زين الشاميصفحات سورية

دمشق… تحت النار


زين الشامي

بعد مرور أكثر من عام على بدء حركة الاحتجاجات الشعبية في سورية، وبعد ان اقتصرت التظاهرات وأعمال العنف على المدن والمحافظات الأخرى، ها هي العاصمة دمشق تحتل صدارة التطورات في الآونة الأخيرة.

آخر تلك التطورات اعلان التلفزيون السوري أن «مجموعة إرهابية مسلحة» أطلقت قذائف صاروخية على مبنى البنك المركزي في دمشق، كما أفاد التلفزيون الحكومي أن تلك المجموعات هاجمت دورية شرطة في العاصمة ما ادى الى اصابة أربعة من افرادها.

دمشق أو الشام كما يطلق عليها أبناؤها كانت قد شهدت تفجيرا في حي الميدان قرب مسجد زين العابدين ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن تسعة أشخاص وأعلنت جماعة اسلامية تطلق على نفسها اسم «جبهة النصرة» لأهل الشام مسؤوليتها عنه.

انفجار حي الميدان أتى بعد أسبوعين من وقوع انفجارين استهدفا فرعين أمنيين وراح ضحيتهما العشرات بين قتيل وجريح.

وقبلهما في ديسمير الماضي استهدف تفجيرين آخرين استهدفا إدارة الأمن الجنائي و إدارة المخابرات الجوية وتسببا بمقتل أكثر من اربعين شخصا وإصابة العشرات.

التطورات الأمنية الأخيرة تزامنت مع وصول الجنرال روبرت مود رئيس بعثة المراقبين الدوليين الى دمشق الذي أقر بصعوبة المهمة التي تنتظره.

لكن رغم ذلك فهذه الاختراقات الأمنية تعني فيما تعنيه ان العاصمة دمشق دخلت مرحلة جديدة وسوف لن تنتهي هذه المرحلة أبدا، لأن العاصمة التي يتواجد فيها أكثر من 13 فرعا امنيا واستخباراتيا، حيث تشبه قلعة امنية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى حيث تتحكم هذه الأجهزة بكل مفاصل الحياة وتحمي النظام الاستبدادي، لم تعد تقدر على منع تدهور الحالة الامنية وتحمي مقراتها وضباطها وفي فترة لاحقة ربما سياسييها ومسؤولي حكومتها وحزبها الحاكم. وهذا مؤشر خطير ومهم بعد اكثر من عام على مرور الثورة الشعبية في سورية بغض النظر عمن يقف وراء تلك التفجيرات.

البعض يعتقد ان نظام بشار الأسد يهدف من وراء هذه التفجيرات لخلط الأوراق، وطمس الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها بحق أبناء الشعب السوري، وان له غايات كثيرة من ورائها منها إرسال رسالة للمجتمع الدولي مفادها أن «المجموعات المسلحة» او «القاعدة» و«الإرهابيين» حاضرون في المشهد السوري، حيث يعتقد أن ذلك سيؤثر على الموقف الدولي ويدفعه للتخلي عن المعارضة السورية والتمسك بالنظام على اعتبار أنه اكثر حيوية واهمية لاستقرار المنطقة من مستقبل غائم ومجهول قد يتحكم به «الاسلاميون» فيما لو سقط النظام.

بالطبع لا تخلو هذه الحجج من منطق خصوصا وان الصور التي يبثها الإعلام الرسمي لضحايا التفجيرات من جثث متفحمة ومنتفخة والايغال والتقصد في عرض الاشلاء مع كل ما يسبب ذلك من ألم للمشاهدين وتجاوز للاخلاق المهنية في التعامل مع الصور والضحايا، يوحي بأن الغاية من وراء كل ذلك هي احداث صدمة في الرأي العام العالمي وتخويف غير العارفين بطبيعة النظام السوري بخطر وصول المجموعات الاسلامية الى السلطة فيما لو سقط «النظام العلماني» والامني.

لكن وكما قلنا سابقا، ليس المهم من يقف وراء هذه التفجيرات، بقدر ما ان العاصمة دمشق نفسها، حيث يقيم الرئيس بشار الأسد ونظامه وجلّ مسؤوليه وقادته العسكريين والامنيين و«البعثيين»، صارت تحت خط النار… هذا كان شبه مستحيل قبل عام حيث كانت التظاهرات والاحتجاجات في قرى وبلدات بعيدة… صدق من قال ان المعركة حقيقة بدأت بعد «بابا عمرو» وليس قبلها.

الراي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى