صفحات العالم

جدول زمني لخروج الأسد/ حسين عبد الحسين

 

 

تشير دراسة صادرة حديثا عن “معهد كارنيغي للسلام” ان دخول روسيا الحرب في سوريا، وزيادة ايران عدد مقاتليها على الجبهات السورية، نجح في وقف انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي كان يعاني من سلسلة هزائم في جسر الشغور وسهل الغاب، شمالا، ودرعا والقنيطرة جنوبا، وحماة وتدمر في الوسط.

الا ان التدخل الروسي – الايراني، حسب الدراسة، لن يتمكن من اعادة عقارب الساعة الى أكثر من عام الى الوراء، وهو ما يعني ان بقاء الأسد، الذي تكفله روسيا وايران بتكلفة عالية، يضمن في الوقت نفسه بقاء تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” (داعش)، أي ان القضاء على داعش يحتاج الى اتفاق مع الفرقاء السوريين الآخرين، وهو ما يتطلب تسوية.

الرؤية الايرانية للتسوية واضحة: يحافظ الأسد على سيطرته على القوات الامنية والسياسة الخارجية، ويعطي المعارضة السنية رئاسة الحكومة وبعض الوزارات كالمال والدفاع.

والترتيب الايراني المقترح يشبه ما سبق ان اقترحه امين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله على الزعيم السني سعد الحريري: خذ أنت رئاسة الحكومة وميشال عون رئاسة الجمهورية، وتقاسما ادارة شؤون المال والاعمار والخدمات، واتركوا للحزب شؤون الأمن والخارجية.

والترتيب الايراني نفسه في العراق: يعطي الحكام الشيعة “المكون السني المعتدل” وزارات مثل الدفاع والمالية، ويبقى الأمن في أيد عراقية – ايرانية.  هذا الترتيب الايراني في لبنان والعراق يشبه شكل الدولة الايرانية نفسها، حيث يدير المعتدلون الدولة والجيش النظامي، فيما يمسك المرشد والمتطرفون بالاستخبارات والأمن ومفاصل القوة الحقيقية للدولة.

اما الرؤية الروسية لتحقيق تقارب بين الأسد والمعارضة فتختلف عن نظيرتها الايرانية، اذ يعتقد الروس ان على طرفي الصراع في سوريا ان يدخلا في هدنة، بضمانة الدول الراعية للفصائل السورية، ثم يوجه الجميع بنادقهم الى كل من يبقى خارج التسوية على أساس انه إرهابي. بعد القضاء على الارهاب، يمكن البحث بهوية الرئيس السوري العتيد واجراء انتخابات لتحديدها.

السعودية، التي تعتقد ان رحيل الأسد هو مفتاح الحل، يبدو انها تحاول ان تجاري الروس، وربما كشف ضعف تصورهم للحل في سوريا، فالخطة الروسية مبنية على مقدرة كل طرف اقليمي على فرض التزامات، مثل وقف اطلاق النار او الدخول في تسويات سياسية، على الفرقاء التابعين له، وما زيارة الأسد الى موسكو الا محاولة روسية للتأكيد ان الأسد تابع لها ويمكنها إلزامه بوقف اطلاق النار لو قامت كل الاطراف الدولية الاخرى بالأمر نفسه مع فصائلها.

هكذا، كان المطلوب من السعودية اعلان هوية المعارضين السوريين من التابعين لها ولحلفائها، وهو ما فعلته المملكة باستضافتها ١٠٣ شخصيات معارضة، منها ممثلو ١٨ فصيل عسكري مقاتل داخل سوريا تتصدرها “حركة احرار الشام”، التي يعتقد كثيرون انها واحدة من القوى العسكرية الاكثر نفوذاً في سوريا.

هكذا، كان مؤتمر الرياض بمثابة “سفينة النجاة” للمشاركين به، دوليا، اذ انه بعد ان تعلن كل دولة معنية بسوريا المعارضين المقربين منها، تتحول الفصائل التي لا تحصل على تبنٍ اقليمي او دولي الى هدف للاعمال الحربية المخصصة للقضاء على المجموعات الارهابية، وفي طليعتها داعش.

لهذا السبب أعلن وزير الخارجية جون كيري ان لقاء نيويورك المخصص للأزمة السورية، الاسبوع المقبل، يرتبط بمؤتمر الرياض. واتصل كيري بولي ولي العهد وزير الدفاع محمد بن سلمان للوقوف على آخر نتائج المؤتمر، في وقت تحادث هاتفيا وزير خارجية السعودية عادل الجبير ونظيره الروسي سيرغي لافروف للسبب نفسه.

بعد هجمات باريس وكاليفورنيا، يبدو ان داعمي المعارضة السورية أدركوا انه صار من شبه المستحيل مساواة داعش بالأسد او ربط القضاء على داعش بالتخلص من الأسد اولا. لذا، قرر عرابو المعارضة السورية تبني أفضل الممكن، فجعلوا خروج الأسد مرتبطا باللحظة التي تلي القضاء على داعش، وهو ما جاء في بيان الرياض الذي تبنى الحل السياسي والحرب على داعش وخروج الأسد.

اما الجدول الزمني الذي تحدث عنه كيري الشهر الماضي، وكرر الحديث عنه الرئيس باراك أوباما في خطابه الى الشعب الاميركي يوم الأحد، فهو الجدول المطلوب حتى لا يتحول القضاء على داعش عملية مفتوحة، كلما طالت، طال بقاء الأسد.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى