مراجعات كتب

خمسة كُتب مهمة لفهم تاريخ إيران الحديث/ شريف مراد

 

 

لم تَعد تخلو أي نشرة أخبار اليوم من ذكر لإيران؛ التي كانت توصف -قبل عقود قليلة مضت- بأنها الواحة الهادئة في منطقة تموج بالاضطرابات والحروب.

قامت الثورة الإسلامية في إيران وشارفت على أن تُتم عامها الأربعين؛ ليتغير وجه المنطقة إلى الأبد، فقد قدمت الجمهورية الثورية الإيرانية -نفسها- كثورة دائمة من أجل كل المستضعفين في العالم ضد استغلال قوى الاستكبار والهيمنة، فتم تصوير الجماهير التي كانت في أواخر السبعينيات تتقدم بصدور مكشوفة أمام الرصاص رافعة قبضاتها المضمومة لأعلى، وأنها هي من تقود اليوم الدولة الإيرانية بعد الثورة، تقودها من مسيرة إلى مسيرة، ومن نضال إلى نضال، ومن معركة إلى معركة، فإيران الثورة في الخطاب الرسمي الإيراني اليوم هي مسيرة كبرى تخطو دائما للأمام.

وقد أشارت بعض التقارير مؤخرا إلى تمدد إيران خارج محيطها الإقليمي؛ لتثير العديد من الأسئلة عن نواياها وطبيعة مشروعها ورؤيتها للعالم وللعلاقات الدولية، ففي الوقت الذي ترسل فيه إيران ميليشياتها بمناطق واسعة داخل العالم العربي، وتخوض حرب مناطق ونفوذ، وتتوسع مذهبيا وأيديولوجيًا في أفريقيا، وتنشر أذرعها الاستخباراتية في أمريكا الجنوبية؛ فإنه -بناء على ذلك- تتزايد بالتدريج الحاجة إلى تكوين معرفة حقيقية عن إيران نفسها؛ إيران من الداخل.

في هذا الصدد نقترح لغير المتخصصين خمس كتب يُمكن من خلالها تكوين معرفة جادة عن الداخل الإيراني، بلد الثورة والحرب والميليشيات والطبيعة الخلابة.

مدافع آية الله، لمحمد حسنين هيكل

“وكأن الخميني رصاصة انطلقت من القرن السابع الميلادي؛ لتستقر في قلب القرن العشرين”.

(هيكل)

في هذا الكتاب يتناول الأستاذ محمد حسنين هيكل قصة الثورة الإسلامية في إيران، مستعرضا جذورها التاريخية والاجتماعية وأسبابها الكامنة منذ ثورة مصدق المجهضة (1950-1953) التي طالبت بالاستقلال وتأميم صناعة النفط، وما تلاها من أحداث كوّنت حالة من الرفض والسخط الشعبي الذي تأسس على ميراث قومي وديني ضد نظام الشاه حتى انفجاره أخيراً في أواخر السبعينيات بزعامة آية الله الخميني.

يكتسب الكتاب أهميته من أن هيكل -وبسبب مَوقعه المميز في النظام الناصري ثم عملُه كصحفي- كان على صلة وثيقة بالأحداث وبرموزها الفاعلين، فقد جمعت بينه وبين الخميني منذ الستينيات علاقة شخصية وثيقة أتاحت له بعد ذلك النظر في الثورة عن قرب، ومعايشة أحداثها لحظة بلحظة، والاطلاع على الوثائق التي استولت عليها الثورة إثر اقتحام السفارة الأميركية في طهران.

وقد صدرت النسخة العربية من الكتاب عن دار الشروق، وتمت ترجمتها من اللغة الإنجليزية من قبل د.عبد الوهاب المسيري.

تاريخ إيران الحديث، للمؤرخ أروند إبراهيميان

“دخلت إيران إلى القرن العشرين بالثور والمحراث الخشبي، وخرجت منه بمعامل للصُلب وبواحد من أعلى معدلات حوادث السيارات في العالم، وببرنامج نووي يثير ذعر الكثيرين”.

(أروند إبراهيميان)

في ستة فصول يسرد الأكاديمي والمؤرخ أروند إبراهيميان تاريخ إيران الحديث خلال القرنين الماضيين بدءا بحكم القاجار وصولا إلى فترة حُكم الرئيس محمد أحمدي نجاد.

حيث يغطي الكتاب ما يُسمى بالقرن العشرين الطويل في إيران؛ أي بدءا من الإرهاصات والجذور السياسية والاجتماعية للثورة الدستورية في أواخر القرن التاسع عشر، وصولا إلى قيام الجمهورية الإسلامية في بدايات القرن الحادي والعشرين.

فيتناول الكتاب في فصله الأول “مستبدون ملكيون: الدولة والمجتمع تحت حكم القاجار” أهم سمات المجتمع الإيراني أوالفارسي كما يُسمى حينها خلال القرن التاسع عشر مُلقيًا الضوء على ضعف الدولة المركزية والمؤسسات التابعة لها.

يوضح الكاتب أن القرن العشرين كان حافلا بالأحداث السياسية في إيران مثل غيرها من دول العالم في هذا القرن الحافل بالتغيرات والثورات والحروب -وإن بدرجات متفاوتة – وتأتي بقية الفصول لسرد أحداث ذلك القرن؛ بدءًا بالثورة الدستورية سنة 1906 ثم الانقلاب العسكري لرضا خان في يونيو 1908 الذي كان بمثابة بداية حكم الأسرة البهلوية وصولا إلى الإطاحة به من خلال انقلاب دبرته الاستخبارات المركزية الأميركية؛ حيث عملت على تنصيب ابنه محمد رضا عوضا عنه، وانتهاء بالثورة الإسلامية سنة 1979 التي أطاحت بآخر شاه لإيران، وأسست الجمهورية الإسلامية الخاضعة لولاية الفقيه. وقد ركز الكاتب خلال حديثه عن هذه “الأحداث الكبرى” على أسباب وقوعها والتغيرات الاجتماعية التي مست مختلف الطبقات وخاصة طبقة المثقفين والنخب، بالإضافة إلى موقف الدول الكبرى منها لكن دون إثقال على القارئ.

تُرجم الكتاب للعربية، بواسطة الأستاذ مجدي صبحي، ضمن إصدارات سلسلة عالم المعرفة، بتاريخ فبراير /شباط 2014، بواسطة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت.

بردة النبي: الدين والسياسة في إيران، لرُوي متحدة، ترجمة رضوان السيد

عبر سرد سيرة أحد المعممين حيث درس المؤلف في “بردة النبي، الدين والسياسة في إيران” شخصية رجل الدين الشيعي في إيران، متتبعاً نشأة سُلطته وتطورها بطريقة أدبية مُبدعة.

فيبحث الكتاب عن الجذور الفكرية للعقلية الشيعية المعاصرة في التاريخ، ودور المنطق والفلسفة في تكوين تلك العقلية، ومركزية الفقهاء في النظام السياسي الإسلامي الشيعي وعلاقة المركزية الفقهية بالبنية التشريعية والدستورية في إيران .

ثم يعرض الكتاب تحولات الاجتماع السياسي في إيران الحديثة من خلال التركيز على لمحات مهمة عن علاقة الأدب بالسياسة والمجتمع، مع ربط جيد للجانب الاجتماعي بالمعرفي بالسياسي بالديني في صورة بانورامية للمجتمع الإيراني الحديث وتفاعلاته وتطوراته. وقد نُشر الكتاب عام 2007، عن دار الكتاب الجديدة المتحدة.

التيارات السياسية في إيران، للباحثة فاطمة الصمادي

في كتاب من ستة فصول توضح الباحثة فاطمة الصمادي بطريقة خرائطية التيارات السياسية الإيرانية؛ حيث تناولت في الفصل الأول من الكتاب العشرية الأولى من عُمر الثورة الإسلامية الإيرانية*، والتجاذبات والمعارك السياسية والأيديولوجية والخطابية التي شهدتها تلك الفترة المفصلية في تاريخ إيران بين القوى الدينية التي تزعمها الخميني وآيات الله وغيرها من القوى العلمانية الماركسية بدرجة أولى ثم الليبرالية والقومية، مع إلقاء الضوء على الكيفيّة التي تَشكلت بها تيارات اليمين واليسار بعد الثورة في إيران الإسلامية.

ويجري التركيز على هذه المرحلة التاريخية التأسيسية؛ لأنها أفرزت مُعطيات تؤثر في تشكيل الحياة السياسية في الجمهورية الإسلامية حتى اللحظة الراهنة. ويلي ذلك تأريخ وتحليل للخطابات السياسية المختلفة التي هيمنت على المجال العام الإيراني طيلة مراحل تاريخية متلاحقة. فتتناول في الفصول التالية مختلف التيارات والحركات، انتهاءً بالتيار النجادي، نسبةً للرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد.

كانت قد صدرت الطبعة الأولى للكتاب في العام 2012، عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

العرب والإيرانيون: العلاقات العربية – الإيرانية في الزمن الحاضر، لرضوان السيد

يضمّ كتاب “العرب والإيرانيون”، الذي نشرته الدار العربية للعلوم_ناشرون مجموعة من الدراسات التي كُتبت خلال أكثر من عشر سنين، ويتناول الكتاب الواقع السياسي والديني في الفضائين الإيراني والعربي خلال القرون الماضية للوقوف على التمايزات والتشابهات، ويحتوي الكتاب على ستة فصول في 175 صفحة، أولها “العرب وإيران: الدولة والإسلام والمجتمع المدني” وهو يبحث في تجربة التحديث في إيران ومصر خلال مئة عام؛ ليعرض تاريخا مقارنا بين تجربتي التحديث الأبرز فى المنطقة خلال القرن الماضي، وفي الفصل الثاني “الشيعة والسنّة: التوتّر ومداه ومصائره” يرصد السيّد توتّر العلاقة بين العرب وإيران من جديد نتيجة الدور الإيراني في الاحتلال الأميركي للعراق، وعمل إيران داخل البلدان العربية، إضافة إلى التدخّل الإيراني في لبنان وسورية باستخدام القوة، أما الفصول الباقية الصغيرة فتناولت واقع العلاقات السياسية والتدخلات الإيرانية بالعالم العربي في الماضي القريب وحتى الربيع العربي.

وقد نشر الكتاب عام 2014، عن الدار العربية للعلوم – ناشرون.

ميدان

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى