صفحات سوريةمحمد زكريا السقال

حقاً، على النظام في هذه المرة أن يخاف

 


محمد زكريا السقال

ليس علينا ان نقنعكم، ستقنعكم خطانا

هناك من لا يريد معرفة همومنا ووجعنا عن سابق إصرار وتصميم. هناك من يريد ان يقنعنا بأن حريتنا ومحاربتنا للفساد وتنظيف الوطن، هي تشويه للممانعة ووقوف بوجه المقاومة. وهناك من يحرم على الشعب السوري حريته وكرامته، لأن النظام صمام أمان وبزواله سوف تتمزق المنطقة وتتشظى. كل هذا يتهم به الشعب السوري ضمناً وهو الذي انتفض سلميا من أجل أن يلغي الإستبداد ويطهر نفسه من الفساد ويعيد لهذا الوطن اشراقه ووحدته الوطنية ويتفرغ من أجل حل قضاياه العالقة وعلى رأسها قضية أراضيه المحتلة الذي يتوهم البعض نسيانها من السوريين أو هم غافلون عن ان هناك ارض عربية سورية تعادل مساحة لبنان محتلة منذ عام 1967 تسمى الجولان، لا يذكرها النظام إلا ليبتز ويناور عليها وهو الذي فرط بها وجعلها سلعة رابحة وتجارة تدر استقرارا ونفوذا.

هؤلاء الذين ابتلانا الله بهم من منظري ومتشدقي مسائل المقاومة والعروبة والأمة والقومية، وكأن هذه القضايا تخص الأنظمة الوالغة والمطعونة بوطنيتها وهي التي اجهضتها، وكأن كرامة وحرية الشعب السوري ذي التاريخ الوطني الشهير، تقف عائقاً بوجه تحقيقها واعادة صياغتها وتفعيلها. هل يعلم هؤلاء المتحذلقين أن الشعب السوري قدم وما زال يقدم على مذبح القضية الوطنية الكثير الكثير، من فلسطين ضمير الأمة ووجدانها للجزائر للعراق. هل يدرك هؤلاء ان السوري لم يخل الميدان مرة، ولو احصي الشهداء لظهر لكل عائلة سورية شهيد، دفعته من أجل تحرر هذا الوطن وإعلاء رايته وحريته وسيادته.

ها هو ينتفض اليوم لإعادة عصر النهضة والتحرر وليمسح كل هذا القذى عن وجه الوطن أولا من خلال حريته وكرامته، وتجسير وحدته الوطنية، ومن ثم اشاعة مناخ التحرر وانتاج مقاومة عارمة بخطاب خارج الأمراض والمشاريع طائفية وأقليمية. نقول لهؤلاء اصمتوا فهذه القضايا شوهت على يد الإستبداد وهي بأسوأ ظروفها، وقد كفر الشعب بها لأنها تشكل عامل ابتزاز وتجارة بائسة لأنظمة لم ولن تنتج سوى الهزيمة بعد أن هزمت شعوبها وقهرتها واستباحت انسانيتها.

هناك نوع آخر من المنظرين، تقدمي وعلماني وتحرري، يفلقنا وهو يتحدث عن الحرية ومواصفات الدولة المدنية، وتبين بعد أن اسفر النظام عن وجهه المعروف، وجه الفتنه والقتل والسحق والإعتقال، تراهم كيف ارتعدت فرائضهم واصفر لونهم ويطالبوننا في حمى نوبات رعبهم بالتريث. رغم اننا نخاف، والخوف هنا خاصة انسانية. نعم نحن نخاف، ان يجرنا هذا النظام المسعور لما يريده، ونخاف دس كثيرين وتدخل آخرين ونخاف العراق وحروبه الداخلية وتوريط بلدنا بهذا الداء، مع علمنا بمراوغة النظام ودعايته التي ينشرها للتخويف والتهويل بهذه الحرب الداخلية. هذا النظام المحاصر بالحقوق الواجب استحقاقها، يحاول أن يجد مخرجاً ضمن حالة من السعار والهوس مثله مثل كل أنظمة الإستبداد. يجد مهربه الوحيد في الزعيق بويلات القادم وبالأيدي المدسوسة. وها هو يتمزق غيضا كلما أصر الشعب على مواجهة محاولاته التفكيكية بالمزيد من التوحد ومتابعة خروجه للتظاهر سلميا وبالصدر العاري من أجل ان ينتزع حريته وكرامته ويلغي إذلاله اليومي. لهؤلاء نقول، ان مطلب الحرية مطلب قديم ودفع من أجله الكثير من خيرة مناضلي هذا الشعب، وكلكم تعرفون الأحكام القراقوشية التي واجهتنا وسد النظام كل الطرق المؤدية لخلق مناخ حوار شامل وواسع، بل وتفنن النظام في قمعنا ووصم كل معترض باحكامه المهينة وهي ما جعلها مادة للتندر فأي نقد أو حراك ديمقراطي جرى اعتباره اجراماً يهين نفسية الأمة بكاملها ويعرض أمن الثورة للخطر، بالوقت الذي كانت الأمة مستباحة والثورة قد أغلقت أبوابها واوصدتها على ارصدة استثمارها من المال الإمبريالي والنفطي ….مرحبا ثورة !

لكل هؤلاء نقول لا تكونوا خنجراً مسموماً في خاصرة الشعب السوري خوفاً أو حرصاً فالمارد خرج من قمقمه وينادي بالحرية والكرامة، منتفضا ومصرا على عدم العودة الى الوراء، الى العبودية والذل. هذا ببساطة جوهر ثورته. الحرية والكرامة هما مطلبان جوهريان للذين يعرفون معناهما وقساوة فقدناهما لعقود من الزمن. لا شيء بهذه الحياة يوازي سيادتهما والعيش بظلالهما، بل يشكلان عصب النضال وتاجه على مر العصور والى الأبد، لهؤلاء نقول إن تمسككم في هذا الوقت بالذات مع تحرك هذا الزخم الشعبي والقلق الذي تطلقونه حول ما يقال عن تداخلات ومشاريع ومندسين، ما هي الا دعاية لا يستفيد منها سوى هذا النظام الذي يكذب ويكذب ويعتم عن بطشه بالمناضلين السلميين ويطرح التفاهات من على منابره الإعلاميه عله يكسب معركته لحرف الشارع السوري عن مطالبة، هذا الشارع الذي اعتاد ألاعيبه وفبركاته. ترى هل أقنعكم النظام لتبرروا نحرنا.

نحن ندرك ان هناك مشاريع خارجية ودسائس. متى لم تكن منطقتنا وبلدنا عرضة للتآمر عليها، لكننا نعلم تأثير غياب الحرية والكرامة على المواطن السوري. فأحد أهم أسباب نجاح كل مؤامرة على الوطن عندما يكون هذا الوطن سجناً لأبنائه، ومزرعة لزمرة من المنتفعين. يعتقد النظام انه يستطيع تفصيل ممانعة على مقاسه ويستمر في تجاهل خاصرته الداخلية والتي لا يمكنها المواجهة طالما هي مهمشة ومستبعدة ومقموعة، بمن سيقاوم هذا النظام، هل يقاوم شعب مسحوق مسلوب الارادة.

النظام في دائرته العائلية الضيقة والمعروفة ليس معتاداً ولا يرغب في اشراك احد حتى من اركان نظامه للتفكير معه. فلا حلول النظام الأمنية ستنفعه ولا البكاء والنوح من المؤامرات الخارجية سيغلق ملف الحريات في سورية. لعل النظام لم يدرك بعد ولا يريد ان يدرك ليس بالقمع ولا التدجيل الاعلامي قادر على حجب رياح الحرية التي ينادي بها كل شاب وفتاة سورية. فالحرية آتيه لا محالة مهما كان ثمنها. وعلى النظام ان يدرك معنى ومغزى خروج المظاهرات وهتافاتها “مش خايفين، مش خايفين” حقاً على النظام في هذه المرة أن يخاف. وعلى كل حريص ان يقف الى جانب مطالب الحرية والكرامة للشعب السوري.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى