صبر درويشصفحات الناس

دمشق: نجحت هدنة برزة/ صبر درويش

 شهد العديد من أحياء العاصمة دمشق، محاولات عقد هدنة مع النظام السوري، إذ سعت القوى المدنية المسيطرة على هذه الأحياء إلى فتح قنوات اتصال مع النظام، وذلك في سبيل التوقيع على هدنة تنهي حالة الصراع المسلح بين قوات المعارضة وقوات النظام.

 وفي الوقت الذي تعثرت فيه هدنة مخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق، ونفذت هدنة ثانية، في مدينة معضمية الشام، بشكل جزئي، ونجحت ثالثة، إلى حد ما، في بلدة يلدا، وردت أنباء تؤكد على توقيع الناشطين في حي برزة، شمال العاصمة دمشق، على هدنة مع قوات النظام تضع حداً للاقتتال الدائر بين الطرفين والذي استمر لأشهر طويلة مضت.

 ويعد حي برزة من أوائل الأحياء الدمشقية التي ثارت على نظام الأسد حيث خرجت أول تظاهرة في الحي في الأول من نيسان 2011.

ووفق ما يقول الناشطون، فإن الدافع الأساسي وراء سعي المدنيين إلى عقد هدنة مع طرف غير موثوق أساساً، هو الوضع المزري الذي وصل إليه سكان الأحياء المحاصرة، إذ لم تتمكن كتائب الجيش الحر من فك الحصار عن هذه الأحياء.

 يأتي ذلك بعدما شن الناشطون حملات إعلامية واسعة تشير إلى كارثة إنسانية بدأت تصيب سكان هذه المناطق، حيث سجل، على سبيل المثال، وفاة أكثر من 66 شخصاً في مخيم اليرموك نتيجة الجوع والجفاف، في حين لا يختلف الأمر كثيراً في المعضمية، إذ شهدت المدينة وفاة العديد من المدنيين وأغلبهم من الأطفال نتيجة الجوع، وهو ما ينطبق على أغلب المدن السورية المحاصرة.

 وأكد ناشطون من المكتب الإعلامي لحي برزة في حديث لـ”المدن”  أن “الوفد المفاوض يتألف من ممثلين عن بعض الكتائب المتواجدة في الحي والبعض الآخر من المدنيين الذين يقطنون خارج الحي، وحدثت هذه اللقاءات بدعوة من نظام الأسد أساساً”.

وأضافوا “العديد من المدنيين الموجودين خارج الحي نسقوا مع قائد سابق لإحدى الكتائب المعارضة في مكتب أحد الضباط التابعين للنظام، وعند حضورهم أبقى الضابط على القائد العسكري ووالد أحد المنشقين نظراً لقدرتهم على التأثير على التشكيلات العسكرية في الحي ليتفق معهم، وأمر بصرف بقية الحاضرين”.

 وكانت هذه “المفاوضات” قد أفضت إلى توقيع هدنة بين الطرفين كان أهم بنودها  “وقف إطلاق النار بين الطرفين، انسحاب قوات النظام من كل أراضي برزة، تنظيف الطرقات تمهيداً لفتحها للمدنيين، إضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين من سجون النظام، وجعل المراكز التي تم تحويلها إلى ثكنات عسكرية، مراكز مدنية لا وجود للجيش فيها، إلى جانب إعادة الخدمات إلى الحي وإصلاح البنى التحتية تمهيداً لعودة المدنيين. كذلك، فتح الطرقات الرئيسية في الحي مع وضع حواجز على الشارع العام. وأخيراً، السماح بعودة الأهالي بعد إصلاح الخدمات”.

 وحول تطبيق بنود الهدنة، أوضح المكتب الإعلامي في برزة لـ”المدن” أن غالبية الشروط المتفق عليها تم تنفيذها، فيما مسألة الإفراج عن المعتقلين لم تنتهِ بشكل كامل، وهي بحسب ما أوضح المكتب، تتجه إلى الحل في غضون الأيام المقبلة.

 وعن المعتقلين، قال المكتب إن تعهداً قطعه عميد في الحرس الجمهوري تم الاتفاق معه شخصياً حول هذه المسألة، ينص على البحث عن المعتقلين والعمل على إطلاق سراحهم، إذ تجاوزت قائمة المعتقلين في برزة، 370 شخصاً، بينهم على الأقل 300 من أهل الحي ذاته.

 وبحسب “تنسيقية برزة”، فإنه في الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير الحالي، تم فتح الطريق إلى برزة والسماح بعودة المدنيين. الدخول إلى الحي، كان حصراً عن طريق دمشق التل، مع تفتيش دقيق جداً لكل المتجهين إلى الحي وتسجيل أسمائهم عند حاجز عش الورور، وقد تم خروج معظم الأهالي من الحي حوالي الساعة الخامسة بعد تفقدهم لأهلهم وممتلكاتهم.

وفي ما يخص ملف المعتقلين، يقول الناشط، سامر أبو الليث، في حديث لـ”المدن” إنه تم إبلاغهم “من اللجنة بأن ملف المعتقلين ستتم إحالته إلى القضاء ابتداءً من يوم الأحد  27- 1، ليتم الإفراج عنهم بشكل متتابع. بينما حتى اللحظة لم يفرج عن أي معتقل من سكان الحي”.

 من جهة ثانية، يعترض بعض سكان حي برزة على الهدنة التي تم توقيعها، وذلك بحجة عدم الثقة بنظام الأسد. يقول أحد سكان الحي، محمود السالم، وهو والد أحد الشهداء، في حديث لـ”المدن” إن “الهدنة تعني التفريط بدم أبنائنا الذين استشهدوا، هي استسلام بشكل غير مباشر، ونحن لن نتنازل عن دم أبنائنا”.

 من جهتها، تقول أم أحمد، وهي واحدة من سكان الحي اللواتي دخلن إلى الحي وخرجن منه، إن “قسماً كبيراً من البيوت والمحال التجارية منهوبة بالكامل، بينما الدمار ستجده في كل مكان تقريباً، وما لفت انتباهي عندما زرت الحي أن هناك بيوتا لم يلمسها أحد، بينما بيوت غيرها نهبت حتى صنابير المياه منها”.

 يباشر سكان حي برزة والذين كانوا قد نزحوا عن بيوتهم بسبب المعارك في العودة إلى منازلهم، وفي المقابل، يباشر المجلس المحلي في المدينة عمليات إصلاح البنى التحتية وتنظيف الشوارع، الأمر الذي يشير إلى نجاح مؤقت لهذه الهدنة، التي من الممكن أن تضع حداً لتشرد المئات من أسر الحي، وتفتح إمكانية حلول جزئية، بات المحاصرون بأمس الحاجة إليها بعد أن خذلهم العالم وخذلتهم معارضتهم في الخارج.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى