفة أدى إلى تهميش لها آنذاك وتهميش كلي لها الآن، تشتتهم هذا لم تؤثر فقط على ثقلهم السياسي في المنطقة بل على مسيرة الثورة السورية بشكل عام، وستبقى كلمتهم ناقصة وهم في هذا الصراع الداخلي القومي والوطني.
ما يحدث الآن بين قوى المعارضة الخارجية وبعد سنة من عمر الثورة، إثبات على محدودية قدراتها أمام الإملاءات الخارجية، الخروج من المؤتمر العام بوثيقة وطنية ناقصة وغير معترفة بها من قبل جميع الأطراف، تأكيد على إنه هناك قوى تدفع بهذه المعارضة إلى الساحة السياسية بجسم مثخن، وأطراف متناثرة، وأجزاء ملغية. لن تؤدي سوى إلى عرقلة الثورة والتأخير في نجاحها، والذين يقفون ورائها هم قوى تحسب نفسها مع المعارضة، لكنها لا تؤمن بإسقاط النظام رغم رفعها للشعار! كانوا ولايزالون يتصارعون من اجل مصالح في السلطة، منهم الإخوان المسلمون، وبعض القوى العروبية التي لا تزال لم تتخلص من الثقافة العرقية التي نشرتها البعث وعلى مدى عهود، ثقافة الأنا الرافض للآخر كشريك في هذا الوطن. هؤلاء معاً يدعمون بشكل غير مباشر الثقافة العنصرية، فالتعصب الطائفي لدى بعض التيارات، لا تختلف عن التهميش والتعصب الذي جرى بشكل عام في عهود الطغي ضد القوميات والمذاهب الأخرى في الوطن من قبل الطائفة العلوية والسلطة الحالية، رغم إننا مؤمنون بأن البادي أظلم. تيارات من المعارضة تتشابه في بعض المفاهيم مع أولئك الذين همشوا حقوق الكرد والأقليات والطوائف الأخرى عن سابق دراسة وتصميم، ويدخل بين هؤلاء مجموعة من هيئة التنسيق الوطنية في الداخل، كل هؤلاء الذين يفرضون نفسهم على المعارضة سوف لن يتأخروا حتى عن التنازل في مساندة الثورة حال حصولها على بعض المراكز في السلطة الحالية وسوف يقبلون بالحوار أي كان بنيته.
تشتت المعارضة لا تتوافق ومدى تماسك ووطنية الثورة في الداخل، المعارضة في الخارج تتصارع على المراكز، سمحت بقوى في فرض أجنداتها، تحت حجج متنوعة، منها التلاعب في المفاهيم بين الوطن والمواطن والقومية والأولويات والثانويات، وهم في عمق القضية يؤججون الصراع عند عرض حقوق القوميات ك” القومية الكردية ” والأقليات والطوائف الأخرى، ومحاولة بعض القوى العربية والأحزاب الكلاسيكية كالتيار الإسلامي يغلفونها بمفاهيمهم ومداركهم الملتوية وتحت حجج مبطنة وقناعات ضحلة، معظم هذه الأطراف الأن تتصارع على مراكز القوى بعد سقوط السلطة، قبل الإهتمام بقية الوطن والمواطن.
الصراع على الساحة السورية سيكون أفظع ” كما هي الآن ” من الصراع الذي حدث على ساحة الثورات السابقة بعد الإستيلاء على السلطة، لإن جميع هذه القوى لا تزال لا ترى مخارج للإتفاق رغم إنتباهها المبكر لهذه القضايا، وسوف لن تصل إلى أية نتائج ترضي القوى الوطنية المهمة في المعارضة على الأقل، وذلك بسبب الضغوطات التي تأتي من خارج جغرافية الوطن، بل ستكون الثورة السورية النموذج الأسخن والأهم من كل الثورات كما هي الآن، وستكون كذلك بعد سقوط السلطة الحالية، السلطة الدكتاتورية التي ستزول وبالتأكيد، ستخلف دمار فظيعاً على أرض الوطن بشرياً، وإقتصادياً، وبنيوياً، وسياسياً.
د. محمود عباس

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى