صفحات الثقافة

خمس قصائد لكفافيس

 

 

النوافذ

 

في هذه الغرف المظلمة التي أمضي فيها أياما ثقالا ،

أروح و أغدو باحثا عن النوافذ .

عندما تنفتح نافذة سيكون عزاء .

لكن النوافذ لا أثر لها ،

أو اني غير قادر على أن اعثر عليها .

وربما كان من الأفضل ألا أجدها .

ربما كان النور عذبا جميلا .

من يدري كم من أشياء جديدة ستظهر .

 

 

رغبات

 

مثل أجساد جميلة ، لم تدركها الشيخوخة ،

ذرفت عليها الدموع ،

وهي تواري ضريحا فخم البناء ،

على الهامات نضدت ورود،

ونثر الياسمين عند الأقدام .

مثل أجساد كهذه هي الرغبات التي ولت

دون وفاء ،

دون أن يقدر لها قط

ليلة من ليالي المتعة ،

ولا حتى صباح من أصبحتها

العامرة بالضياء .

 

 

أصوات

 

أصوات خفية حبيبة

أصوات أولئك الذين ماتوا،

أو أولئك الذين هم بالنسبة إلينا ضائعون مثل الموتى ،

تتكلم في حياتنا أحيانا ،

وأحيانا في الفكر يسمعها العقل.

ومع أصدائها

.. تعود برهة أصوات من قصائد حياتنا الأولى ،

مثل موسيقى

.. بعيدة في الليل تخبو .

 

 

دعاء

 

ابتلع اليم في أعماقه بحارا.

ولم تعلم أمه بالخطب

.. فمضت تشعل أمام العذراء شمعة طويلة ,

حتى يظل الجو صحوا

ويعود ابنها سريعا.

وراحت الأم ترهف السمع للرياح،

وتقيم الصلوات وتبتهل .

على أن صورة العذراء المنصتة خيمم عليها حزن وكآبة،

فهي تعرف أن الفتى لن يعود .

 

 

المدينة

 

قلت : ” سأذهب إلى أرض أخرى .

سأذهب إلى بحر آخر .

مدينة اخرى ستوجد أفضل من هذه .

كل محاولاتي مقضي عليها بالفشل .

وقلبي مدفون كالميت.

إلى متى سيبقى فكري حزينا ؟

أينما جلت بعيني ،

أينما نظرت حولي ،

رأيت خرائب سوداء من حياتي ..

.. حيث العديد من السنين

قضيت وهدمت وبددت.

 

لن تجد بلدانا ولا بحور أخرى.

ستلاحقك المدينة وستهيم في الشوارع ذاتها.

وستدركك الشيخوخة في هذه الأحياء بعينها.

وفي البيوت ذاتها

.. سيدب الشيب إلى رأسك.

ستصل على الدوام إلى هذه المدينة.

لا تأمل في بقاع أخرى .

ما من سفين من أجلك

وما من سبيل.

ومادمت قد خربت حياتك هنا ،

في هذا الركن الصغير،

فهي خراب أينما كنت في الوجود.

 

 

 

 

* ديوان كفافيس ، شاعر الأسكندرية ( 1863ـ 1933) .

* ترجمة عن اليونانية : الأستاذ الدكتور / نعيم عطيه .

* الطبعة الثالثة ، القاهرة 1995.

* لا يظهر اسم دار النشر ، لكن يوجد تنويه يشكر فيه المترجم رئيس الجالية اليونانية بالقاهرة السيد / يني دياكوميدس ، وصاحب مطبعة أطلس وإلى السيد وهيب ابراهيم . ربما تمت الترجمة باتفاق بين الدكتور نعيم عطيه والمسئولين عن أحوال الجالية .

وقد فاتني أن اسأل الدكتور نعيم عطيه عن مسئول النشر فقد تصادف أن التقيته في جلسة جمعتني بالدكتور رمضان بسطاويسي ـ أستاذ علم الجمال ـ والقاص الكبير أمين ريان في كافتيريا المجلس الأعلى للثقافة منذ شهرين تقريبا .

* قمنا بإعادة توزيع النصوص على الأسطر حسبما يقتضي المعنى ، وفي الأصل هناك قصائد مكتوبة بنظام السطر الكامل منها نص ( المدينة ) على سبيل المثال. لذا لزم التنويه.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى