صفحات سوريةعلي العبدالله

جبهة إسلامية جديدة/ علي العبدالله

 

 

ماتزال أنباء تشكيل كيان عسكري إسلامي جديد يجمع ”جبهة فتح الشام” و “حركة أحرار الشام” و “كتائب نورالدين الزنكي”، بالإضافة الى “فيلق الشام” و”جيش الإسلام” و”الفرقة 13″ و”الفرقة 101″ و”جند الأقصى” و”الجبهة الشامية” و”أجناد الشام” و”جيش المجاهدين” و”صوت الحق”، تتوارد حيث تشير المعلومات الى حصول اتفاق أولى على تخلي هذه القوى عن كياناتها الخاصة وحلها واندماجها في كيان عسكري واحد، والخضوع لقيادة عسكرية موحدة تتكون من أبي عمار تفتناز (قائد حركة أحرار الشام) قائدا عاما، وأبو محمد الجولاني (قائد جبهة فتح الشام)قائدا عسكريا، وتوفيق شهاب الدين (قائد كتائب الزنكي) رئيسا لمجلس الشورى المكون من قادة الفصائل التي ستنخرط في الكيان الجديد ومجموعها 14 فصيلا، 12 منها توجهها إسلامي وفصيلين من فصائل الجيش السوري الحر هما الفرقة 13 والفرقة 101. على أن يتم، وبموازاة الكيان العسكري، تشكيل “كيان” سياسي موحد يشمل كل الأراضي “المحررة” يُختار له رئيس ويوضع له دستور جديد في ظل الشريعة الإسلامية، يضعه مجلس الشورى بعد استشارة أهل العلم الشرعي وخبراء الإدارة، بالاضافة الى إطلاق قناة تلفزيونية وإذاعة يطل من خلالها رئيس الكيان/الدولة أسبوعيا ليضع المواطنين بصورة الموقف والمستجدات، كما ستقدمان برامج هادفة لتوعية المواطنين وكسب دعمهم وولائهم. بقي الاتفاق على أسم الكيان العسكري الجديد الذي لم يتم الاتفاق عليه بعد، ثمة كلام عن تبني تسمية “الهيئة الإسلامية السورية”.

برّر أصحاب المشروع خطوتهم بـ “الواجب الشرعي” الذي يأمر بـ “التوحد” و “الاندماج”٬ وفق تغريدات حسام الشافعي، المتحدث الرسمي باسم “جبهة فتح الشام”، الذي أشار الى سعي قادة هذه الفصائل لتحقيق “التوحد” و “الاندماج” وتعثره وتعرقله مرات٬ وانطلاقه على استحياء مرات أخرى٬ لكنه اليوم أقوى وأشد وقادتنا يسعون له ليلا ونهارا، فالمرحلة المقبلة تقتضي “أن يقودها المجاهدون صفا واحدا سياسيا وعسكريا وشرعيا٬ هدف واحد ومصير واحد”.

تباينت ردود الفعل على أنباء عملية تشكيل الكيان الجديد بمستوييه العسكري والسياسي حيث ربطها البعض بما حصل في حلب واعتبرها ردا عمليا على هزيمة قوات المعارضة، واستعدادا لمواجهة التطورات، خاصة احتمال شن النظام وحلفائه الروس والإيرانيون هجوما على مواقع المعارضة، في محافظة إدلب والغوطة الشرقية بالتحديد، لإخراجها من المعادلة وتنفيذ حل سياسي أساسه بقاء النظام مع بعض “المكياجات” لتبرير انخراط أطراف من المعارضة فيه. في حين رأى فيه آخرون تشكيلا متطرفا سيضع الفصائل المنخرطة فيه في خانة الإرهاب ويبرر ضربها دون رحمة على خلفية اندماجها مع “جبهة فتح الشام”، التي تصنفها الأمم المتحدة منظمة إرهابية، وقبولها بتوجهاتها الفكرية والسياسية. في حين اعتبره محللون محاولة للتكيف مع التطورات والمتغيرات من جهة، ومن جهة ثانية الالتفاف على مشكلات ذاتية تخص الفصائل الرئيسة منها فـ “جبهة فتح الشام” تسعى الى التفلت من وصمة الارهاب التي ألصقتها بها الأمم المتحدة و “حركة أحرار الشام” تعمل على لملمة اشتاتها بعد الهزات التي تعرضت لها على خلفية الصراع بين اجنحتها، والخروج بصيغة تخفي هذه التشقاقات، و “كتائب الزنكي” لاستعادة وهجها وشعبيتها بعد الخسارة التي لحقت بها نتيجة مهاجمتها لفصيل “فاستقم كما أمرت”، ناهيك عن حاجتها للدعم المالي والتسليحي.

تنطوي عملية تشكيل الكيانين العسكري والسياسي المنشودين، اذا تمت، على ايجابيات وسلبيات غير أن سلبياتها أكبر وأخطر، فمن ايجابيات الكيان العسكري تحريكه لقوات مقاتلة يفوق عددها الـ 100 ألف مقاتل موزعين على مساحات واسعة في الجغرافيا السورية ما يتيح وضع خطة عسكرية شاملة لمواجهة قوات النظام وحلفائه ومنعها من الاستفراد بالفصائل والمناطق، من جهة، ويتيح، من جهة ثانية، خوض حرب استنزاف منسقة ما يضطر النظام وحلفاه الى نشر قواتهم وخسارة الكثافة العددية والقدرات النارية الكبيرة على خطوط التماس التي منحتهم التفوق والحاق الهزيمة بقوات المعارضة في أكثر من موقع. في حين يسمح الكيان السياسي الواحد توحيد اساليب ادارة المناطق “المحررة” وتوحيد لوائحها الادارية والقانونية وبرامجها التعليمية ما يسمح بنشوء علاقات وثقافة موحدة. اما السلبيات فتكمن في الخلفية الفكرية والسياسية للكيانين العتيدين حيث فكر السلفية “الجهادية” المهيمن، فكر القاعدة السائد بين قواعد هذه الفصائل، ونمط تعاطيه مع القضايا السياسية والاجتماعية ومع المختلف معه، وهذا ظهر جليا في السنوات السابقة، خاصة “جبهة فتح الشام”، النصرة سابقا، التي ترجح التقديرات هيمنتها على الكيان العسكري في ضوء موقعها في الكيان الجديد وقدراتها والدعم المالي والتسليحي الذي تتلقاه من مناصريها في الخارج، وهيمنة الجناح المتشدد على “حركة احرار الشام” ما يعزز فرص “جبهة فتح الشام” في فرض تصوراتها ورؤاها، حيث اعتمدت هذه الفصائل سياسة قسرية وقمعية ولم تقبل بسيادة ثقافة حق الاختلاف والتعددية في المناطق التي سيطرت عليها. من جهة، ومن جهة ثانية، خلق “دولة” يحكمها هذا الفكر، سينظر اليها العالم بديلا قاعديا “لخلافة” البغدادي التي تشارف على النهاية، فيجعلها هدفه من الآن، ولعل سلبيتها الاكبر تعارضها مع التوجهات الوطنية والديمقراطية للمعارضة وتزامن تكوينها مع توجه فصائل الجيش السوري الحر لتوحيد صفوفها ما سيطرح التعارض والتصادم بينهما في ضوء ثقافة الهيمنة والسيطرة التي تشكل لازمة في حركات السلفية “الجهادية”.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى