صفحات سورية

دية دم الشعوب هي رحيل النظام


بسام البني

بعد مرور ثلاثة أشهر ونيف على بدء الأحداث في سوريا، وثلاث خطابات رئاسية و الكثير الكثير من التصريحات الخلبية من الحكومتين الأولى والثانية مازالت المظاهرات مستمرة ومازلت سوريا تنزف دماً.

لم تتوقف في كل هذه الفترة أجهزة الأمن في سوريا عن القتل في الشوارع حتى بات دم الشهداء يتجمع في حناجرنا ويكاد يخنقنا ، فقد تجاوز عدد الشهداء 1300 بلحمهم ودمهم وأسمائهم، أما السجون فقد امتلأت عن بكرة أبيها فباتوا يستخدمون الملاعب والصالات الرياضية كسجون وكيف يمكن أن لا يحدث هذا والإحصائيات تقول : أن هناك أكثر من 15 ألف معتقل رأي ومتظاهر (مندس).

من ينظر إلى سوريا اليوم يتيقن بأن بركان شعبها الخامد منذ أكثر من أربعة عقود قد عاد للنشاط والفوران ولن يوقفه شيء حتى يطلق حممه المحتبسة والمحقونة كجني من قمقم، نعم يا سادتي لقد خرج المارد من قمقمه وقال كلمته، فكان الرد بالرصاص الحي والاعتقال والتنكيل و دهس الرؤوس والأجساد والأفكار والكرامات بالصرامي( الأحذية )، ناهيك عن الأخبار التي ترد هنا وهناك عن هتك الأعراض وتخريب الممتلكات من قبل الشبيحة ومن ورائها القوى الأمنية.

الشيء الذي لا يمكن فهمه أو التغاضي عنه بعد اليوم هو كيف يمكن لهذا النظام الذي تلطخ بدماء شعبه أن يستمر أو يحصل على ثقة الجماهير؟؟ أنا أعتقد جازماً أن النظام قد فقد أي شرعية مختلقة كان يتستر خلفها.

لم يعد لهذا النظام أي مبرر للبقاء في السلطة حتى وإن كانت هناك عصابات مسلحة ورغم المؤامرة ورغم كل حملات الدعاية التي يمارسها الإعلام السوري الرسمي بهدف غسل دماغ الجماهير فأي شيء موجود في سوريا اليوم من عصابات ومندسين و متآمرين وأسلحة متطورة يملكها المتمردون على الدولة ( على حد قول النظام وماكينته الإعلامية ) يتحمل النظام المسؤولية الكاملة عن وجوده.

وبما أن العرف السياسي يقول : إن دية دم الشعوب هي برحيل النظام ، فقد وجب على هذا النظام أن يرحل ودون تردد لأن الجماهير التي سفكت دماء أبنائها لن تسكت أبداً عن المطالبة بدية هذا الدم الغالي . والعرب في أعرافهم يقولون : أن الثأر هو الكفيل بغسل الدماء . وإن فشلت الجماهير بالحصول على الدية فحتماً ستطالب عندها بالثأر.

وبناء على ما سبق فإن على النظام الرحيل حقناً للدماء وقبل فوات الأوان ، وعليه أن لا يقلق على المقاومة والنضال من أجل تحرير الأراضي المغتصبة فمن أحتضن المقاومة هو الشعب أولاً وأخيراً، ومن دفع فاتورة السلاح الذي لم يوجه لإسرائيل هو الشعب أيضاً، والشعب اليوم قال كلمته ودفع الفاتورة من دماء أبنائه ، فارحلوا ودعوا الشعب يقول كلمته فقد تلاشت مصداقيتكم وفقدتم محبة الأغلبية العظمى من الجماهير الحرة الأبية .

وإن إدعائكم أن الملايين خرجت تأييدا لكم فهذا ادعاء كاذب لم يعد يقنع أقل الناس عقلا ، ونحن نعرف تماماً كيف تخرج تلك المسيرات ، وإذا أردتم مظاهرات أكبر منها تعبر عن رغبتها برحيلكم توقفوا عن الاعتقال والقتل لأيام وسترون ويرى العالم كيف ستخرج مظاهرات أكبر من التي خرجت للتأييد ، والجموع الحرة الغفيرة التي خرجت في حماة أكبر مثال على ذلك في الختام ليكن بمعلوم النظام وإن رحل اليوم قبل الغد أن دية الدم ولو دفعت لا تعني أنه لن يكون ثمة حساب مع كل من تلطخت يده بدم شبابنا وأطفالنا ، وكل من أهان أو اعتقل أو عذب ، وكل من هتك عرضاً …..ويا ويلكم من الأخيرة أيها الفاسدون .

اللهم فأشهد إني قلت رأيي دون مراوغة ودون لف أو دوران.

باحث وكاتب صحفي مقيم في موسكو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى