صفحات العالم

خطة جنيف والأزمة السورية

 

عائشة المري

يزداد الوضع في سوريا ضبابية، فبعد 18 شهراً من الصراع قتل ما يزيد على 20 ألف شخص أو يزيد، ودمرت قرى ومدن، وازدادت الهوة اتساعاً بين الحكومة السورية والمعارضة، فيما الأعمال الوحشية التي يرتكبها الجانبان في تصاعد، واتخذت أشكالًا مروعة، ودخلت سوريا في دوامة الانتقام والتطرف الطائفي. ومع تصاعد الدعم الإقليمي والدولي لجماعات المعارضة، تغيرت موازين القوى على الأرض بين المعارضة والحكومة، مما أدى إلى تصعيد الاقتتال، وتحولت الحرب الأهلية إلى حرب طائفية، وبدأت العناصر الدينية تملأ الفراغ وعززت من وجودها على الساحة السورية وانتشرت التقارير التي تشير إلى تغلغل عناصر من تنظيم “القاعدة” في صفوف الثورة السورية، مما يدعم حجة النظام السوري، بأن المجموعات الإسلامية المتطرفة والإرهابية، هي التي تحاول تقويض الأمن في البلاد، فيما تؤكد المعارضة السورية رفض وجود عناصر من تنظيم “القاعدة” في صفوف الثورة السورية، لما قد يشكله ذلك من تهديد للثورة السورية.

استمرار الأزمة أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، وبدأت آثار الأزمة السورية تمتد بشكل جلي إلى دول الجوار الجغرافي حيث تدفق اللاجئين إلى تركيا والأردن ولبنان.

وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن دول الجوار تستضيف نحو 124 ألف لاجئ سوري مسجل، إضافة إلى تشريد حوالي مليون شخص من مناطق سكنهم إلى مناطق أخرى داخل البلاد. لقد استنفذت الأساليب الدبلوماسية، ودخل الملف السوري في حلقة مفرغة، ولعل التوصيف الأمثل للحالة السورية ماذكره أحد المحللين بالقول بأن الشعب السوري ومنذ البداية يرفض التدخل الأجنبي في بلاده “خوفاً من التطورات التي مرت بها دول مجاورة كالعراق ولبنان أو حتى أفغانستان. لكنهم الآن باتوا يخشون من واقع قد يضم كل هذه السيناريوهات معاً “. كل ذلك فيما لايزال مجلس الأمن يشهد انقسامات حادة بين أعضائة بشأن الحالة في سوريا.

لقد لخص الرئيس الروسي الموقف من سوريا بقوله “إننا نتفهم جيداً ضرورة التغيير في سوريا. لكن هذا التغيير يجب أن لا يكون دموياً”، وقال بأن “اجتماع جنيف خرج بـ”خريطة طريق” متكاملة لإعادة الاستقرار لسوريا. وأعلنت روسيا على لسان وزير خارجيتها سيرجي لافروف السبت الماضي بأنها ستطلب من مجلس الأمن تبني خطة جنيف بشأن الأزمة في سوريا الداعية لوقف إطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية. وكانت مجموعة العمل حول سوريا المكونة من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وثلاث دول عربية هي العراق والكويت وقطر، إضافة إلى تركيا، والأمين العام للجامعة العربية، وأمين عام الأمم المتحدة ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، قد اتفقت في 30 يونيو في جنيف على مبادئ انتقال سياسي في سوريا تستند الى خطة عنان، ولا تنص على دعوة الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي. خطة تفتح الطريق أمام انتقال يقوده السوريون بهدف إنهاء الصراع وتحدد الخطوات الرئيسية لخطة الانتقال، وتشمل تشكيل حكومة انتقالية تضم أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة، وإطلاق عملية حوار وطني شامل، ومراجعة الدستور والنظام القانوني الحاليين، وبعد أن يتم الانتهاء من المراجعة الدستورية، يجب الإعداد لانتخابات حرة ومفتوحة أمام الأحزاب وتحدد الخطة الخطوات والإجراءات اللازمة من أجل التنفيذ الكامل لخطة عنان، بما فيها الوقف الفوري للعنف بكافة أشكاله، رغم فشل خطة عنان المدعومة دولياً قد فشلت في وقف العنف في سوريا واستقالة “عنان” من مهمته.

ورغم أن أعضاء مجلس الأمن لايزالون غير متفقين على خطوات إنهاء الصراع الدائر في سوريا، يبدو جلياً أن مفاتيح حل الأزمة لازالت بيد روسيا بعد الحديث مجدداً عن “الحل السياسي” كمخرج وحيد للأزمة السورية، وتصب المبادرة المصرية الرباعية التي تضم كلا من مصر والسعودية وتركيا وإيران، التي دعت إليها مصر لحل الأزمة السورية، في إطار الحلول السياسية لحل الأزمة السورية.

الاتحاد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى