صفحات الناسوليد بركسية

“داعش” يبدّل جلدته الإعلامية/ وليد بركسية

 

 

تغيير شامل أحدثته وكالة “أعماق” الإخبارية التابعة لتنظيم “داعش” التكفيري، حولها فجأة من مجرد مصدر إخباري داعم للتنظيم، إلى أبرز مصدر رسمي لكبرى الصحف ووسائل الإعلام في المنطقة والعالم، وذلك لنشر المعلومات الميدانية.

التغيير المذكور لم يكن في نوع المعلومات والصور والتصريحات، بل في طبيعة المفردات التي تبدو أكثر إخباراً، مقارنة بأداء الوكالة نفسها عند تأسيسها في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2014. التغيير الذي طرأ، لا يقتصر على إستبدال كلمات مثل “الجيش النصيري” و”الروافض” ومختلف الصفات ذات البعد الطائفي التي يتداولها إعلام “داعش” عند حديثه عن أعدائه، فقد استبدلت الوكالة قاموساً بأكمله، للحديث عن “الجيش السوري” و”قوات النظام” و”طيران التحالف”!

التغيير ليس اعتباطياً بكل تأكيد، بل هو نتيجة تخطيط مسبق، مع إدراك “داعش” دون ريب لعبثية التوجه للجمهور المعادي له بنفس المفردات التي يتوجه بها إلى جمهوره، أو من هم في الأراضي التي يسيطر عليها، وبالتالي تصبح إمكانية إيصال البروباغندا الداعشية إلى الآخر “أكثر سهولة” وربما “أكثر فاعلية”. ومن غير المستغرب أن تكون هناك فتوى سرية تبيح ذلك السلوك “غير السويّ” في توصيف “أعداء الله”، من منطلق “الضرورات تبيح المحظورات”!.

الوكالة كانت قد أطلقت تطبيقاً خاصاً بها للهواتف المحمولة أواخر العام 2015، وهو ثاني تطبيق لـ “داعش” من نوعه بعد تطبيقه الأول “ناشر”، وفيه نلاحظ تكراراً للخصائص السابقة، حيث تصل مواد الوكالة إلى المستخدم فقط دون إضافات قد تكون منفّرة ومزعجة. وكان متوفراً عند إطلاقه في متجر “غوغل بلاي” قبل حظره لاحقاً، فيما توفره مواقع تابعة للتنظيم بشكل مستقل.

لتحقيق كل تلك التغييرات، أنشأت “أعماق” لنفسها مدونة بتصميم جذاب على منصة “وورد برس” لبث الأنباء. ويلاحظ فيها، خلافاً لكافة المدونات الداعشية كثيرة العدد، النظافة والترتيب واعتماد اللون الأبيض بدل الأسود في التصميم، والابتعاد عن التبويبات الإسلامية الروتينية مثل الفتاوى والأناشيد وحتى المقاطع التي تمجّد بالخلافة الإسلامية المزعومة.

الابتعاد عن أسلوب المديح والهجاء، يوازيه ضخ للأنباء بانتظام ومن دون تفاصيل جانبية، فيقدم الخبر في سطرين أحياناً، وفي احيان أخرى، يكون الخبر عاجلاً لا يتعدى العنوان فقط. ومن هنا تحاول الوكالة إعطاء المصداقية لنفسها.

وكانت “أعماق” تتبع أسلوباً مغايراً تماماً في نشاطها القديم وتحديداً في “تويتر” الذي نشأت فيه ثم تخلت عن التغريد عبره منذ آب/أغسطس الماضي في خطوة مفاجئة، لكون “داعش” هو أبرز التنظيمات التكفيرية الناشطة عبر السوشيال ميديا عموماً وبالتحديد “تويتر”.

على ضوء ذلك، يمكن القول أن الأسلوب الجديد خطير من ناحية اعتماده على مزاعم “المصداقية” التقليدية لترويج المواد الدعائية. فالكثير من الأنباء لا يمكن التحقق من صحتها فقط بمجرد صياغتها بلغة إعلامية “حيادية” واحترافية، كما يظهر المرونة التي يتعامل بها “داعش” في حرب المفاهيم الحالية، والتي تميزه عن كثير من التنظيمات التكفيرية أحادية اللغة والخطاب.

التغييرات الاعلامية “المرسومة”، تظهر أيضاً في قسم الأنفوغرافيك الذي يظهر بوضوح ميل “أعماق” للمعلومات المجردة بدل الآراء، كما نلاحظ وجود حساب رديف لها على منصة “تامبلر” قليلة الانتشار في العالم العربي والشهيرة بكونها منصة لتبادل وعرض الصور بالدرجة الأولى، فيما تستخدم الوكالة سحابات تخزين متعددة عبر الإنترنت لبث مقاطع الفيديو في ظل الحرب التقنية الذي تمارسها كبرى الشركات العالمية ضد “داعش” في إطار الحرب على الإرهاب.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى