صفحات سوريةغسان المفلح

حول المجلس الوطني السوري


غسان المفلح

تداعت مجموعة من الرموز المعارضة والمثقفة والسياسية والحزبية وغيرها, في اسطنبول لتشكيل مجلس وطني يضم كل الطيف المعارض, في الداخل والخارج, والشباب يعملون منذ انتهاء عمل مؤتمر الانقاذ الوطني الذي لحقه الفشل ولم يكن خطوة باتجاه توحيد الفعل المعارض, وهذا ليس موضوعنا الآن, ثم أقدمت مجموعة من القوى والمؤتمرات بالانسحاب من تلك المشاورات التي لاتزال منعقدة باسطنبول, ولم تتبق لديها مهمة سوى استكمال الأسماء التي ستشكل أعضاء المجلس الوطني. مهلة اسبوعان, للتشاور ولمزيد من الوقت من أجل توسيع التمثيل الفعلي للشعب السوري كما يقول القيمون على المؤتمر ومن أجل إعطاء فسحة للداخل السوري, وهياكل الثورة من تنسيقيات وطنية ومجالس ثورة على المستوى المحافظاتي أو على مستوى المدن, وبناء عليه اسجل تحفظي على البيانات الانسحابية التي كانت لغتها لا تتوافق والحالة القائمة, لأننا في الواقع أمام خلط دائم بين نقد المختلف وبين استعدائه وتخوينه ضمنا أو صراحة وهذا غير مقبول من أي طرف كان, سواء كان انطاليا الذي انتمي إلى هيئته الاستشارية أو بروكسل أو خلافه, وما حدا أحسن من حدا كما يقال, لهذا أود توضيح بعض النقاط, بعدما استمعت إلى المؤتمر الصحافي الذي تم فيه الاعلان عن تشكيل هذا المجلس:

– المجلس يعتبر هيئة سياسية ذات طابع تمثيلي, هذا هو لب المشروع المطروح وعليه يتم التفاعل والتواصل والانسحابات أيضا.

– المجلس يريد تفويضا من الداخل بشقيه المعارض التقليدي والمعارضة الجديدة المنبثقة عن الثورة.

– لم أفهم من المؤتمر الصحافي في الواقع سوى نقطة واحدة أعتقد أنها تشكل أساسا لجملة من المغالطات, وفيها ما هو مزايد قليلا ليسمح لي الاصدقاء في المجلس الوطني, وهي أنهم ضد التدخل العسكري والاجنبي لأنه يشرذم البلد وليس في مصلحتها. هذه النقطة الغالية على قلب العصابة الحاكمة, أن يكون الجميع ضد التدخل الاجنبي, هكذا بإطلاق, لأنها الوحيدة التي يعتقد أنه تبقيه قويا على شعبنا ولا أعرف إن كان اعتقاده صحيحا أم خاطئا?

– في مؤتمر انطاليا قبله في أي نشاط في الخارج للمعارضة كنت دائماً أصر على موضوع الشفافية في إيضاح نقطة مهمة جدا, وهي من يمول أي مؤتمر للمعارضة, من هي الجهة الداعمة له, أي مؤتمر مهما كان يجب أن يكون واضحا في هذه القضية. لأنه يساعد على تحديد اتجاه العمل, مهما حاولنا الحديث عن استقلالية من أي نوع كان. ومعطياتي تشير إلى أن التمويل شخصي من قبل أعضاء اللجنة التحضيرية, وهذا بالتأكيد يمنح اللجنة التحضيرية قدرا عاليا من الاستقلالية في قرارها.

– كان لدي معطى أن” التيار الاسلامي وبخاصة الاخوان المسلمين لديهم اجماع على الدور التركي, وأنا كنت ولا ازال منذ البداية لدي تحفظ على هذا الدور, منذ قبل انطاليا, ولايزال الموقف التركي كما هو رغم تطور لغته تجاه النظام في دمشق, إلا أن جوهر الموقف لايزال كالتالي” اصلاحات جدية مع بقاء بشار الأسد في السلطة” وأتمنى ان تكون معلوماتي خاطئة, تركيا تريد مجلساً انتقالياً أو وطنياً لتهيئة التفاوض على هذا الاساس مع بشار الأسد, وأكرر أتمنى ان تكون معطياتي هذه خاطئة” وتم نفي هذا المعطى من قبل الاصدقاء في اللجنة التحضيرية أن لا أحد يفكر بالتفاوض مع النظام الحاكم. وأنا لا أشكك بوطنية اي من المشاركين أو القيمين على العمل حتى ولو كان موقفهم مثل الموقف التركي فبالنهاية السياسة والفعل السياسي في جوهره هو اجتهاد لتحقيق الاهداف وإن اختلفت الوسائل. وأتمنى لأي طرف معارض أن ينجح في مسعاه من أجل الوصول بسورية لبر الامان, والتخلص من” آل الأسد” وإرسالهم لإيران, أو لتركيا نفسها.

أعود الآن لأقول بشكل صريح ومباشر إن الأسئلة الحارقة لا أحد يجيب عنها, والتي تتمحور حول كيف يمكن إسقاط النظام في ظل استمرار امتلالكه لهذا الآلة العسكرية القاتلة? من يحمي المدنيين? كيف يمكن تأمين وسائل استمرار الثورة? أنا ضد بالمطلق  أن تتسلح الانتفاضة, أو يصبح هناك لغة سلاح من قبل السوري السوري, العصابة الحاكمة لأنها مجرمة تستسهل هذا الأمر ولكن الانتفاضة يجب ألا تلوث اناملها الطاهرة بدم أي سوري حتى لو كان ماهر الأسد نفسه, الذي يقول بعضنا أنه هو الآمر الناهي في قضية القتل وهذا يعني الابتعاد عن اي وسيلة عنفية أو ثأرية مسلحة. لكن هذا طبعا يبقي السؤال مفتوحا, كيف يمكن وقف هذه الآلة القاتلة?

وكي لا أطيل إن تشكيل أي مجلس انتقالي في الخارج ومهما كانت شرعيته من الداخل, لا يملك صلاحية طلب حماية دولية للمدنيين, وإن تطور الأمر إلى طلب تدخل عسكري جوي على سبيل المثال, فأنني أجد ان لا معنى له وسيكون معيقا لعمل الثورة أكثر مما يساعدها.

خارج هذا المنظور, أعتقد أن شباب اتحاد التنسيقيات أو لجان التنسيق المحلية أو المعارضين المنخرطين فيها من المعارضة التقليدية في الداخل قادرين على تشكيل تغطية سياسية للثورة, ويكون دور معارضة الخارج داعم وخادم لهم تصل إلى حد مفاوضة النظام القاتل للذين يريدون التفاوض, وعدم اعطاء دور لاي دولة إقليمية مساحة في عملية التفاوض هذه إما إذا تم الاتفاق على الإجابة عن تلك الأسئلة, يمكننا لحظتها التفكير بتشكيل مجلس انتقالي, الشباب في المعارضة, لا يرون انعكاسات زيارة السفراء الاجانب إلى بعض المناطق المنكوبة بالقتل الأسدي, كزيارة السفراء الأميركي والفرنسي والتركي لاحقا لحماة ثم زيارة السفير الأميركي لبلدتي جاسم وانخل في درعا هذه الزيارت ماذا تعني? ولماذا تتم?

بقي نقطة أخيرة أوردها على سبيل التساؤل للأصدقاء في الإخوان المسلمين في سورية” أنتم متواجدون في مؤتمر انطاليا وانسحب من مداولات المجلس الوطني, ومتواجدون في مؤتمر بروكسل وانسحب أيضا, متواجدون في مؤتمر الانقاذ الوطني وفشل فشلا ذريعا, ولازلتم متواجدون وفاعلون في لجان اختيار المجلس الوطني المعلن عنه البارحة, كيف? ليس لدي إجابة في الواقع.

في النهاية أحيي أي جهد من أجل الانتقال سريعا بسورية إلى بر الأمان إلى دولة ديمقراطية دولة حريات عامة وفردية ودولة قانون ومقالتي هذه غايتها فتح مزيدا من الحوار لأنني لا أشكك بنوايا وصدقية اي من الأسماء الموجودة في اللجان التحضيرية ويهمني في النهاية ما هي رؤية المجلس السياسية, وكيف يجيب عن تلك الأسئلة.

كاتب سوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى