بيانات الانتفاضة

خيارنا هو خيار الشعب السوري


تجمع اليسار الماركسي في سورية

هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطي

يدعو النظام السوري اليوم قوى المعارضة وشخوصها إلى لقاء تشاوري حواري فيما لا يزال ينتقل من مدينة لأخرى ليحاصر ويقتل ويعتقل تحت حجج وذرائع زائفة، ولذا فإن هذه الدعوة لا تعنينا طالما أن النظام لا يزال يسير على الأرض في خياراته المعهودة.

لقد التزمت قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية والشخصيات الوطنية في هيئة التنسيق الوطنية بالبقاء على تكامل وتفاعل مع انتفاضة الشعب السوري، وأكدت هذه القوى في أكثر من مناسبة أنها قد عاهدت الشعب السوري، كما سائر قوى المعارضة الوطنية داخل سورية، ألا تساوم على دماء ونضالات شعبنا من أجل الحرية والكرامة. فالمعارضة الوطنية الديمقراطية تسير مع الشعب الذي يقدم التضحيات، ولم ولن تكون في أي موقع لا يعبر عن مصالحه وطموحاته الحقيقية.

رغم قناعة قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية والشخصيات الوطنية في هيئة التنسيق الوطنية من حيث المبدأ بأهمية الحوار واعتباره سبيلاً أساسيا للتواصل والتفاعل بين جميع ألوان وأطياف الحيز السياسي لمناقشة وحل الأزمات التي تعاني منها سورية، لكنها ترى في الوقت ذاته أن لكل حوار بيئة يجري فيها، وبوادر توحي بنتائجه سلباً أو إيجاباً، وعلامات أو مؤشرات للثقة أو انعدامها، فإطلاق الحوار يفترض أن تذهب الأطراف ولديها شكل ما من الثقة بجدواه، وهناك اليوم حالة من فقدان الثقة لدى المعارضة والشارع السوري بالنظام القائم ودعواته للحوار.

يقول النظام اليوم إنه سيبدأ “الإصلاح” جدياً، ويغدو مطلوباً من الشعب وقواه الوطنية الديمقراطية بعد مرور أحد عشر عاماً أن تصدق هذا القول دون ضمانات أو حتى مقدمات توحي بالمصداقية. هذا التوجه الجديد على النظام يستلزم إرسال عدد من الرسائل الإيجابية لتأكيد الجدية والصدقية في اختيار مبدأ الحوار، ولعل أهمها في هذه اللحظة السياسية: الاعتراف العلني بطبيعة الأزمة الوطنية وشموليتها، إيقاف الحل الأمني العسكري الذي يتجلى قتلاً واعتقالاً وتعذيباً وتشريداً، محاسبة المسؤولين عن ممارسة العنف والقتل ضد المتظاهرين، إطلاق سراح جميع المعتقلين منذ بدء الانتفاضة وقبلها، إنهاء التحريض الإعلامي ضد الاحتجاجات والمعارضين والسماح لوسائل الإعلام العربية والأجنبية بتغطية ما يحدث، توفير الضمانات اللازمة لرفع العمل بقانون الطوارئ والأحكام العرفية، والاعتراف العلني بوجود معارضة سورية وبحقها في العمل الحر، إلغاء القانون 49 لعام 1980 والإقرار بضرورة إلغاء المادة 8 من الدستور، إضافة إلى الدعوة خلال فترة زمنية وجيزة لعقد مؤتمر وطني عام يضع برنامجاً متكاملاً وجدولة زمنية لتغيير سياسي ودستوري شامل عبر مجموعة من المداخل والتحديدات وتكليف حكومة انتقالية مؤقتة بتنفيذها، مع حضور ممثلين عن جمعيات حقوق الإنسان المحلية والعربية والدولية.

دون هذه المؤشرات لن تخلق بيئة صحية لأي لقاء تشاوري أو حواري، ولن يخدم اللقاء إلا التمويه على سياسات النظام الفعلية الدموية، والإيحاء للداخل والخارج بأنه يسير في طريق “الإصلاح”. وقد لفت انتباهنا أن “هيئة الحوار الوطني” لا تعرف حتى من هي أحزاب وقوى المعارضة، وسارت في اتجاه توزيع الدعوات بصورة اعتباطية، مما يعني أن المطلوب هو انعقاد اللقاء وحسب، وأن الهدف هو تغطية سياسات النظام ليس أكثر، أما نجاح اللقاء نجاحا فعليا فهو لا يعنيها وليس واردا في جدول اهتماماتها.

لقد عوَّدنا النظام أنه لا يسمع إلا صوته، ولا يحاور إلا ذاته، ولا يرى إلا صورته، ولا يعترف إلا بوجوده، ولطالما أشاح بوجهه عن دعوات الحوار التي وجهت له في الماضي، وهو بالنسبة لنا اليوم لم يتغير رغم هذا الضجيج حول دعوته للقاء التشاوري التي لن تجد من يلبيها بين قوى المعارضة الفعلية ، ولعله سيحاول إظهارها وكأنها ترفض مبدأ الحوار، وهنا لدينا الكثير لنقوله في هذا الشأن مما لا يتسع المجال له هنا، لكن نقول على أقل تقدير أن الحوار لا يسير مع الدبابات ولا يمكن أن يكون مسموعاً مع صوت الرصاص، ولن يجد الاستجابة مع استمرار زنازين الاعتقال وصرخات التعذيب، كما لن يقابل بالاحترام مع استمرار التحريض الإعلامي والطائفي وتشويه صورة الشعب السوري.

الحوار يفترض حضور العقل، والطريقة التي يتصرف بها النظام توحي بأن العقل غائب. إنه يتصرف منذ أربعة أشهر كنظام يخوض مواجهة مع شعبه ، ولا يريد شيئاً إلا أن يستمر متحكماً ومستأثراً بكل مفاصل الحياة ولو على حساب المزيد والمزيد من أرواح السوريين التي يبدو أنها لا تعني شيئاً له، ويوماً بعد يوم نخاف أكثر فأكثر على بلادنا وأهلنا من نظام يتنكر لحقوق الشعب و لحقيقة ما يحدث، ويصر على السير في نهجه المعتاد.

يوجد في سورية اليوم حراك شعبي سلمي واسع يطالب بالحرية والكرامة، وحراك سياسي يتبلور ويتوسع شيئاً فشيئاً، وقد يحدث في هذا السياق أن تدخل بعض القوى والشخصيات التي تفتقد إلى المصداقية إلى ساحة المعارضة مدعية الانتماء لها، وقد تحاول ركوب عربة المعارضة الوطنية الديمقراطية اليوم فيما هي براء منها، فالمعارضة ذات المصداقية معروفة وتاريخها الوطني الديمقراطي لا تتسع له مجلدات، والانتماء إلى هذه الساحة يحتاج إلى الكثير من شهادات حسن السلوك والمصداقية والتضحية التي تفتقد إليها مثل تلك الشخصيات والقوى، خاصة وأن بعضها كان حتى وقت قريب مجرد عجلات في مركبة النظام الاستبدادي.

أما الأصوات التي بدأت تعلو لدى بعض شخوص ما يسمى “الجبهة الوطنية التقدمية”، وقد كانت خائفة ومرتعدة طوال حياتها، فإن الفضل في ذلك يعود لأرواح الشهداء وتصميم المتظاهرين على عدم العودة بسورية لتبقى مملكة الصمت والخوف، وأيضا لضوء أخضر من النظام يطلب منها أن ترفع نبرتها في معارضته، لغاية في نفس يعقوب. والغريب هنا أن يتم اللجوء لبعض شخوص ما يسمى “الجبهة الوطنية التقدمية” لتكون في “هيئة الحوار الوطني” وهي التي كانت طوال أربعين عاماً وسيلة لشل الحياة السياسية في سورية ومأوى لكل منتفع وانتهازي.

لقد أثبت الشعب السوري خلال الأشهر الماضية شجاعة استثنائية وتضحية ملفتة للنظر استحق إزاءهما كل الاحترام والإعجاب من كل مراقب ومتابع، وقد انعكست هذه التضحيات في مجالات عدة إيجاباً على جميع السوريين، ومنها أنها المرة الأولى التي تبدأ كلمة الحوار بالتوارد على لسان النظام منذ ما يزيد على الأربعين عاماً، ولو بصورة سطحية وتفتقد المصداقية، وستستمر نضالات الشعب إلى أن يظفر ويجسد على الأرض سورية المستقبل التي يريد، حرة وديمقراطية ومزدهرة، مهما طال الطريق وعظمت التضحيات.

تحية للشعب السوري موحداً حراً أبياً ……المجد لأرواح الشهداء ….عاشت سورية حرة ديمقراطية

دمشق- 7/7/2011- هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى