خالد ممدوح العزيصفحات سورية

جمعة تجميد العضوية،الجامعة العربية في مواجهة مع نظام الأسد، …!!!


خالد ممدوح العزي

جمعة الثوار في الشوارع:

كانت جمعة تجميد العضوية التي خرجت فيها المظاهرات السورية والتي تجاوزت أكثر من 250 مظاهرة شعبية في مختلف مناطق سورية من شمالها حتى جنوبها ،ومن شرقها حتى غربها ،لكن حمص كانت تتصدر المشهد الدموي الذي يسفكه النظام منذ بدأ الانتفاضة الشعبية السورية في 15 مارس “آذار” ألماضي عندما قف الشعب السوري وطالب بحريته المفقودة كاسرا حاجز الخوف الذي فرضه نظام العائلة الحاكمة طوال 50 عاما مختبئ تحت عباءة القومية العربية والممانعة الوطني معتمدا على الأقليات لحمايته ،لقد خرجت هذه المظاهرات من قبل الشعب السوري الرافض لألاعيب النظام الذي يلف ويدور حولها من اجل إقناع العالم بان المشكلة خارجية تعرض امن سوري لخطر.

استطاع الشعب السوري في 11 تشرين الثاني “نوفمبر” 2011 ن للخرج إلى الشوارع والساحات بالرغم مم البطش المستمر من قبل العصابات الاسدية في جمعة أطلق عليها جمعة “تجميد عضوية سورية مطلبنا وهيئة التنسيق الوطني لا تمثلنا”، فالجمعة التي طالب جمهور المتظاهرين من الجامعة العربية تنفيذ مطلبهم الواحد الداعي لتجمد عضوية سورية، أضحت حقيقة بسبب تجاوب الجامعة مع مطلب الشارع.

المشهد السوري:

مظاهرات شعبية عمت كل المدن والمحافظات المنتفضة تطالب العالم بالحماية الدولية،والجامعة العربية بتجميد العضوية ،لافتات تدين عمل وسياسة هيئة التنسيق، دم يسيل في الشارع موت يسيطر على كل المشهد السوري،مدن مقموعة ومسيطر عليه من قبل الأمن السوري وتمنع من الخروج تحت تهديدات أمنية واقتصادية ودينية ، جرائم ترتكب ضد الإنسانية من خلال قمع الاحتجاجات الشعبية اليومية ،السويداء والجولان يتظاهر وحلب تنتفض تدريجيا وطرطوس وللاذقية تنتفض تدرجيا، انشقاقات عسكرية متزايدة خلاف بين المعارضة ومكوناتها، الشعب السوري وحيد ترك فقط معه الإعلام الحر.

الجامعة تصعد موقفها :

بعد صولات وجولات لوفد الجامعة العربية مع وفود المعارضة المختلفة التي تم دعوتها إلى القاهرة خرجت الجامعة العربية بقرار هام جدا وجرئ استجابة لطلب الشعب السوري الثائر وبسبب امتناع النظام السوري بعد تنفيذ بنود المبادرة العربية التي وافقع عليها دون شروط بالرغم من محاولة اللف والدوران، لان الجامعة العربية أضحت فعلا أمام شكوكها الدائم بكلام ووعود الأسد للتنفيذ وخاصة بان وزير البلاط وعد بالتنفيذ .

لذا كانت القرارات التي تم اتخاذها بالإجماع قرارات مصيرية وقوية على إعادة الاعتبار لدور الجامعة العربية التي بات أمام امتحان جدي للمصداقية العربية وعملها المشرك أمام شعوبها.

فالجامعة العربية التي وضعت في تعطيها مع الملف السوري على المحك من خلال التعامل مع هذه الأزمة السورية المتصاعدة نحو المجهول بسبب غطرسة النظام وعدم تقبل نصائح الآخرين.

قرارات الجامعة الاخيرة :

بعد الاجتماع الأخير في القاهرة في 12 نوفمبر باتخاذ قرار عربي جريء جدا ولم يكن احد يتوقع هذا التطور بالقرار الخطير الذي جاء بعد جدلا وصراع شاق في داخل الجلسة المخلقة التي تمت بالإجماع مع رفض كل من اليمن الذي يتعرض نظامها لنفس المصير ولبنان الذي ربط مصير حكومته بمصير نظام الأسد ، وامتناع العراق بسبب الضغط الإيراني الذي يحاول السيطرة على مفاصلها بعد الخروج الأمريكي القريب منها . فالجامعة العربية التي قامت بهذه الخطوة بعد شلل طويل لقراراتها التي أضحت بعيدة عن الواقع الحالي التي تعيشه المنطقة العربية بسبب الربيع العربي وثورته المختلفة ،فالجامعة العربية التي اتخذت قرارها في ليبيا وساهمة بوضع حد لهمجية ألقذافي ،هاهي مرة ثانية تقف في أزمة سورية من جديد بغض النظر عن كل التحليلات التي يحاولون تفزيم دور الجامعة العربية ودورها العربي ،فلم يكن مجال أمام الجامعة العربي سوى اتخاذ هذا الموقف بعد انتظار دام 8 شهور على نظام الأسد ووعوده بحسم الموقف وتنفيذ إصلاحات حقيقية .صح بان الجامعة العربية هي جامعة حكومات ،لكن الحالية الشعبية العربية هي التي فرضت نفسها على قرارات الجامعة.

نقاط قرار الجامعة العربية بخصوص سوريا:

1ـ تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية وجميع المنظمات التابعة لها، لحين قيامها بالتنفيذ الكامل بالوعود التي التزمت بها ضمن المبادرة العربية.

ـ توفير حماية مدنية للسوريين من خلال الاتصال بالمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان 2

3ـ دعوة الجيش العربي السوري لعدم التورط بأعمال القتل والعنف ضد المدنيين

4ـ عقوبات سياسة واقتصادية على النظام السوري.

5ـ دعوة الدول العربية لسحب سفرائها من دمشق

6ـ دعوة أطراف المعارضة السورية إلى الاجتماع في مقر الجامعة العربية بعد 3 أيام. للتشاور بشأن المرحلة الانتقالية في سوريا.

موقف روسيا من موقف الجامعة :

لم تكون روسيا تتخيل بان الجامعة العربية سوف تخرج بمبادرة قاسية ضد النظام السوري ،لكون موسكو كانت تعوم على عدم اتخاذ أي قرار ضد سوري بسبب عدم الإجماع وبالتالي كانت روسيا تأمل بان يتم التمديد لعمر المبادرة العربية التي تساعد الأسد بأخذ وقته الكافي كي يذبح شعبه ومن ثم يعود ليفاوض بطريقته الخاصة ،وخاصة بان روسيا وعلى لسان وزير خارجيتها سرغي لافروف تطالب السيد نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية بإعطاء وقت كافي لبشار الأسد. لكن بعد قرار تعليق العضوية ادخل روسيا في ارتباك سياسي مجدد مع الدول العربية التي اتخذت قرارا مختلف في تعاطيها مع الأزمة السورية مما سوف يضع موقفها في المواجهة الدولية في مجلس الأمن ، وبالتالي على موسكو ان تحسم موقفها النهائي في التعاطي مع الملف السوري ،وخاصة بعد فشل زيارة المجلس الوطني الانتقالي إلى موسكو المتسلح بوحي القرار العربي،بالوقت الذي حاولت دفعهم للتحاور مع النظام السوري في دمشق.

المعارضة السورية :

لقد حاول النظام منذ البداية عدم الاعتراف بالمعارضة ووجودها،لكون الاعتراف بها سوف تشكل للنظام أزمة مواجهة داخلية ،تهدد بقاءه الشرعي والدولي من خلال المطالبة بإصلاحات جدية يجريها مع المعارضة التي سوف تفرض شروطها التي كان ومازال يتهرب منها ،ولرئيس بشار قال في تصريح علني غير مبلي بالمعارضة لأنه لا يريد أن يضيع وقته معهم ،ولكن مع اشتداد الضغوط الداخلية والخارجية وبعد النصائح الكثيرة الذي تلقها من حلفاءه الروس والإيرانيين بان يفتح حوار مع المعارضة من خلال معارضة تؤمن له بقاءه في السلطة،والوصول إلى إصلاحات شكلية تخدم بقاءه في السلطة،فكان الاتجاه نحو هيئة التنسيق الوطني بكونها المعارضة السورية الداخلية التي يمكن التحاور معها على مستقبل سورية لأنها ترض التدخل الخارجي والتدويل الدولي وبالتالي هي تريد إسقاط النظام الأمني ، لذا عمد في كل خطابته السياسية بان التحاور مع المعارضة الشريفة في دمشق .محاولا إيهام العالم والعرب بوجود معارضة شريفة ومعارضة وطنية قومية وإرسالها إلى موسكو لتشكر روسيا على استخدامها لحق النقد ،وكذلك أرسلها للجامعة العربية للتفاوض مع اللجنة الوزارية،لكن المشكل التي تعرضت له هيئة التنسيق من قبل الشعب السوري،وخطاب قياداتها وتصريحاتهم وتظاهرات جمعة تعليق العضوية التي لم تمنحهم حق تمثيلها من خلال الشعارات وللافتات التي تندد بهم ، أعطى انطباعا واضحا ب للعالم وللعرب بان معارضة النظام ضعيفة ،ولكن الذي حسم الجدل في مقر الجامعة العربية في القاهر ،حضور وفد شباب الثورة قادة الحراك الشعبي إلى القاهرة، الذين قالوا للجميع بان الشعب في ساحات الميدان أعطى صوته للمجلس الانتقالي والشعب يطالب بإعدام الرئيس ،فالتفاوض مع النظام غير مقبول قبل تنحي بشار.

أقسام المعارضة السورية :

1-هيئة التنسيق الوطني التي تعتبر بأنها معارضة الداخل تشكلت بتاريخ 30 حزيران “يونيو “2011 ويضم 10 أحزاب و4 جمعيات وعديد من الشخصيات المعارضة كهيثم مناع ، ميشال كيلوا ،حسين عويدات ،لؤي حسين ،رجاء الناصري ،حسن عبد العظيم، سمير عيطة وفايز سارة وآخرين… وتطالب بتغير النظام الأمني المخابراتي والعمل على الإصلاح وعلى عدم التدخل الخارجي ومنع الدخول في حرب أهلية والإصرار على قيادة التغير السوري من خلال مرجعية الداخل السوري .

2- هيئة المجلس الانتقالي الذي تم تأسيسه في اسطنبول في بداية أب “أغسطس”من هذا العام من قبل مجموعات وأحزاب وحركات وشخصيات مختلفة من مكونات الشعب السوري “إسلامية وعربية وكردية وليبرالية وشيوعية وعلمانية ،وتطالب بإسقاط نظام الأسد الأمني والسياسي،لكونه حضي بالشرعية الشعبية من خلال صوت الشعب المتظاهر . ومن ابرز قيادته برهان غليون رئيس المجلس بسمة قضماني، عماد الدين، رشيد رضوان زيادة، كمار القربي محمد العبدالله، وائل الميرزا،نجيب الغضبان،عبيدة النحاس.

3-شباب الثورة أو التنسيقيات الثورية التي تخوض النضال الميداني في شوارع مدن وإحياء سورية،التنسيقيات هي صوت الشعب وقدرت الأرض التي تطالب بإعدام الرئيس. بالرغم من ذهابهم إلى القاهرة لكنهم ، طالبوا من السيد نبيل العربي بالاعتراف السريع بالمجلس الانتقالي ، قيادات لاتزال مختفية بسبب الوضع الأمني الذي يسيطر على عمل هذه القوة الخفية .

مابين فريق يطالب بإنهاء النظام الأمني السوري،وفريق أخر يطالب بتنحي بشار عن السلطة يبرز صوتا أعلى من صوت الطرفين وأكثر شبابا وقدرة على المواجهة يطالب بإعدام الرئيس ،فمن سيكون الصوت الغالب في النهاية من بين هذه الأصوات المعارضة.

الأزمة السورية ولبنان:

لم يقتصر الموقف اللبناني على إدانة سورية وبالتصويت مع الإجماع الذي شكل الأكثرية، وإنما عارض التصويت ودخل في مواجهة مع الأنظومة العربية من خلال دخوله في تحالف مع النظام السوري ،فالحكومة اللبنانية التي تشكل حلف مع الدولة السورية قررت الوقوف مع النظام السوري ودعمه من خلال الدخول بمواجهة مع المجتمع الدولي والعربي بشكل خاص ،فالدولة اللبنانية التي أخذت هذا الموقف والذي لا يعتبر جديد ،لأنها منذ اليوم الأول لتشكيها كانت مهمتها أجاد متنفس للدول السورية التي تضيق بها العزلة ،ومن اليوم الأول للازمة السورية والوقف بوجه الشعب المنتفض ،بل تعد الوقوف إلى جانب النظام دبلوماسيا وسياسيا،إلى ممارسة دور الشرطة الحامي للنظام السوري من خلال التعامل مع ملفات كثيرة كاعتقال المعارضين السوريين من قبل الدولة وتسليمهم إلى سورية ،الضغط على العمال السورين وجزهم في مشال دعم النظام التهرب من المسؤوليات الإنسانية التي يترتب على الدولية اللبنانية من ممارستها نحو اللاجئين الذي تبتعد الحكومة عن تلبية حاجتهم الطبية والاجتماعية وكأنها تقول لهم اذهب إلى سورية بطريقة غير مباشرة كي لا تتحمل المسؤولية الدولية ،تعاطي الأجهزة الأمنية مع السوريين المعارضين والهاربين وتسليمهم إلى السلطات دون الرجوع إلى السلطات العليا المعنية بتنظيم الملف اللبناني – السوري ،إضافة إلى السكوت على تهريب الأسلحة من قبل بعض التجار والمستفيدين من نمو تجارة السلاح ،إضافة إلى السكوت الرسمي عن الاختراقات السورية اليومية للمناطق اللبنانية التي استبحتها الحكومة السورية تحت حجة مطاردة مهربين وعصابات مسلحة ،فحسب تقرير المجلس الوطني الانتقالي السوري بان عدد المخطوفين أضحى عددهم 23 مفقود .بالرغم من أن النظام السوري يهدد دوما بأنه سوف يزلزل المنطقة تحت كل المعتديين الذي يحاولون العبث بأمن سورية ،وبالتالي لبنان في رأس الهرم الذي يهددنه بشار الأسد وخاصة بان الحكومة تمثل فريق مناصر لسورية بالوقت الذي لايزال فريق كبير من اللبنانيين خرجوا السلطة علاقتهم متوترة مع النظام السوري منذ ثورة الأرز والذي ذهب ضحيتها عددا كبيرا من القادة الذي تم اغتيالهم وسورية متهمة بقتلهم حتى اليوم ولايزال قادة كبار من هذا الطرف يعتبر حياته مهدد من قبل المخابرات السورية التي تحاول أن تطرح صورة مخيفة عن قدرات سورية بتخريب المنطقة وإحداث زلزال كبير في هذه المنطقة الأوسطية .

سيناريو المواجهة القادمة:

لكن كيف ستكون المواجهة في سورية ،بظل التطورات السياسية والضغوطات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية ،فالأمر يبقى للحسم النهاية للموقف العام ،وهذا يمكن يترك إلى ما بعد الانسحاب الأمريكي من العراق دون خسائر ،لان الخسائر الكبيرة لا يتحملها اوباما وهو على أبواب انتخابات لولاية ثانية ،لان هذه الخسائر يستطيع إنزالها الإيراني والسوري في الجيش الخارج من العراق عن طريق عصاباتهم ،وبالتالي السوري سوف يبقى موجود إلى نهاية الشهر ،وبعدها سوف تكون المعركة مفتحة على نظام الأسد من خلال “القطرية التركية الأمريكية” ،ومن هنا لايزال التأخر العربي بالاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي لان الموضوع يطبخ على نار هادئة، بانتظار انضمام كتل جديدة للثورة من شرائح لم تحسم موقفها من الثورة السورية بعد ،كالجيش وقيادته الذين سوف يلعبون دورا مميزا في تغير الخريطة السورية، إضافة إلى قيادات اجتماعية واقتصادية ونقابية وقيادات سياسية من السلطة السورية ،فالاعتراف قد يخيف هذه الشرائح من عدم اخذ مواقع لها في تركيبة البنية الفوقية لسورية القادمة، وبالتالي العرب ينتظرون اكتمال الحلقة التي يمكن من خلالها إعلان نقطة الصفر في عملية التغير السريعة لسورية ،وعندها يتم الاعتراف بالمجلس كممثل شرعي للشعب السوري،فالمعركة سوف تدار بطريقة تكنولوجية حديثة،إضافة للاعتماد على الجيش الذي يحكى بتامين مناطق أمنة له،وعندها يتخذ القرار الرسمي بحماية هذا الجيش الذي على عاتقه تكمن عملية زعزعة نظام الأسد ،فالجيش غير قادر اليوم على اخذ قرارات مصيرية تغير الحالة ، طالما لم يتخذ الموقف السياسي المناسب، عندها لا يصبح عملهم مغامرة تنتهي بمجزرة دموية ينفذها نظام بشار الأسد ،كما هو الحال في حمص ونواحيها .

فالأسد أضحى عبء تقل على شعبه وعلى حلفاءه وعلى أعدائه،وبالتالي أضحى الحديث يتم في الصالونات السياسية بان بشار انتهت أيامهم كما يقول المتظاهرين في الشوارع “يامو يامو بشار الأسد أخر أيامه”. فالقذافي طار طار والدور قادم يا بشار، لان الشعب قرر وقال كلمته ، وهو الذي سينفذ ،مهما جعجعة روسيا والصين وإيران وأمريكا ،فالقرار بيد الشعب بيد تنسيقيات الثورة التي تموت من اجل سورية الجديدة والديمقراطية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى