صفحات الحوار

د. عبدالله تركماني يستعرض السيناريوهات الممكنة: الحل الكوسوفي أو الخيار اليمني بمباركة روسية


أروى الكعلي

أوضح عبد الله تركماني عضو المجلس الوطني السوري والكاتب والباحث السوري المقيم في تونس في حوارنا معه أنّ عديد السيناريوهات محتملة لإنهاء الأزمة السورية من بينها ” الحل الكوسوفي ” أو ” الخيار اليمني “. وأكّد أنّ أيّ حلّ للأزمة يرتبط ارتباطا وثيقا بالموقف الروسي ويرجح أنّ تواصل مجازر الأسد سيدفع الرئيس الروسي فلادمير بوتن إلى أن يعمل على تدبير خروج سلمي للأسد والترويج لهذه الفكرة على أنها نجاح روسي.

كذلك حول الأزمة السورية والأسباب المفسرة لصمود النظام إلى اليوم وسيناريوهات الحل المتوقعة كان لنا مع الكاتب والباحث السوري الحوار التالي:

-1- صرّح الرئيس الإيراني أنّ الغرب يسعى إلى استغلال عدم الاستقرار في سورية، إلى أي مدى تؤيد ذلك وما هي مصالح الغرب وإيران اليوم في سورية بعد أكثر من عام على انطلاق الثورة ؟

كما هو دأبهم دائماً، مع حلفائهم فيما يسمى ” تحالف الممانعة “، يتلطى قادة إيران بشعارات معاداة الغرب على طول الخط، وفي هذا السياق جاء تصريح الرئيس الإيراني. في حين أنّ التدخل الإيراني في الشؤون السورية يشمل تدريب ميليشيات النظام على عمليات التصدي للمتظاهرين، وتقديم التقنيات والأجهزة اللازمة لذلك، ونقل شحنات كبيرة من الأسلحة. كما ضخت الحكومة الإيرانية مليارات الدولارات، عبر مصارف في لبنان والعراق، لدعم سلطة آل الأسد ومنع اقتصادها من الانهيار. وعلى الرغم من الجرائم المروّعة التي ترتكبها سلطة الاستبداد وانفضاض دول العالم عنها، إلا أنّ النظام الإيراني يبدو مصراً على دعمها بكل الوسائل العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية. وإزاء كل ذلك ألا يحق للمرء أن يتساءل: مَنْ يسعى إلى عدم الاستقرار في سورية ؟

-2- فشلت كل المحاولات العربية والدولية في إيجاد حل للأزمة، برأيك ما الذي يفسر صمود الأسد إلى اليوم ؟ وهل يصعب اليوم الحديث عن أي حل يقصي الأسد ؟

منذ بداية الثورة في مارس/آذار 2011 رأت سلطة آل الأسد أنّ اتساع نطاق الثورة في مختلف المدن السورية سيعرّضها لمزيد من المخاطر، لذا لجأت إلى الحل الأمني لتحجيم المظاهرات ولإرهاق الشباب المحتجين ولقتل أكبر عدد من الناشطين، بما فيهم النساء والأطفال، متذرعة بأنها تواجه ” أنشطة إرهابية “. وقد شجعها في ذلك عدم فاعلية الأطراف العربية وتباين مواقفها، وكذلك حالة التردد التي تتسم بها المواقف الغربية حول سبل التعامل مع الحالة السورية، في وقت يستمر فيه الدعم الإيراني غير المحدود للنظام السوري، إضافة للغطاء السياسي الذي يوفره الموقف الروسي- الصيني، الأمر الذي جعل بشار الأسد يشعر بالاطمئنان، ويواصل بطشه بالمعارضة.

واليوم، بعد مجزرة ” الحولة “، التي شكلت نقطة انعطاف في مسار الثورة السورية  والقوى العربية والدولية الداعمة لها، لم يعد لسلطة  الاستبداد سوى الاستعداد للرحيل وترك السوريين يتدبرون أمر إعادة بناء دولتهم المدنية الديمقراطية الحديثة.

-3- دعا برهان غليون السوريين إلى خوض ” معركة التحرير “، هل أنّ هذا الحلّ قابل للتحقق على أرض الواقع ؟

بعد أن تُرك الشعب السوري لغول وشبيحة آل الأسد، طوال خمسة عشر شهراً، وبعد أن خسرت الشرعية الدولية مصداقيتها أمام دماء السوريين، فإنّ من حق قادة الشعب السوري أن يدعوا إلى حماية المدنيين السوريين بشتى الوسائل، بما فيها دعوة الجيش السوري الحر إلى الاستمرار في الكفاح من أجل حماية أبناء وبنات شعبه، وأن يبقى على أهبة الاستعداد لخوض معركة التحرير معتمداً على قواه الذاتية، طالما أنّ المجتمع الدولي لم ينجح في التفاهم على آلية لوضع حد لجرائم سلطة آل الأسد والوفاء بواجبه تجاه المدنيين السوريين العزل.

ويبدو أنّ هذا الحل هو الذي سيرهق قوات وشبيحة السلطة، على طريق تحرير سورية من نظام الفساد والاستبداد، أو أن تلتفت قوى المجتمع  الدولي المؤثرة إلى ضرورة إزالة العقبة الوحيدة أمام هذا الحل، بمطالبتها رأس النظام بالرحيل لفتح أفق حل سياسي تنتقل سورية بموجبه من الاستبداد إلى الديمقراطية.

-4- برأيك ما هو السيناريو الذي تحضره الولايات المتحدة لإنهاء الصراع في سورية ؟

مع تزايد المؤشرات الدالة على تعثر خطة المبعوث الأممي – العربي المشترك كوفي عنان، وعدم وجود خطط بديلة لحل الأزمة سلمياً أو وضع حد لأعمال العنف والقتل المتصاعد، والتي أصبحت تتم على مرأى المراقبين الدوليين في سورية ومسمعهم. وعلى اعتبار أنّ استمرار الحالة الراهنة دون تحرك جاد لإيجاد مخرج سياسي لها، سيكون له تداعياته الخطيرة، ليس فقط على سورية، وإنما أيضاً على مجمل أوضاع المنطقة، بما يهدد الأمن والسلم الدوليين، فإنّ ثمة سيناريوهات عديدة محتملة أبرزها: إقامة مناطق آمنة يلجأ إليها المدنيون الفارون من جنود السلطة وشبيحتها، وكذلك المنشقون عن الجيش السوري، بما يتطلبه ذلك من توفير حماية جوية من قبل المجتمع الدولي. أو ” الحل الكوسوفي ” الذي يقتضي تدخلاً عسكرياً محدوداً لتفكيك الآلة الأمنية للسلطة. ولعل مؤتمر أصدقاء سورية  القادم يتبنّى هذين الخيارين أو أحدهما، مستغلاً حالة الغضب التي تسود أوساط الرأي العام العالمي بعد عمليات القتل والذبح المروعة لضحايا مجزرة ” الحولة “.

وربما يستطيع تفاهم أمريكي – روسي اعتماد ” الخيار اليمني “، تحت طائل عدم قدرة روسيا على وقف خيار التدخل العسكري الذي قد يكبر ككرة ثلج في ضوء مجازر أخرى محتملة ؟

خاصة أنّ روسيا تراقب سورية عن كثب، في محاولة لمعرفة ما إذا كان بشار الأسد يمكنه البقاء في السلطة، وتخشى من أن تصل الأمور إلى حد لا تكون هناك جدوى من دعمه للبقاء في السلطة، ولا يستحق الأمر المجازفة بمكانة روسيا على الساحة العالمية.  وقد يميل الرئيس بوتين لفكرة تدبير خروج سلمي للأسد  والترويج لهذه الفكرة على أنها نجاح روسي. وقد يتم إخراج هذا السيناريو بمؤتمر دولي حول سورية في موسكو، يجري فيه الاتفاق على تغيير النظام، مع الإبقاء على أجهزة الدولة وتأمين استمرارية عملها منعاً للسقوط في آتون حرب مدمرة للدولة والمجتمع السوريين.

(*) – نُشرت في صحيفة ” الصباح الأسبوعي ” التونسية – 4/6/2012.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى