صفحات الحوار

حوار مع زعيم حزب النهضة التونسي راشد الغنّوشي


استضاف “معهد واشنطن” في يوم 30 نوفمبر زعيم حزب “النهضة” راشد الغنّوشي على “طاولة مستديرة”!

في ما يلي بعض ما قاله الغنوشي على سبيل التقديم:

•                    موقف الولايات المتحدة تجاه نظام بن علي كان أفضل قليلاً من مواقف حلفائها الأوروبيين. فوزارة الخارجية الأميركية أصدرت عدة تقارير كشفت فيها عن حالات خرق لحقوق الإنسان وحالات تعذيب في تونس. مع ذلك، فالسياسة الأميركية ظلّت في حدود الإدانة اللفظية، ولم تصل إلى مستوى الضغوط السياسية أو الإقتصادية.

•                    اندلع عدد من الثورات الناجحة في العالم العربي، في حين تتّجه ثورات عربية أخرى نحو الإنتصار. والارجح أن ذلك يؤشر إلى انتهاء عهد الجمهوريات العربية القديمة- وسيكون العام المقبل عام انتهاء النُظم الملكية العربية. الثورات تفرض على الملكيات العربية إتخاذ قرارات صعبة. فإما أن تعترف بأن وقت التغيير قد حان، أو أن الموجة لن تتوقّف عند حدودها لمجرّد أنها نُظم ملكية. الجيل الشاب في السعودية لا يعتقد أنه أقل جدارة بالتغيير من رفاقه في تونس أو سوريا.

•                    العالم العربي أمة واحدة، والشعب العربي يملك ثقافة مشتركة. ما يحصل في المغرب يعطي الأمل بأن بعض الملكيات قد فهمت رسالة اليوم الحاضر، وهي وجوب إعادة السلطة إلى الشعب.

•                    هنالك جماعات إسلامية صغيرة في تونس، مثل “حزب التحرير”، تنبذ حقوق المرأة أو حتى مبدأ الإنتخابات. ولكن هذه الجماعات لا تمثّل قاعدة “النهضة”. والحقيقة هي أن هذه الجماعات لم تشارك في الإنتخابات على الإطلاق.

•                    أنا أعتبر الموقف الأميركي من الثورات إيجابياً. إنه واحد من العوامل التي يمكن أن تسهّل العلاقة بين الإسلام والغرب بعد كل التشويه الذي تعرّضت له صورة الإسلام على أيدي الإرهابيين.

•                    بالنسبة للحرب على الإرهاب، فأنا كنت ممنوعاً من زيارة الولايات المتحدة طوال سنوات مع أنني أنا شخصياً، وحركة “النهضة”، لم نوصَم بتهمة “الإرهاب”. وبفضل الثورات العربية فإنني الآن أجلس بينكم وأتمتّع بانفتاحكم على الحوار. وأنا مدين بذلك لشهداء الثورات وللمواقف (الأميركية) الإيجابية تجاه الثورات العربية.

النقاش: أسئلة وأجوبة

سؤال:             كانت هنالك عدة أسباب لحظر دخولك إلى الولايات المتحدة. بينها المواقف التي اتخذتها خلال 20 سنة الماضية، بما فيها تسمية أميركا “الشيطان الأكبر”، وتأييد صدام حسين حينما ضمّ الكويت للعراق، وتأييد أعمال العنف ضد إسرائيل. هل تغيّرت مواقفك حول هذه القضايا- أم أنك ما زلت متمسّكاً بها؟

الغنوشي:        منذ الإعلان عن تأسيس “النهضة” كحركة سياسية في 1981، فإنني لم أكن مؤيداً للإرهاب. نحن ندعو للتعددية ونقيم علاقات مع كل جماعات المعارضة. في ما يتعلّق بالنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، فتلك مسألة معقدة لم تجد حلأ بعد- لا مع عرفات، ولا مع أبو مازن، ولا مع حماس- وهذا مع أن أغلبية الفلسطينيين قبلت بفكرة الحل على أساس دولتين. وهذه المسألة تخص الآن الفلسطينيين والإسرائيليين أكثر مما تخصّ أي فريق آخر. أنا معني بتونس، وأنا أركّز على نموذج وعلى تجربة أريد لهما أن ينجحا، في حين يهتمّ آخرون بقضية فلسطين أو ليبيا. كل واحد يهتم بما يمس مصالحه، ومصلحتي أنا هي تونس.

أنا لا أنكر أن موقفي قد تطوّر، وأنا فخور بتطوّر موقفي لأنني بشر. ولدي وثائق تثبت أنني رفضت إطلاق صفة “الشيطان الأكير” على الولايات المتحدة. بالأحرى، فقد اعتبرت الولايات المتحدة أمة مثل غيرها من الأمم التي تأخذ قراراتها الخاصة، وبعضها قرارات جيدة وبعضها قرارات سيئة. وقد رفضت مراراً اللغة التي استخدمها الإمام الخميني لتشبيه أميركا بالشيطان. أنا لا أؤمن بلغة الخميني.

في تاريخنا التونسي، نلاحظ أن تونس كانت بين أولى البلدان التي اعترفت باستقلال الولايات المتحدة. كما نسجّل دور الولايات المتحدة في حصولنا على الإستقلال.

(تعليق من “معهد واشنطن”: سعى السيد الغنّوشي أثناء النقاش السابق إلى طمس سنوات عديدة من المقابلات والتصريحات التي وصم فيها الولايات المتحدة بنعوت شديدة بينها “الشيطان الأكبر”. راجع مثلاً: “إلى فلسطين”، نوفمبر 1990، أو دراسة عن الغنوشي صدرت عن معهد واشنطن في العام 1994

http://www.washingtoninstitute.org/templateC05.php?CID=2844

كما سعى الغنّوشي، في النقاش، إلى التهرّب من ذكر تبنّيه، مراراً، للعنف ضد إسرائيل، بما في ذلك مقابلة أجريت معه في فبراير 2009 وامتدح فيها إطلاق “حماس” لصواريخ “القسام” من أجل “إرهاب” المدنيين الإسرائيليين- علماً أن لجنة الإعلام الحكومي البريطاني فرضت حظراً على إذاعة تلك المقابلة. حول هذه المقابلة يمكن مراجعة:

http://stakeholders.ofcom.org.uk/enforcement/broadcast-bulletins/obb143/

علاوة على ذلك، تجنّب الغنّوشي الرد على الأسئلة حول تأييده للغزو العراقي للكويت، الذي كان قد امتدحه لأنه يمثل بنظره “توحيداً لدولتين عربيتين من أصل واحد وعشرين دولة، بفضل الله”. راجع “إلى فلسطين”، 1990. بالمقابل، أكّد الغنّوشي أن موقف قد تطوّر الآن، ولكنه لم يحدّد أين حصل التطوّر في مواقفه.

انتهى التعليق).

*

سؤال: أشرت قبل قليل إلى النموذج التونسي. هل يرتبط ذلك النموذج بفكرة تأسيس “الخلافة السادسة”، كما أعلن أحد رفاقك مؤخراً.

الغنّوشي:        شكراً لكم لإتاحة الفرصة لي لتوضيح بعض المسائل، لأن الناس لا يمكن أن يصبحوا أصدقاء إلا إذا أزاحوا الغموض عن علاقتهم. السيد الجبالي، وهو الأمين العام لـ”النهضة”، لم يكن يتحدت عن النظام السياسي الذي يريد أن تتبنّاه تونس، لأن موقفنا من النظام السياسي في تونس معروض بوضوح في برنامجنا الإنتخابي. وهو بالتأكيد يعرف أنه يريد أن يصبح رئيس وزراء تونس وليس رئيس وزراء الإمبراطورية العثمانية. وحتى إردوغان ليس خليفة المسلمين. فما كان السيد الجبالي يتحدث عنه هو بالأحرى الأخلاقية السياسية- بكلمات أخرى، المزايا الأخلاقية لأي حاكم. وقد أشار (كنموذج) إلى الخلفاء الخمسة الأولى الذين حكموا العالم الإسلامي في عصره الذهبي.

*

سؤال:             قال السفير الأميركي في تونس، مؤخّراً، أنه يعتقد أن تونس في ظل حكومة “النهضة” لن تكون شبيهة لدولة خاضعة لحركة “حماس” بل ستكون على غرار تركيا وهي دولة عضو في حلف الأطلسي. هل يجوز أن تتوقّع أميركا أن تونس في عهد “النهضة” ستكون على غرار أحد شركائها في حلف الأطلسي؟

الغنّوشي:        هنالك لجان تنسيق عديدة حالياً بين تونس وحلف الأطلسي على عدة مستويات، وليس هنالك نيّة لإلغاء تلك اللجان. وعدا ذلك، ترتبط تونس باتفاقيات تجارة حرة مع “الإتحاد الأوروبي” الذي يضمّ قسماً كبيراً من دول حلف الأطلسي.

*

سؤال:             ما هو مخطّطك للإصلاحات الداخلية؟ وكيف ستكون تلك الإصلاحات إسلامية؟

الغنّوشي:        سنركّز بالدرجة الأولى على تنمية الداخل بغية سد الفوارق بين الساحل الغني ومناطق الداخل. ولكننا لا ننوي إطلاقاً أن نفرض الإسلام على الشعب التونسي- ليس بمعنى أن نفرض عليه ما يأكله، أو ما يشربه، أو ما يرتديه، أو ما يؤمن به.

*

سؤال:             تكهّنت وسائل الإعلام بأن دستور تونس الجديد سيشتمل على مادة تحظر إقامة علاقات مع إسرائيل أو مع الصهاينة. هل هذا صحيح؟

الغنّوشي:        برنامجنا الإنتخابي لا يتضمن أية إشارة إلى قطع العلاقات مع إسرائيل. وما حدث (في لجنة بن عاشور الإنتقالية بعد الثورة التونسية) هو صدور وثيقة سياسية وقّعتها أحزاب المعارضة (بما فيها “النهضة”). لكن المفروض هو ألا يتعرّض الدستور سوى للسياسات الطويلة الأمد التي تؤثّر في تونس، والنزاع العربي الإسرائيلي ليس واحداً منها. واليوم، لا ينوي أي حزب، سواء حزب “النهضة” أو أي حزب آخر، أن يقترح إدخال مثل هذا الطلب (أي قطع العلاقات مع إسرائيل) في الدستور الجديد. إن الدستور لم يُحرّر بعد، وفي أي حال فالبلد الوحيد الذي سيتم ذكرُهُ في الدستور المقبل هو تونس.

(تعليق “معهد واشنطن”: الواقع أن برنامج “النهضة” يتعهّد بأن “يناضل الحزب لتحرير فلسطين ويعتبر ذلك مهمة مركزية وواجباً ضرورة مواجهة الهجوم الإستعماري الصهيوني”. كما يشير برنامج “النهضة” إلى إسرائيل كـ”كيان غريب تم زرعه في قلب الوطن، يشكل عقبة أمام وحدته ويعكس صورة الصراع بين حضارتنا وأعدائها”. وتجدر الإشارة إلى أن جواب الغنّوشي لا يشير إلى أن هذه المواقف لن تتجسّد في سياسات أو قوانين في المستقبل. وكل ما قاله هو أن هذه المواقف لن يتم التعبير عنها في الدستور الجديد.

راجع:

http://presstv.com/detail/199276.html

رئيس “الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين”.. ونائبه!

*

سؤال:             قلت أن أغلبية الفلسطينيين تقبل فكرة حلّ الدولتين مع إسرائيل. ماذا عن حزبك؟ هل يقبل بذلك المفهوم؟

الغنّوشي:        لن تسعى تونس في يوم من الأيام لتحلّ محل أي من المنظمتين الفلسطينيتين الرئيسيّتين (يقصد “السلطة الفلسطينية” و”حماس”) لتقرير هذه القضايا.

(تعليق “معهد واشنطن”:           لا يكتفي السيد الغنّوشي بوضع “حماس” على قدم المساواة مع “السلطة الفلسطينية”، بل من الواضح أنه يرفض أن يأخذ موقف القبول الصريح لحلّ الدولتين كحلّ للنزاع العربي-الإسرائيلي. وينسجم هذا الموقف مع مقابلة أجريت معه في فبراير 2011، أثناء آخر زيارة قام بها إلى قطر للإجتماع مع الشيخ يوسف القرضاوي الذي يشير إليه الغنوشي في إجاباته اللاحقة بصفته رئيسه في “الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين”. وفي المقابلة المُشار إليها يقول الغنّوشي أن مؤسس “حماس”، الشيخ أحمد ياسين، كان قد تنبّأ بزوال إسرائيل في العام 2027، في حين أنه هو (أي الغنّوشي) يعتقد أنه يمكن إزالة إسرائيل حتى قبل ذلك التاريخ.

راجع:

راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامية التونسية لـ «العرب»: قطر قامت بدور رائد في إنجاح الثورات العربية

http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=185944&issueNo=1181&secId=28

وراجع:

http://www.rightsidenews.com/2011112014978/world/terrorism/tunisian-pledges-a-new-caliphate.html

ما فرّقته السياسة يجمعه الشيخ القرضاوي، وهو “المرشد الروحي” للرئيس الجزائري المريض

*

سؤال:             هنالك أدلة على أن أشرت إلى حكومة “حماس” في غزة على أساس أنها نموذج للديمقراطية. هل ما زلت تعتقد أنها كذلك؟

الغنّوشي:        لا أذكر أنني قلت هذا الكلام حول “حماس”. ولكن ما لا يمكن لأحد أن ينفيه هو أن “حماس” فازت في إنتخابات ديمقراطية، وهذا يعني أنها حكومة شرعية.

(تعليق “معهد واشنطن”:           حول مدائح الغنّوشي لحركة “حماس”، يمكن مراجعة:

http://www.militantislammonitor.org./

http://www.youtube.com/watch?v=vJ4_… .

*

سؤال:             ممارسة الحكم تفرض على المرء الإختيار بين عدة أمور أحياناً، فما هي وجهة نظرك في حالة التعارض بين الإسلام والديمقراطية، وبين الإسلام وحقوق الإنسان؟ مثلاً، إن تونس هي إحدى الدول الموقّعة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يشتمل على حق الإنسان في تغيير دينه. لكن الإسلام يعارض هذا المبدأ. فكيف ستسوّي بين هذه التناقضات.

الغنّوشي:        وجهة نظري الشخصية، التي كتبت حولها طوال سنوات، هي أن كل شخص حرّ في أن يعتنق ديناً، وأن يتمسّك بدينه، أو أن يغيّر دينه. وتدريجياً، تطوّر عدد من المشايخ البارزين، أحدهم في مصر وكذلك الشيخ القرضاوي في قطر بهذا الإتجاه إلى حد معين. أنا نائب القرضاوي في “الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين” وقد ناقشت هذه المسألة معه. (تعليق “معهد واشنطن”: الغنّوشي على حق حينما يقول أن آراءه الشخصية معتدلة حول هذه المسألة. ولكن أقواله تثبت أيضاً إنصياعه للشيخ القرضاوي، العنيف في عدائه لأميركا، وتأييده لـ”حماس”، وعدائه لإٍسرائيل، الذي اكتسب شهرته بفضل قناة “الجزيرة”. وقد أشار الغنّوشي في أجوبته اللاحقة إلى أنه لم يوافق على إلغاء “الحدود” في ما يتعلق بـ”الإرتداد” عن الإسلام!)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى