صفحات الناس

دمشق: هبوط صرف الليرة والنزوح يحركان السوق العقارية/ سلام السعدي

 

 

موجة جديدة من ارتفاع الأسعار في سوريا ضربت هذه المرة سوق العقارات في العاصمة دمشق. إذ شهدت أسعار العقارات والإيجارات ارتفاعاً ملحوظاً في الأسبوعين الماضيين على خلفية هبوط سعر صرف الليرة السورية، ونزوح أعداد جديدة من السوريين نحو العاصمة.

فمع توسيع المعارضة المسلحة في ريف دمشق لعملياتها العسكرية لتطال أطراف العاصمة، سيطرت المعارضة على منطقة الدخانية ومحيط منطقة كشكول المحاذيتين لمدينتي جرمانا والدويلعة. وتضم المدينتان أعداداً كبيرة جداً من السوريين المقيمين والنازحين، تتجاوز بحسب بعض التقديرات المليون ونصف مليون نسمة. الأمر الذي تسبب بموجة نزوح جماعي جديدة من جرمانا والدويلعة إلى أحياء أكثر استقراراً في العاصمة وريفها. وفي نزوحهم الثاني أو الثالث منذ اندلاع الثورة، يعاني السوريون من عدم وجود منازل شاغرة للإيجار بما فيه الكفاية.

فعلى مدار الأعوام الثلاثة الماضية، تواصلت موجات النزوح الهائلة من ريف دمشق الذي تحول إلى ساحة حرب، إلى مركز العاصمة أو بعض أحيائها الآمنة. فارتفعت الكثافة السكانية في دمشق بصورة جنونية. وفي حين كان يقطنها في العام 2011 نحو 1.7 مليون سوري، أضيف إلى هؤلاء في أعوام الحرب أكثر من 2.5 مليون نسمة جديدة، وذلك بحسب عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل والمواصلات في “محافظة دمشق” هيثم الميداني.

هكذا، ازداد الطلب بشكل حاد على المنازل الشاغرة، وارتفعت أسعار الإيجارات بصورة عامة وبمستويات قياسية لم تعرفها مدينة دمشق من قبل. وقفزت الأسعار تبعاً للمنطقة، ففي حي جرمانا الذي شهد موجة النزوح الأخيرة والذي تقصده عادة الفئات متوسطة الدخل، تراوحت أسعار الإيجارات بين 25 و35 ألف ليرة للمنازل المتواضعة. أما في بعض أحياء وسط دمشق مثل المهاجرين والبرامكة والعدوي والمزرعة والمزة وحتى في دمشق القديمة، فتراوحت الأسعار تبعاً لموقع المنزل ومساحته بين 50 ألف و100 ألف ليرة.

لكن الأسعار اليوم ارتفعت مجدداً، وذلك ليس بسبب ضغط النزوح فحسب، بل أيضا بسبب هبوط سعر صرف الليرة السورية. فمع ارتفاع سعر صرف الدولار لمستويات قياسية لم تشهدها العملة السورية منذ عام، ومع سيادة عدم اليقين بتوجيه “التحالف الدولي” ضربات في سوريا، سارعت أعداد كبيرة من السوريين للتخلص من العملة السورية، وذلك بالإقبال على شراء المنازل. وفي تأكيد لذلك، نقلت صحيفة حكومية عن مصدر في “وزارة المالية” قوله إنَّ “سوق العقارات في دمشق وريفها تشهد حركة نشطة خلال الأيام القليلة الماضية، مقارنة مع الأشهر السابقة”.

وعزا المصدر الحكومي سبب النشاط المحموم في السوق العقارية إلى “خشية فقدان العملة السورية لقيمتها بعد الارتفاع المفاجئ للدولار”. كما أكد “زيادة تسجيل وتثبيت البيانات العقارية في الوزارة خلال الآونة الأخيرة بنسبة تتجاوز 30 في المئة، إضافةً إلى أن كثيراً من عقود البيع والشراء المبرمة خلال الأعوام الماضية جاء مالكو الشقق لتثبيتها اليوم”.

ويعقب النشاط الحالي في سوق العقارات فترة ركود حاد استمرت لنحو عام، وتحديداً لدى استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية والتهديد الأميركي بتوجيه ضربة عسكرية ردا على ذلك. حينها هبط سعر صرف الليرة السورية إلى مستويات سحيقة (بلغ 350 ليرة مقابل الدولار)، وحدث جمود كبير في حركة البيع والشراء في السوق العقارية. في حين تواصلت عمليات تأجير المنازل مع استمرار النزوح السكاني، لكنها سجلت ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار، لتستقر على مدار العام الماضي، وتعاود الارتفاع في هذه الفترة.

ومع توسع المعارك باستمرار لتطال أحياء جديدة، تبقى الأحياء القابلة للحياة في العاصمة دمشق وفي محيطها محدودة للغاية، ما يجعل الأسعار مرشحة لمزيد من الارتفاع، وهو ما سيفاقم من معاناة السوريين التي لا يبدو أنها ستستقر عند حدود معينة في المدى المنظور.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى