مراجعات كتب

جان ـ بيار فيليو يضبط وقت “الشرق الأوسط الجديد” على ساعة الثورة السورية/ وضاح شرارة

ثورة من تحتِ وداخلِ وحاضرِ رداً على تاريخ فوقي وخارجي ومفوَّت؟

يصدِّر جان بيار فيليو كتابه “الشرق الاوسط الجديد/ الشعوب على توقيت الثورة السورية” (أواخر تشرين الاول 2012، باريس، مكتبة آرتيم فايار) برواية طرفة أو خبر من أخبار سوريا “الغائمة” او المضطربة في 2012، اي السنة التي كتب في اثنائها كتابه الثاني في “الثورة العربية”. والخبر يروي حكاية ضابط سوري انشق عن جيش النظام و”عصاباته”، ويقسم في أواخر الشتاء بشمال غرب البلاد على علم الاستقلال أمام جمع من المقاتلين المسلحين التزامه التنديد بجرائم عصابات النظام وحماية المتظاهرين والابرياء، جنباً الى جنب الجيش السوري الحر. وتستخف الحماسة الضابط، وهو يختم قسمه، فيهتف، على ما هتف على الدوام طيلة “حياة عبودية” متأصلة: “عاشت سوريا الاسد!”. فينفجر الحضور بالضحك. ويعقب الكاتب على الخبر، ويمهد لإهدائه عمله، فيكتب: “هذه هي الحرية، أن تدرك مدى إذعانك من قبل وأن تضحك منه”. فالضحك هو وليد الايقان بأن الرجوع الى ما مضى أو استئناف الماضي مستحيل، وبأن غاشية الموت لا تعف عن مكان أو عن أحد والحياة على وشك الانتصار: “هذا الكتاب هدية (مهدى) الى كل الذين ضحكوا وانتصروا”. ويعلِّق بصدر الصفحة التالية شاهداً من “يوميات ديكتاتور” (2011) لزكريا تامر، كاتب الأقصوصة السوري، يجري على لسان الطاغية قوله أنه رفع جداراً بينه وبين شعبه، ليس خوفاً من شعبه على ما حسب الاغبياء، بل حباً به، و”حماية له من غضب(ه)”.

حرية وقتامة

والحق أن الاهداء والتصدير يستوقفان القارئ، وهو أحد القراء الكثر على ما أرجو، أو قد يستوقفانه في ضوء الكتاب كله وصفحاته الاربعمئة، وفيها نحو 70 صفحة من الهوامش والملاحق والمراجع والفهارس. فهتاف الضابط المنشق بحياة “الاسد”، والاسد الاب لم يتورع عن “ملاعبة” الأبد (على مثال ملاعب الأسنة، الفارس والشاعر) وهو يعاني سكرات المرض الفاتك، يقود الى الضحك من طريق “انفجار” التناقض أو التفاوت الحاد بين حاضر القسم، المنقلب على الابد الاسدي، ودوام “التعييش” الآلي أو الميكانيكي الذي يفترضه سارياً ونافذاً. وفيليو يقف معنى الضحك في المشهد الطريف وخبره على التناقض هذا، وعلى إدراك المفارقة ومباغتتها الشهود حين هم يحتفلون بما يحسبونه طيهم، من غير لبس، ماضي عبودية اعتادوها وسلموا بها دهراً أو أبداً عصى الطيَّ وامتنع منه. والقول ان معنى الضحك، في هذا الظرف أو هذه الحال، هو الحرية، لأنه إقرار أو تقرير بالتخفف من ماضٍ ثقيل، اجتزاء مجحف وشديد التفاؤل.

والتأويل يغفل بعض إيحاءات المشهد وتلويحاته القاتمة. فالضابط العتيد انتظر سنة كاملة، على ابتداء الثورة والقيام على الطاغية الشاب، اقترف هو وعصاباته وميليشياته و”جيشه” (رغم كل شيء) في اثنائها الفظائع والجرائم التي تدينه، ولا يبرئه شهود مبايعته علمَ الاستقلال متأخراً من ارتكاب فظائع أُمر بارتكابها في اثناء السنة المنصرمة، وأطاع الامر طاعة صاغرة أو متحفظة، فسلم رأسه من الجز والاطاحة. ولا تخفى في صوت الضابط نبرة الانكار والتنصل: فهو يقسم على ألا ينصاع بعد اليوم لما انصاع له وسكت عنه وسوغه من جرائم في حق المتظاهرين. فالشهود قوامون، شأن “الثوريين” على العموم، على طهارة المقاتلين، ليس حاضراً أو مستقبلاً وحسب، بل ماضياً كذلك. والشكوك في ازدواج بعض الانصار والمقاتلين الجدد ليست كلها تهمة ظالمة، ولا افتئاتاً خالصاً، حين “يتمتع” العدو بالمقدار الذي تتمتع به “العصابة” من المراوغة والمخاتلة والتحلل من قيود المحظور الاخلاقي والانساني. فالضحك، والحال هذه، الضحك الصريح والساخر من النفس، يجلو مفارقة الجمع بين ترك “غاشية الخنوع” (محمد مهدي الجواهري) وبين إزمان لغتها ودوام هذه اللغة وشعائرها. ولكن لا يؤمن ألا يضمر هذا الضحك كذلك، حين امتحان الهزائم ويقظة الشكوك وانفجار الخلافات أو “مثلث” النفط والطائفية والعنف الأسود، سؤالاً عن طوية صاحب القسم الجديد، واستقامة عهده وقوة التزامه. فيسأل بعض الحضور نفسه، في أثناء الضحك أو بعده: ألم يفضح الهتاف ركاكة “إيمان” الضابط المعلن وحقيقة ولائه؟

والإيحاءات الستالينية والبوليسية التي تنم بها هذه الملاحظات المتشككة لا تقتصر على إساءة الظن في صريح المعنى، ولا تزعم الفطنة. ولكنها مرآة التباس الاحوال السياسية، من غير شك، والوجدانية والبلاغية “العربية”، والسورية على الخصوص، كذلك. وعلى المنوال نفسه، لا أرى موجباً للاعجاب بخاطرة زكريا تامر، وانتخابها أو تعليقها بصدارة الكتاب. فهي لا تعدو طباقاً على افتراض عداوة الطاغية لـ”شعبه”، وبغضه له. فيقلب الكاتب الافتراض الى خلافه ونقيضه، ويجعل الحب والحماية محل البغضاء. ويوكل بالضد اللفظي وغير المتوقع، والعصي تخيله على “الاغبياء”، اجتراح معنى عميق ولا يدرك قاعه أو غوره، ويلقي بالتبعة عن إدراك العمق على القارئ وحده. ومثل هذا كثير في بعض الشعر العربي “الحديث”، على مثال طباق “الإقامة في التيه” المعروف والعريق. ومسايرة جان بيار فيليو إيجاب المعنى وحقيقته من غير دليل أو شبهة، هي تثنية على فعل تامر، وتزكية له ومشايعة عليه.

داخل / خارج

وظاهر ما تقدم أنه تقويل عشرة أسطر نافلة، هي من حشو الكلام، وتمهيده، ما ينبغي ألا يُحمّله المتن الصلب والتحليل المتماسك. وهذا صحيح لولا تجاوب وتواشج قويان ومتينان يشدان حشو الكلام الى صلب التحليل والتعليل. فما يؤخذ (آخذه) على المتن والاحتجاج في أعقاب قراءة متقصية، على زعمي، هو ما قد يؤخذ على افتتاحه وتصديره الخاطفين والمستعجلين. فالكاتب يحتج (على معنى كتب الاحتجاج الديني والاعتقادي وعلى شاكلة الاسقف عمار البصري في منتصف القرن التاسع م أو أفلاطون في سقراط) لرأي يراه في “الثورة العربية” في صيغة الفرد، وهو قصد، في كتاب وسابق طبع أيلول 2011 (عن مكتبة فايار، باريس)، جميعاً من تونس ومصر والبحرين وليبيا واليمن وسوريا، الى الجزائر والمغرب وفلسطين… ويذهب فيليو الى ان “الانتفاضة الديموقراطية” العربية، في فصولها المتفرقة والمؤتلفة، هي جواب من تحتٍ (شعبي) وداخلٍ (اجتماعي وتاريخي) وحاضر معاصر عن معضلات البناء المصنطع، الخارجي والاستعماري، الذي فرضته القوى المتسلطة على الشرق الاوسط عشية الحرب العالمية الاولى، من طريق السلطنة العثمانية، وغداتها الانتدابية.

وهو يعني بالاضطلاع، الفوقي والخارجي والفائت أو المفوَّت زمناً ووقتاً، أموراً كثيرة، معظمها مضمر، مثل تقسيم بلدان الشرق الاوسط الى دول وكيانات سياسية وحقوقية جديدة ومبتدعة. فهي لم تستأنف كيانات على شاكلتها، داخل حدود جغرافية وأهلية وسياسية وثقافية راسخة ومتعارفة. وهو يمثل على رأيه هذا، بديهةً، بسوريا، “العربية” قوماً، والسورية أو الشامية طبيعة وأرضاً وتاريخاً امبراطورياً قديماً. فسوريا هذه، على نحو ما استقرت في حدودها الجمهورية والانتدابية بعد وأد “الحلم” الفيصلي الهاشمي والعسكري العثماني والاعياني المحلي، خرجت من نظام الولايات، وهو نصبها على رغم تقلبه الرجراج “قلب” الولايات العربية، الى نظام دول (-أمم) قسمها، على خلاف منطقه وأعرافه وما ندب إليه، دويلات وأقاليم ومذاهب وإدارات توسَّطها، وتوسط روابطها “الرأس” الانتدابي وأداته العسكرية القاصمة. وألحقها بالساحل، البيروتي اللبناني، وبتجاره وجمركه ومرفئه و”نصاراه” وخليطه. وهذه أثارت في دمشق، كرسي الولاية الام قبل 1887، تاريخ انتخاب بيروت اسم ولاية ساحلية طويلة ومركبة، حفيظة حانقة. وسعت الادارة العثمانية، ومعها أعيان دمشق وعلماؤها وموظفوها، في إبطال الاسم والدور زماناً طويلاً. ولكنها اضطرت الى الصدوع بأحكام الوقائع الجغرافية والاقتصادية والاستراتيجية الجديدة. وهذه قضت بالاقرار بـ”حقوق” الجماعات الاهلية في السلطة والثروة والثقافة والائتلاف في كيانات اتحادية ذاتية. ولكنها، من وجه آخر، سلخت اسكندرون عن الدولة.

فيلاحظ الباحث الفرنسي والديبلوماسي السابق (كان مستشاراً أول في السفارة الفرنسية بدمشق ونائب السفير، على ما يوضح وينبه) أن “السوريين” حملوا الاختبار الانتدابي على محنة تمزيق وإذلال قاسية، أنزلتها بهم، من فوق ومن خارج، القوة الاستعمارية المنتدبة. وتماشي الملاحظة التأويل السوري، العروبي والتقليدي، السائر والمتداول في أوساط السياسيين المحليين والمتعلمين الى اليوم تقريباً. وهو يستدرك على هذا التأويل، أو على بعض النتائج التي تحمِّلها “العقيدة” العروبية إياه. فـ”العقيدة” ترى أن “التجزئة القطرية” محنة عمت الأمة، أي فعلاً المشرق القريب، وعلاجها صدارة “سوريا” وغلبتها الاقليم الاستراتيجي الواحد. ويذهب الباحث الديبلوماسي الى أن ما تراه “سوريا” تقطيعاً وتجزيئاً لم يشك “اللبنانيون” في عوده عليهم، وعلى وطنهم الكبير، توسعاً وامتداداً. ولا شك “الاردنيون” في إيلائه جماعتهم دور الحاجز بين شبه جزيرة العرب وبين المشرق، والممر الضروري بين الشطرين. وانصرف العراق الى التأليف بين حواضره الثلاث، بغداد والبصرة والموصل.

وينبه استدراك ثان الى أن احد مصادر الحقيقة والحيوية في ثورة السوريين هو تسليمها بسوريا، في حدودها الاقليمية الانتدابية والاستقلالية، دولة أمة، وإطاراً مشتركاً لجماعاتها ونزاعاتها وإجماعاتها (أو تفاهماتها، في لغة ديبلوماسية العصر). ويتخلل التعليل والسرد التاريخيين استدراك ثالث مضمر يعزو الحقبة الاسدية، والبعثية عموماً، واستنقاعها “البريجنيفي” المنهك، الى ارساء حافظ الاسد عهده الطويل والعقيم على مقايضة اقليمية متراكبة: مقايضة الإمساك الاميركي بضبط المنظمات الفلسطينية المسلحة وتوريطها وشرذمتها والحؤول دون سيطرة “الحلف” الفلسطيني اللبناني ثم الجماعة الحرسية والخمينية المسلحة على لبنان، ومقايضة المساندة السوفياتية بتسليح “اشتراكي” كثيف وبالتوسط بين موسكو وبين الخليج ورعاية تماسك “قومي” بإزاء اسرائيل لحمته مناهضة الامبريالية الغربية وحدها والسكوت عن الامبريالية السوفياتية… وتفترض المقايضة العتيدة، الاقليمية والدولية، مثالاً قومياً، وظيفياً وذرائعياً خالصاً، يشتري من السوريين استقالتهم وتسليمهم السياسيين والعلنيين لقاء “الدور” القومي والدولي المسرحي ورعاية موجباته التي لا تحصى ولا تدرك. وتنكر “الانتفاضة الديموقراطية” والوطنية الصفقة التي أرسى عليها جهاز الاسد سلطانه وامتيازات بعض دوائره، وتطعن عليها. وحسب الاسد الآخر قبيل اندلاع الحركة السورية، أن سلطانه حصين، وما يحصنه هو الصفقة “القومية” الموروثة. فخيبت الثورة، أي القيام الشعبي (تحت) والوطني (من داخل) على الاستيلاء العصبي والبيروقراطي الريعي حسبانه.

طيف “النهضة”

ويلوح في ثنايا احتجاج الكاتب لرأيه أن ثمة نظيراً تحتياً وطنياً ومعاصراً (حديثاً)، سورياً، للمصادرة، المتسلطة والاجنبية (الاستعمارية) والمفوتة، على سوريا والسوريين. ويلوح في هذه الثنايا طيف يسميه الكاتب “النهضة”، ويستعيض بالاسم والطيف عن الايضاح. ويمثل عليه بانتفاضات و”حركات” (على ما سمت مرويات درزية لبنانية انتفاضات القرن التاسع عشر المحلية) معاصرة، يروي منها بشيء من التفصيل قيام جبل الدروز، في 1925، على الانتداب، والمقاومة الانتخابية البرلمانية التي أعقبته وأفضت الى 1936 ومعاهدتها. ولا يستوقف الكاتبَ اضطلاع جماعة “طرفية”، معتقداً ومقاماً او منزلاً وعدداً، بالمبادرة الى معارضة الانتداب وقتاله. فهو يقرر الواقعة، وصفتها، فلا يدعوه تقريرها الى مساءلتها عن معناها أو معانيها، ولا عن تساميها الى منزلة “الثورة العربية”، “الكبرى” أحياناً، ثم “السورية”، تواضعاً وتمييزاً من تاليتها الفلسطينية في 1936-1939. وسبقت ثورة جبل الدروز، “جبل العرب”، في النصف الثاني من العقد الثالث، ثورة اللجا الحوراني، أي جبل الدروز الداخلي، على ابراهيم بن محمد علي باشا المصري. وأثخنت حرب الساقة، أو المؤخرة، هذه في قوات الحملة المصرية على السلطنة، وعجلت في انسحاب الفاتح “العربي” وحليفه الفرنسي من الولايات العربية المشرقية وقلبها “السوري”.

والانتفاضتان الدرزيتان و”السوريتان” على سلطانين مختلفين، وهما يفصل بينهما نحو قرن من الزمن، ليستا انتفاضة واحدة في وقتين. ولكن ما يجمع بينهما هو “المواقع” التي ينزلها القوم المنتفض: الموقع المذهبي المنفصل والاقلوي، والموقع العصبي المنكفئ والمناهض الجباية “الحديثة” على الرأس والمساواة في التسليح بين أهل المذاهب والديانات المتفرقة، والموقع البلداني والقبلي المقدم “الارض والعرض” (وليد جنبلاط مفتتحاً معركة الجبل في صيف 1983) والحرب على غيرها من المعايير. ولا تحول هذه “المواقع” بين صاحبها، القوم المنتفض، وبين عقده على العروبة الجامعة والواحدة “الى الابد”، وبنائه بها. فالعروبة، في صيغتها السلالية والحربية الغالبة (وغير الحصرية)، تجيز أو تبيح “تعليق” الجماعة الجزئية الفرعية على الاصل المشترك والمفترض من غير وسيط “سياسي” ومادي (إداري أو مالي أو تمثيلي أو عسكري). وسوَّغ هذا تصدي بعض المسيحيين “العرب” الى تصدر الدعوة “القومية” العربية وشق تيار “النهضة” تيارين فكريين على ما يلاحظ بيار فيليو عرضاً. وعلى مثالهم، معنى وليس وقتاً، تصدرت أقليات متفرقة الى “قيادة” حركة قومية طيفية ومعنوية، على شاكلة التعليق النسبي والسلالي، وغلت في تصديها وبالغت على نحو المبالغة والغلو الاسديين العلويين.

وأسهم هذا بسهم راجح في إنشاء عصبية الدولة أو عصبية السلطنة، أي في تنصيب العصبية المستولية والغالبة، وهي جزئية أو فرعية، عصبية جامعة وواحدة. ويتولى الطيف القومي، العروبي في هذا المعرض والاسلامي في معارض أخرى، توحيد العصبيتين في واحدة، من غير أن تنفكا اثنتين. وهذه العملية، اللاهوتية السياسية في جوهرها، هي ركن حمل “مصالح” العصبية المستولية على مصالح قومية مشتركة. وهي مسوغ نزع ما تتماسك به الجماعات المتفرقة، قومية أم مذهبية أم محلية أم اجتماعية أم اقتصادية، من روابط داخلية. ودخلت تحت هذا المسوغ، مع سيادة الناصرية ومثالها “القومي الاجتماعي” على هذا القدر أو ذاك، سياسات التأميم وحل الاحزاب في الحزب الواحدة و”جبهته” وبناء القاعدة المادية الاشتراكية والدولة الادارية والمرحلة “الوطنية الديموقراطية”، المتضافرة والمتواشجة. فالرابطة “القومية” المستولية تنهض على نفي الروابط والاواصر الاخرى كلها، عصبية دموية أم اعتقادية أم مصلحية أم سياسية مركبة، من غير أن يكون في مقدورها تدميرها او استيعابها ودمجها. وعلى هذا، يبطن الاستيلاء العصبي، مهما بدا مستتباً وراسخاً، اضطراباً وقلقاً. فإذا نشدت الجماعة، أو “رمادها” ورميمها، حصتها من الهوية، على قول مايكل فالزير، أو من العوائد ومن السلطة، تصدع البناء، وتزعزت أركانه. فهل يلد التداعي، على هذا النحو، ثورة من تحت وداخل وحاضر؟ لا يجيب التأريخ شبه اليومي لوقائع الثورة، على ما يصنع الكاتب، عن السؤال. وبين أواخر تشرين الثاني من العام الماضي وبين اليوم انقلبت موازين ومعايير ومقاييس انقلاباً حاداً ولكنه لا يؤذن بارتسام ما يرغب الكاتب في ارتسامه، ويقول أنه يوشك أن يرتسم، ولو على سبيل الكناية، على نحو ما ابتدأ كتابه.

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى