صفحات العالم

حرب السنتين” السورية

 

    علي بردى  (نيويورك)

مضت سنتان على الحرب الأهلية السورية. لم يظهر في الأفق بعد أي أمل في وضع السلاح جانباً. لم تظهر علامات التعب على المتقاتلين. أخفقوا حتى الآن في الحسم عسكرياً. غير أن الخيارات السياسية لم تنته. بدأت عملية جديّة لتأليف حكومة انتقالية معارضة، من الداخل والمنفى، تمهيداً لسحب ما تبقى من شرعية للرئيس بشار الأسد.

لا هدنة بعد “حرب السنتين” السورية، بل مخاوف من استمرار تحلل النسيج الاجتماعي وتفكك الأطياف الدينية والعرقية في الكيان السوري. يصل الى أكثر من 70 ألفاً عدد القتلى، الى عشرات آلاف الجرحى والمعتقلين والمخفيين وملايين النازحين. يتجاوز المليون عدد اللاجئين. تهدد هذه الأزمة بانفجارات خطرة في دول الجوار. لم يكتف نظام البعث بأنه أعدم من زمان الحياة السياسية في سوريا – وهو في المناسبة عطبها في لبنان. يعد الآن مناوئيه بـ”أم المعارك” في محاولة جديدة للإجهاز على انتفاضة شعبية تحوّلت تمرداً مسلحاً. يقاتل الرئيس بشار الأسد حتى الرمق الأخير كأنما دفاعاً عن ميراث أبيه الراحل حافظ الأسد. كل المظاهر الأخرى وهم أو خداع.

أيا تكن الجدالات في شأن الخيارات السلمية، ارتكب معارضو الأسد خطأ تاريخياً إذ رفعوا السلاح. لم تكن النتيجة الانزلاق الى منازلات غير متكافئة بكل المعايير مع النظام فحسب. أدى الأمر أيضاً الى تحويل سوريا أرضاً خصبة لكل راغب في زمن الجهاد. هكذا جذبت الحرب في لبنان كل ساع الى النضال في زمن اليمين واليسار. حلّت على الجبهات أسماء مصطفى شمران وعبد الله أوج ألان وكارلوس وأوكاموتو وغيرهم.

لا يبدو التراجع عن حافة الهاوية سهلاً. يغرق النظام في مأزقه الدموي. يراهن على الدعم العسكري والمالي والسياسي من روسيا والصين وايران و”حزب الله”. تقابله معارضة فقدت الأمل في الخلاص. لا تجد خياراً سوى الحصول على السلاح والمال والدعم من جهات دولية وعربية متعددة أبرزها تركيا وقطر والسعودية.

سعى كثيرون وفشلوا في ايجاد حل سياسي. لم يتمكن الممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في سوريا الأخضر الابرهيمي حتى من تنظيم الخلافات الأميركية – الروسية على تفسير بيان جنيف لمجموعة العمل الدولية الخاصة بالأزمة السورية. ذهبت سدى كل محاولاته لإقناع الأسد بقبول عملية سياسية حقيقية وذات مغزى تلبي التطلعات الأصيلة للشعب السوري الى التغيير. على رغم كل المشاهد القاتمة، لم تستنفد الخيارات العسكرية والسياسية. تتجه الأنظار لمعرفة ما إذا كانت الولايات المتحدة والدول الأوروبية والعربية ستزود المعارضة أسلحة قد يؤثر بعضها في تغيير بعض المعادلات الميدانية.

على أن الأهم في رأي البعض هو الجهود المبذولة حالياً لتأليف حكومة انتقالية وتأمين أكبر عدد ممكن من اعترافات دول العالم بها، مما قد يترجم نزعاً لشرعية الأسد في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وحرمان روسيا خصوصاً فائدة حق النقض في مجلس الأمن.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى