بمثابة تحية إلى نساء سوريةصفحات مميزة

رسالة إلى أهلنا خلف الحواجز: أمل عريضة

 

 

أمل عريضة542311_10151183615872656_1026603766_n

ياأهلنا في المدن المسيجة بعشب البنادق وكثبان الرمال المعلبة وأوهام العسكر: طمئنونا عن صحتكم وعن أخبار الصغار والزوجات والأمهات. لماذا توقفت رسائلكم إلينا؟ هل كسروا أصابعكم أم اعتقلوا الحمام؟

أيها المقيمون تحت أنظار العناية الإلهية تتلقون هدايا جميع الآلهة المستبدة والغافلة والمترفعة:  هل تتدفؤون جيدا؟

حين تمتدُّ أيدينا كلّ صباح لتوقف رنين المنبه، فترتدُّ مسرعة لتتدثر بالغطاء وتلتصق بالجسد، نتذكركم.

وحين نرتدي أثقل ملابسنا ونرشف الشاي الساخن أو القهوة المغلية أو الزهورات الدافئة، ونذهب إلى سوق الخضار، فنلتقط الفاكهة الأغلى قبل أن تختفي ويُحرم منها أطفالنا المدللون، نتذكركم.

 وحين نسرع من حانوت إلى آخر لنسبق الأسعار المتضخمة، فنفاجأ بأنّ خطاها الرشيقة قد سبقتنا إلى جميع الأماكن، نتذكركم

عندما نهرع إلى أطفالنا البكم لنحول بينهم والمدفأة المستعرة، وحين نهيّئ أنفسنا لسهرات هادئة على ضوء شموع تذوب وتتلاشى أسرع من دمعنا، نتذكركم.

ياأهلنا في مدن العتمة والصقيع: أحقاً أنّ ضياء الصواريخ وقذائف الهاون يقشعُ ظلمتكم، ويمحو رعبَ الكوابيس عن أذهان أطفالكم، وأنّ حرائق نيرون تبعث الدفء في أوصالكم، وتماهي النار والدخان وألسنة اللهب تروي لهم القصص الخرافية وتخفف ضجر ليالي الشتاء الطويلة؟!

ياأهلنا في المدن  المحاصرة والمطوّقة بالرشاشات والدبابات: خبرونا ماذا تأكلون؟

وماذا فعلتم بجرار الزيت والسمن والعسل؟  قد عبأناها بالصلوات والدعوات وأرسلناها إليكم مع قوافل الحمام لتطير فوق نقاط التفتيش، فهل وصلتكم قبل انقضاء الأجل؟

أعلمونا إن كنتم تحتاجون أشياء أخرى للحياة أو للموت، فما زال لدينا أكفان وتوابيت وملقنون ودكاكين آسٍ وشواهد رخامية.

ومازال لدينا الكثير من الأغاني والألحان والأشعار الحماسية تمجدكم وتحيّيكم.  سنجمعها على أسطوانة ليزرية ونبثها على شاشاتنا في ذكرى قيامتكم الأولى.

ياأهلنا المترفين في مدن الحكايات الجليدية التي صدّقنا أنها تشفّ عن مكنونها ولاتذوب: سمعنا من المذياع أنكم تهدمون منازلكم وترمون بالأثاث إلى المتسولين، فهل ترغبون أن نرسل لكم تصاميم أبنية وديكورات أكثر عصرية؟

آه!  ياأهلنا خلف حواجز الرمل والبنادق! ماذا أقول لكم ومسافات هائلة من الجرأة والشهامة والأخلاق تفصلنا عنكم؟! أيها المتسربون من جراح الوطن شهداء بالجملة ومدينة إثر مدينة: مازلنا نحتاج أن نحيا بإيمانكم البطولي، ونخشى أن نموت إن متّم، وأن نغرق في السواد ويسقط الوطن في الكابوس الختامي.

ياأهلنا في المدن المشطورة:  لاتذهبوا… فنقاط التفتيش تنمو كلّ لحظة في ثنايا حاراتنا وجيوب برارينا أيضا، ونحتاج أفق أحلامكم حتى لاتهزمنا السجون.

اللوحة للفنانة سلافة حجازي، وهي تشارك بلوحاتها في محور: بمثابة تحية إلى نساء سورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى