صفحات العالم

خيارات سامانتا لسوريا

علي بردى

يتوق كثيرون الى سماع كلام المندوبة الأميركية الجديدة لدى الأمم المتحدة سامانتا باور بعد أن تسلم أوراق اعتمادها اليوم الى الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي – مون. تواجه مؤلفة كتاب “مشكلة من الجحيم: أميركا وعصر الإبادة” تساؤلات عن الإنتهاكات الكثيرة في العالم. غير أن الإختبار الأكبر أمامها الآن يتعلق بـ”تسامح أميركا مع مجازر لا توصف” يُتهم نظام الرئيس بشار الأسد والمعارضون له بارتكابها في سوريا.

تعاني سوريا اليوم وضعاً كتبت عنه سامانتا باور قبل أن تصير من صانعي القرار في إدارة الرئيس باراك أوباما. تساءلت مرة “لماذا تقف الولايات المتحدة مكتوفة” حيال الإنتهاكات الخطيرة للقيم الإنسانية العظيمة التي تتباهى بالدفاع عنها؟ كان يمكن اتخاذ “خطوات صغيرة ولو متأخرة” لإنقاذ أرواح مئات الآلاف. لم تدع باور في شهادتها أخيراً أمام الكونغرس أن إدارة الرئيس باراك أوباما لا تعرف ما الذي يجري في سوريا. ربطت غياب التدخل بعوامل عدة، أبرزها الشقاق في المعارضة والغموض على الأرض. غير أن الذين يتطلعون الى تدخل أميركي مباشر لوضع حد للمأساة السورية يتساءلون عن “وصمة العار الأخلاقية” التي تحدثت عنها هذه الرائدة الحقوقية الأميركية الجديدة. ألا تدرك أن ترك السوريين لمصيرهم لا يتلاءم البتة مع قيم حقوق الإنسان العالمية التي تتولى الولايات المتحدة قيادة الدفاع عنها؟

أظهرت سامانتا باور أخيراً نياتها، إذ أفادت أن “إخفاق مجلس الأمن(…) في التعامل مع المذبحة في سوريا عار سيحكم عليه التاريخ بقسوة”. كانت محقة إذ لم تصف الحرب السورية بأنها حرب إبادة، ولكن ماذا عساها تفعل تلك التي كتبت أنه “لا غنى عن قيادة أميركا في تشجيع (…) المؤسسات الدولية على التصدي” لقضايا بحجم “مذبحة” أزهقت فيها حتى الآن أرواح أكثر من مئة ألف انسان؟

ستسلط الأضواء عليها بدءاً من اليوم، وكل يوم، خلال جلسات مجلس الأمن ونشاطات الأمم المتحدة الأخرى، ليرى العالم كيف ستتعامل مع ما تعتبره “واحدة من حالات الفظائع الجماعية الأكثر تدميراً التي أراها في حياتي”. صاحبة هذه الكلمات ولدت في ايرلندا التي عانت حرباً أهلية طويلة، وعاينت أهوال حرب البوسنة صحافية في التسعينات من القرن الماضي، وعملت ناشطة في مجال حقوق الإنسان قبل أن تذهب الى هارفرد أكاديمية ترصد إخفاقات الولايات المتحدة في التعامل مع الإبادة في أنحاء العالم.

لعل سامانتا باور تسعى الى جسر الهوة بين الولايات المتحدة وروسيا في شأن الأزمة السورية، التي تطورت من انتفاضة شعبية على نظام استبدادي الى حرب أهلية بالأصالة، واقليمية وربما دولية بالوكالة، وفرت أرضاً خصبة لكل الجماعات الإرهابية. غير أنها ستدفع أيضاً في اتجاه خيارات بديلة لئلا تصير الحرب السورية مجرد فصل إضافي في نسخة منقحة من كتابها عن اخفاقات الدولة العظمى في التصدي للأزمات الأخطر في العالم.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى