صفحات مميزةعزيز تبسيلن ننساكم -بمثابة تحية الى شهداء سورية -

حسن – عزيزتبسي

 

عزيز تبسي
1)
طالما سألت عن أقصر الطرق للوصول إلى الحرية.
لكن أخيراً الشبيح اصطفاك،الأجساد لم تُسوّرك،والله تناساك في غمرة المهلكة، تجد من يأخذ بيدك إلى حيث تقّور الأرض كباذنجانة ويستخرج لبها،لتُحشى بالقتلى المأخوذين برضوض الحرية وأنصالها.
هب أن الشبيح نسي مخلّب الحديد في خاصرتك،والتفت ليكمل حديثاً عن فضائل حبوب الخدر.من يرفو كنزة الصوف هدية أمك من مدخرات”خرجية”البيت،ومن يفصل الحديد المسنون عن لحمك،ومن يلفك بالضماد.
2)
يأتي القاتل من الخلف لا خوفاً من عينيك الوديعتين،بل لأنه اعتاد ذلك،وإعتاد أن يسرق الكحل من العين،لم يتمهل كي تلتفت،وتضع بين يديه قبضة السكاكر التي تجمّعها على مهل،كما كنت تفعل ساعة تباغتك أختك،وأنت تحصي في محفظتها أقلام الرصاص وممحاة الوقت.
عجول هذا القاتل،فمن المتظاهرين ما يكفي لسد شرايين دولة العسكر والتجار…… ،لا وقت ليسألك أأنت وحيد أمك،ولا عن نتائج اختباراتك لحظة تضع في الحوجلة الحمض الممدد وأشباه المعادن،وإن كان للعقل ضرس كذلك،وقد يموت قبل أن يقضم تفاحة الوعي.
3)تريد أن تمنح عدوك فرصة الموت لترثيه،وتبدد مافي صدرك من قهر تراكم ،وتريد أن ينسى القاتل بندقيته،وحزام الرصاص والحربة المصقولة ،لتركض نحوه وتقدمهم إليه كطريقة في حسم خيار السلام :إنظر كان بإمكاني تجويفك وحشوك بخيطان القنب!!
وتمضيان معاً إلى ساقية الوقت لتغسلا أيديكما هو من دم وأنت من أثر حمض ممدد.
4)
لن تضمدك”الروميات”ولن ترطب جبينك”الحمدانيات”ولن تجدي مع غفوتك نداءات الأصدقاء يحملون باقات الورد وأحاديثه،وأنت أنت لا ترى ولا تسمع.
لكن الحجر ينطق بعد أن يصقله إزميل الهوى،القلب تروّى و إرتوى
ولحظة تستيقظ من الإغابة،تجد من يأخذك إلى الشرفة،لترى المدينة لا كما تركتها أرملة تمزق ثوب الحداد،تلتفت وتسأل بلهفة عن أقصر الطرق للوصول إلى الحرية،وعن أطول الطرق للوصول إلى البيت…..
********
بضربات لاترحم من الشبيحة لكسر الاعتصام في كلية طب الأسنان في جامعة حلب ،تلقى رأس الطالب حسن بيرم-طالب طب الأسنان،ضربات حطمت جمجمته وأخرجته من الوعي،يرقد في العناية المركزة،على رجاء القيام ،ليكمل دراسته وليشارك أصدقاءه الإطلالة الوداعية على وادي الإستبداد وكهوفه.
ليتذكر أمه الراكعة من يومها قرب سريره ويستدرج خطواتها إلى طريق البيت،هو وحيدها،أي هي وحيدته…وليتذكر رفاقه وأهله وجامعته،وهو ليس وحيدهم.
لكنه أخيراً،أسرى ليلاً إلى التراب الرطب، فتح بهدوء كوة وتمدد إلى الأبد.
حلب آذار2012

خاص – صفحات سورية –

اللوحة للفنان السوري بشار العيسى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى