صفحات سوريةميشيل كيلو

حديث عن السيادة!/ ميشال كيلو

 

اشترط بشار الأسد لقبول الحوار مع اميركا ان تحترم واشنطن سيادة سورية. ليس هذا الخبر نكتة أو مزحة رواها رجل غرق في دماء شعبه، بلغ حدا من السذاجة آمن معه بوجود نفر من بلهاء محتملين خارج نظامه، يجهلون أنه لا يحق لمن يدمر بلاده ودولتها الحديث عن السيادة الوطنية، أو مطالبة غيره باحترامها، أقله لأن السيادة ليست كلمة تصلح لستر جرائم موصوفة ضد الشعب، بل هي تعبير يؤكد حقه في الإفصاح الحر عن إرادته، وفي تمثيلها بطرق تحول دون انتهاكها من أي طرف داخلي أو خارجي، علما بان السيادة لا تسمح باستبدال الشعب بشخص، كائنا ما كان موقعه أو دوره، وترتبط حصرا بالإرادة العامة الحرة، التي يعد أي اعتداء عليها انتهاكا للسيادة الوطنية، فكيف إن كان المعتدي هو جهة مهمتها الرئيس حماية شعبها واحترام حقه في التعبير عن ارادته واختيار ممثليه بحرية؟ وكيف إذا كانت هذه الجهة قد صارت مصدر الخطر الرئيس على مواطناتها ومواطنيها، مثلما هي حالها في سورية منذ استولت عصبة من العسكر على السلطة، وكرست تقاليد ودساتير قوضت السيادة الوطنية والشعبية واحلت محلها سيادة مطلقة منحها لنفسه شخص يجلس على اعلى قمم الحكم، يرى في نفسه مصدر الشرعية، وفي إرادته بديل الإرادة العامة، فلا سيادة ولا شرعية شعبية غيره، ولا مجتمع أو دولة سواه، ولا حكم غير ما كان جدنا الكبير عبد الرحمن الكواكبي يسميه «حكم الهوى» :اعظم منتج للفساد والتسلط، والآفة التي تقضي على كل شيء، وخاصة شرعية وعقلانية الحكم.

اسقط النظام الأسدي سيادة سورية الوطنية، عن سابق عمد وتصميم، وانتهج سياسات تتعارض معها، وبلور مصالح ضيقة وجزئية مجافية للمصالح الوطنية العليا، واعتدى على كرامة وطنه ومواطنيه وانتهكها عبر استدعاء ارهاط من مرتزقة أجانب كلفهم بعكس ما اقسم على تحقيقه حين تولى منصبه كرئيس، فطلب منهم غزو بلاده بدل احترام استقلالها، وشن حرب إبادة ضد شعبها بدل الدفاع عنه، وحماية نظامه كطرف غزا بلاده واحتلها بالقوة، بعد استيلائه عليها عام 1963وحكمها منذ ذلك التاريخ بالأسلوب الذي ينتهجه نظام اجنبي في حكم شعب معاد له، فهل يعتقد الأسد ان الاحتلال يترك سيادة لدولة يستعمرها ويقهر شعبها ويدمر بنيانه التاريخي وثقافته وترابطه الوطني والإنساني؟ وهل يمكن ان تتفق السيادة مع احتلال أجنبي تنعدم بوجوده، لسبب واضح هو أنها لا تقوم في حال زالت خصوصيتها الوطنية وانعدم دور الإرادة الشعبية الحرة في قيامها واستمرارها، بسبب سيطرة أجانب عليها واختراقهم مجالها السيادي الخاص.

دعا الأسد إيران ومرتزقتها لاحتلال وطنه ودعم حربه ضد شعبه، فهل هذا هو احترام السيادة الوطنية السورية، وهل تحكم إيران بوطننا الى حد سمح لمسؤول في برلمان طهران بالحديث عن سورية باعتبارها ولاية إيرانية رقمها 35 هو الشكل الذي اختاره الأسد لحماية سيادة الدولة والشعب السوريين؟

تضع معركة الشعب من اجل الحرية على رأس اهدافها إعادة تأسيس المجال الوطني كمجال سيادي شرعي، ينفرد السوريون بتعيينه وإدارته انطلاقا من مبدأ لطالما حاربه الاستبداد هو الحرية: الحاضنة التي ستنمي علاقاتهم كمواطنين احرارا في مجتمع حر يخضعون لدولة ستكون سيدة لأنها ستعبر عن إرادتهم العامة في مستوى السياسة الاعلى.

لن يتخلى السوريون عن دورهم في الدفاع عن سيادة وطنهم. ولن يوقفوا قتالهم ضد غزاتهم الداخليين والخارجيين، وسيستعيدون سيادتهم الوطنية، التي خال النظام انه نجح في تدميرها، وها هي تواجهه بإرادة الشعب العامة، التي لن تترك له مكانا في سورية السيدة والحرة!.

المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى