صفحات الثقافة

خُورْخِي لْوِيسْ بُورْخِيس في ذّكرى ميلاده 116: كُلُّ السَّعَادَةِ وَهْمٌ إِنْ لَمْ تَكُونِي بِجَانِبِي

 

 

محمّد محمّد الخطّابي

ذات يوم من أيام الرابع والعشرين من شهر آب/أغسطس منذ قرن من الزمان و16 سنة، وفي قلب مدينة بوينس آيريس العملاقة، وعلى وجه التحديد في شارع «توكومان» وُلد الكاتب الأرجنتيني الذائع الصّيت خورخي لويس بورخيس، في منزلٍ متواضعٍ صغير، ورّغم عاهة العمى، فإنّ الحياة لم تحرمه نعمة البصيرة، مع ذلك أمكنه بما ألّف وخلّف لنا من أعمال جليلة، وإبداعات رائعة أن يملأ الدّنيا ويشغل الناس في حياته وبعد مماته على حدٍّ سواء.

حكى لنا بورخيس في ما بعد في كتاباته بحسرة وعلى مضض أنّ ذلك المنزل البسيط الذي كان مسقط رأسه لم يعد له وجود، إلاّ أنه لا يعلم، أو ربّما يعلم أن الذي بقي لنا مشعّاً ولامعاً هو عالمه الأدبي الفسيح، وخياله الإبداعي المجنّح، حيث سيصبح ذلك الفتى المغمور من أبرز الوجوه الأدبية في القرن العشرين المنصرم.

لقد أمتعنا هذا الكاتب المبدع الضرير البصير بعوالمه الادبية البورخية، التي تتداخل فيها المرايا، وتتزاحم وتتلاطم المتاهات، وتتعدّد وتتجدّد المكتبات وتنتثر فيها الأوقات المتشابكة الدائرية، وتنتشر فيها الفضاءات والمساحات داخل قصص وحكايات وقصائد وأبيات، إنه يخبرنا بتواضعه الجمّ، وبابتسامته الخجولة المعهودة: «أنّ أصدقاءه كانوا يخبرونه أنّ قصصه وحكاياته فاقت بكثير أشعارَه»، وكان بورخيس قاسياً في حكمه على الرّواية ومستقبلها، حيث كان يقول: «إنني لا أرى ولا أستسيغ أدباً إن لم يكن قصّة أو قصيدة.. وإنّ رواية تتألّف من 400 أو 500 صفحة قد تبعث على الملل وهي بالتالي مهدّدة بالزّوال».

كانت حياته رحلات وتنقلات متواصلة نقلته من حيّه المتواضع في بوينس أيريس – حيث ولد- إلى سويسرا، وإسبانيا، ثمّ إلى عدّة بلدان وأماكن أخرى نائية من العالم. وبعد سقوط النظام البيروني في بلده الأرجنتين، عيّن ـ بعد أن أصيب بالعمى- مديراً للمكتبة الوطنية في بلده، كما زاول التدريس الجامعي كأستاذ للأدب الإنكليزي في جامعة بوينس أيريس. وإثر تعيينه في هذا المنصب قال بورخيس ساخراً: «من دون شعور منّي، كأنّني كنتُ أهيّئ نفسي لهذا المنصب طول حياتي».

أعماله جعلت ذكراه حيّةً عند قرّائه ومُعجبيه

هذا الرجل الذي وهب نفسَه للأدب جسماً وروحاً، خلّف لنا أعمالاً إبداعية واسعة حقّق بها شهرة كبيرة وحصد من جرّائها نجاحات لا حصر ولا عدّ لها، حسبنا أن نعدّ ونذكر من بعض هذه الأعمال «حديقة المسارات المتفرّعة»، و«كتاب الرّمل»، و» كتاب الألف» و»أدب الخيال»، و»المرايا والمتاهات».. إلخ.

وفي حقبة الستينيات من القرن الفارط طفق بورخيس يحقق نجاحات متوالية، وبدأ نجمُه يسطع بقوّة في الأدب العالمي، ومن ثمّ حصل على العديد من الجوائز الأدبية المرموقة، منها جائزة « فورمنتور» عام 1961 مقاسمة مع العبثي صمويل بيكيت، كما حصل عام 1979على جائزة سيرفانتيس التي تعتبر بمثابة نوبل في الآداب الإسبانية مقاسمة كذلك مع الشاعر الإسباني الرقيق خيراردو دييغو، ورّغم الشّهرة الواسعة التي حظي بها في الأوساط الأدبية العالمية إلا أنه لم يتمكّن من الحصول على جائزة نوبل، ويرى العديد من النقاد والدارسين لأدب بورخيس أن مردّ ذلك قد يعود إلى آرائه ومواقفه السياسية، التي لم تكن تروق للأكاديمية السويدية المانحة لهذه الجائزة العالمية.

بورخيس مقابل الضّوء

خلال رحلة عمره الطويلة (87 سنة) وبعد وفاته، شغل بورخيس الأوساط الأدبية في مختلف أنحاء العالم، وقد أنجزت عنه وعن أعماله وإبداعاته العديد من الدراسات والكتب في بلده الأرجنتين وإسبانيا، وفي معظم بلدان أمريكا اللاتينية وأوروبّا، وفي الكتاب الذي كانت قد أصدرته تحت عنوان «بورخيس مقابل الضوء» الكاتبة الأرجنتينية إستيلاّ كانتو، والمرأة التي عاش معها بورخيس ردحاً من الزمن، قبل أن يقترن بإلسا أستيتي مَيّان ثمّ بماريا كوداما، تسوق العديد من الحقائق التي تلقي الأضواءَ الكاشفة عن هذا الكاتب، وقد قورن هذا الكتاب بكتاب آخر كان قد وضعه عن بورخيس الكاتب البيروفي المعروف ماريو برغاس يوسا الحاصل على جائزة نوبل في الآداب وتحت عنوان «حقيقة الأكاذيب» يتعرّض فيه لحياة بورخيس وأعماله ونبوغه.

ويصف الناقد الإسباني رفائيل كونتي، إستيلاّ كانتو بأنها: «كاتبة شجاعة لتجشّمها عناءَ الدخول إلى عالم بورخيس الوعر المسالك، والمتعدّد الجوانب والمتشعّب المشارب والاهتمامات». هذه المرأة عرفت بورخيس عن قرب، لذا فإنّ كتابها اعتبر شهادة حيّة مهمّة عن بورخيس، وعوالمه الادبية المحيّرة.ويعمل هذا الكتاب على تأكيد تلك الأسماء، والرموز، والمجازات، والأساطير، والأبنية التي تنعكس على تلك المرايا التي تتكاثر، وتتكرّر فيها الصّور بشكل متواتر ومستمر إلى ما لا نهاية في أعمال بورخيس. ويشير رفائيل كونتي إلى: «أن الفرق الذي يظهر لنا على حساب الصورة التي كانت في مخيّلتنا عن الكاتب هو تأكيد تشكّكاتنا إزاءه، وبالتالي المخاطرة في محو أو طمس أو تشويه تلك الصورة، وعليه فإنّ كتاب إستيلاّ يكاد لا يكشف لنا عن أي شيء ممّا كنا نشكّ فيه بشأن حياة بورخيس وملابساتها، كما أنه لا يزيح النقابَ عن الجوانب الخفيّة من أعمال صاحب الألف، ويكاد الكتاب أن يكون ـ والحالة هذه – ضرباً من النميمة.

بورخيس والمرأة

يقول الناقد رفائيل كونتي في هذا السياق كذلك: ينبغي أن نضع في حسباننا أنّ بورخيس كان عاشقاً للنساء، وعليه فإنّ إستلاّ كانتو تستفيض في الحديث عن هذا الجانب في كتابها، بل إنها تحكي لنا قصصاً وطرائفَ وحكايات عن ميولات بورخيس ومغامراته في عالم الهوى والصّبابة، خاصة المتعلقة بها حيث عاشت إلى جانبه حوالي ثماني سنوات، ونقترب بذلك من صورة العبقري الغائب فتغدو حاضرة معنا وقريبة منّا مؤثرة وواقعية، ومن جانب أنها تحكي لنا قصة فشلها وحيوية الكاتبة وشرفها يدعمان صحّة شهاداتها وأقوالها التي تصبح بذلك بمنأى عن كل ريبة أو تشكك، إلاّ أنّ الذي يحدث بالمقابل هو أن «الأدب الحقّ كان ممثلاً كذلك في الجانب الآخر لحياة هذا المبدع الهادئ الخجول والوديع، الذي يكاد أن يكون أعمى! إلاّ أنه بواسطة الانغماس في الأدب بالذات، أمكنه أن يستعيد حريته، بل أن يعلّم الناسَ الحرية كما علمهم التعامل مع الموت، كما أنه عندما خبا ضياء بصره زادت قوّة ونفاذ بصيرته، إنّ جمالية كتاباته وسحرها جعلت الملايين من قرّائه أحراراً..!.

كتاب «بورخيس مقابل الضوء» يطلعنا على الوجه الآخر للعملة، أي يطلعنا عن بورخيس الآخر بلحمه داخل كينونته الخانقة. ويشير الناقد الإسباني في هذا القبيل: «إن دراسة حياة المرء وبالأحرى إذا كان كاتبا مُجيداً لا تضفي شيئاً على قيمة أو مضمون أعماله وعطاءاته، إلاّ أنّ ذلك يوسّع مدارك هذه الأعمال، خاصة إذا كانت أعمالاً صادقة، وعليه فإنّ الإنسان المبدع يخرج دائماً رابحاً من وراء أعماله وليس العكس».

بورخيس وفرويد

كان بورخيس يمقت تحاليل فرويد ويستنكرها، إلاّ أنه هو نفسه ـ حسب إستيلاّ كانتو «لجأ إلى هذا الأسلوب، أيّ أسلوب التحليل النفسي الشخصي كذلك، وقد ألقت الأرجنتين (بلده) مزيداً من الشعاع على هذه الحقيقة، إنه لم يكن رجلَ سياسة إلا أنه كان مناهضاً للبيرونية، ولم يخطئ في ظنه وتكهّناته، إنه كان يعشق الطيش، ويهيم بالحياة، وجاء أدبه حافلاً بأعمق مظاهر السخرية والتهكّم المبطّنين بالمرارة والمضض، إنه أحبّ كثيراً، إلاّ أنه لم يف إلاّ قليلاً، ، لقد قرأ بعض الأشياء، ولكنه تعمّق فيها حتى ليخيّل لنا أنه قرأ كلّ شيء، طلب الزواج من إستيلاّ كانتو، ثم سرعان ما تراجع إلى الوراء. لقد تلقّى بورخيس من طرف أبيه التعنّت والاتّهام، ومن طرف أمّه الرضى والقبول، تزوّج للمرّة الاولى بشكلٍ سيئ، وتزوّج للمرّة الثانية بشكل جيّد، إن ادّعاءات إستيلاّ كانتو تدغدغ انفعالاتنا، كما أن مشاعرها حياله كانت صادقة، إنها تسمو فوق تشكّكات العاشقين.! إن هيام بورخيس مثير للشجون، إنه عاشق رومانسي، حالم، وواقعي في آنٍ واحد، إننا نجد الحبّ في أعماله عنيداً وضنيناً، في حين أننا واجدون الأدبَ والموتَ والمعرفةَ هي المعاني الأسمى في حياته، لقد عاش بورخيس دائماً للكتب، ومن أجل الكتب، وداخل الكتب، وقد جذبته إستيلاّ كانتو لأنها كانت تعشق برنارد شو، كما أنها كانت تجيد التحدّث بالإنكليزية، وكانت تبدو وكأنها متكاملة، ولكن ليس بالنسبة له شخصيّاً بل بالنسبة لاعماله الإبداعية، وهذا ما حدث.

بورخيس بقلم بورخيس

كتاب إستيلاّ كانتو يزيح الستار عن غير قليلٍ من الغوامض والرموز، والملابسات التي أحاطت بحياة بورخيس وأعماله الإبداعية، إذ يقدّم لنا الكتاب النصوصَ الأصلية للرسائل التي كتبها بورخيس نفسه، وقبل أن نورد نموذجاً من هذه الرسائل بعد ترجمتها إلى اللغة العربية لأوّل مرّة، لنترك هذا الكاتب الفذّ نفسه يذكّرنا بشخصيته الغريبة الأطوار ضمن ملحقين طريفين يحفلان بأنصع صور السّخرية، وأعمق مظاهر التناوش الفلسفي، وهما من كتاب «المرايا والمتاهات» من ترجمة الأديب الصّديق العزيز إبراهيم الخطيب، الذي نقل فيه إلى لغة الضّاد بأمانة وبراعة وإتقان منتخبات من قصص بورخيس، الذي تفضّل مشكوراً وأهداه لي في إحدى ليالي مدريد الحالكة والمشرقة في آنٍ واحد، مستحضراً ومتذكّراً مشاعرَ حنينية وحميمية نبيلة أيام دراستنا معاً في «القاضي عياض» في تطوان العامرة أوائل الستينيات من القرن المنصرم صحبة صفوةٍ من الأصدقاء والخلاّن الأصفياء الذين أصبحوا كلهم في ما بعد يحتلون مراتبَ مرموقة إلى جانب أبرز فرسان القلم في عالم الإبداع والكتابة والتأليف في المغرب منهم: نجيب العوفي، ومحمد الأمين الخمليشي، ومحمد أنقّار، ومحمد القماص، ومحمد الشيخي، ومحمد بوخزّار وإدريس عفارة، والعياشي أبو الشتاء وسواهم.

جاء في الملحق الأوّل من هذا الكتاب القيّم: «إنه للآخر بورخيس، من تقع الوقائع، إنني أسير خلال بوينوس أيريس فأتوقّف لعلني بصورة آلية، لمشاهدة قوس دهليز أو الباب المثلّث المصاريع، تصلني أخبار بورخيس بواسطة البريد، وأرى اسمَه في لائحة كراسي علمية، أو في معجم تراجم، أحبّ ساعات الرّمل، والخرائط، وطباعة القرن الثامن عشر، وطعمَ القهوة، ونثرَ ستفنسون، ويشاركني الآخر هذه الميول ولكن على نحو مغرور. سيكون من المبالغ فيه الادّعاء بأن علاقتنا عدائية، فأنا أحيا، وأترك نفسي تحيا كي يستطيع بورخيس حَبك أدبه، وهذا الأدب يبرّرني إنه لا يضيرني شيئاً أن أعترف لأنه تمكّن من كتابة صفحات قليلة قيّمة، بيد أنّ هذه الصفحات لا تستطيع إنقاذي، ربما لأن الجميل لم يعد ملكاً لأحد، بما في ذلك الآخر سوى لحظة مّا منّي، لقد فهم سبينوزا بأنّ الاشياءَ تريد البقاء في كينونتها، الحجرة تريد أن تظلّ حجرة إلى الأبد، والنمر يريد أن يبقى نمراً، أمّا أنا فعليّ أن أبقى في بورخيس».

وجاء في الملحق الثاني: «خشية من ارتكاب مفارقة تاريخية، وهي الجنحة التي يتوقعها القانون الجنائي وإن كان حساب الاحتمالات والعرف يدينانها، سننسخ مادة من «موسوعة أمريكا الجنوبية» التي ستنشر في مدينة سانتياغو في تشيلي عام 2074 لقد حذفنا إحدى الفقرات التي يحتمل أن تعتبر جارحة، كما وسمنا بالقيم طريقة الكتابة التي تتوقّف في كل الأحوال، وحاجيات القارئ المعاصر.. سيظهر النصّ على النحو التالي: «بورخيس خورخي فرنشيسكو أسيدورو لويس: كاتب عصامي من مواليد بوينس أيريس، عاصمة الارجنتين إذ ذاك، سنة 1899، لا يُعلم تاريخ وفاته، نظراً لأنّ الصّحف وهي نوع أدبي ينتمي إلى تلك الحقبة، قد تلاشت خلال الصراعات الواسعة التي يرويها لنا اليوم المؤرخون الجهويون، كان أبوه أستاذاً للسيكولوجيا، وكان هو أخاً لنورا بورخيس، وكانت ميولاته الأدب والفلسفة ونظرية الأخلاق « ترى هل شعر بورخيس بالشقاق الحميم الذي ميّز مصيره؟ يمكننا أن نظن ذلك، فهو لم يكن يؤمن بالخيار الحرّ، وكان يحبّ ترديد عبارة كارلايل هذه: «إنّ التاريخ الكوني نصّ نحن مرغمون على قراءته وكتابته من دون توقّف، وحيث نكتب فيه بدورنا أيضاً».

آخر رسائل بورخيس إلى إستيلاّ

على الرّغم من مرور ليلتين ويوم مرهق من غير أن أراك (كدت أبكي عندما عرّجت أمس على حديقة بنما) أكتب لكِ، ويغمرني بعض الفرح، لقد أخبرت والدك أنني أحمل أخباراً عجيبة، على الأقل بالنسبة لي، وأرجو أن تكون كذلك بالنسبة لك، يوم الاثنين سوف نتحدّث، وسوف أشعر بنوعٍ من الحبور، إلاّ أنني تيقّنتُ في ما بعد أنّ السعادة إنما هي وهمٌ إن لم تكوني أنتِ بجانبي.

حبيبتي إستيلاّ، حتى اليوم أنجبت أشباحاً بعضها ربّما تكون قصصي، وقد ساعدتني على العيش، وأخرى وهي هواجسي كادت أن تودي بحياتي، أمّا هذه الأخيرة فسوف أتغلّب عليها في حالة مساعدتك لي، إنّ نغمتي المضخّمة قد تجعلكِ تبتسمين، أعتقد أنني أناضل من أجل شرفي، من أجل حياتي، (وأكثر من ذلك) من أجل حبّي لإستيلاّ..أغنّي لكِ بالحرارة المعهودة، والشّجاعة المدهشة.. لويس بورخيس جورجيا».

وتقول إستيلاّ معلّقةً على آخررسائل بورخيس إليها: «إنّها آخر رسالة من جورجيا، إنّ القدر قد فرّقنا الظروف، الناس والأشياء، إلاّ أنه بشكلٍ أو بآخر مكثنا صديقين حتى النهاية»!.

ولد بورخيس في 24 آب/أغسطس 1899 في بوينس أيريس في الأرجنتين، وتوفي في 14 حزيران/يونيو 1986 في جنوة في سويسرا. وتزوّج من امرأتين اثنتين، وهما إلسا أستيتي مِيّان (1967- 1970) وماريا كوداما (1986- 1986).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى