صفحات سورية

روائح كريهة عابرة للقارات

 


سحر عبدالله

اتصلت بأختي  لأطمئن منها على امتحان ابنها حيث يتقدم هذه الأيام لفحص البكالوريا، فرد علي ابنُ أختي  نفسه وحين سألته كيف عم تقدم يا خالتو” قال ممتاز خالتي وخاصة اليوم كان عندي انكليزي. أخبرني عن الأسئلة قلت:

قال: جائنا مقطع ترجمة من العربية للانكليزية : نالَ جدي وساماً على شجاعته في الحرب. فسألتهُ ترجم لي العبارة ضحك وقال يا خالتي كنت بدي اكتب نا ل جدي على شجاعته أربع سنوات سجن. فضحكنا ضحكة نصفها وأكثر مرارة. استلمت أختي الهاتف لتكمل معي المحادثة. كعادتنا نبدأ بالحديث عن الوالد ؟

كيفو الختيار؟ قالتلي يا خطيتو نطحيتو البقرة ع إيدو.. إي!!

تقول أختي أي شو خدناه ع الدكتور وخيطلو إيدو إحدى عشر قطبة وإيدو ورمانة وعم توجعو ورغم هيك إجى اليوم شافني لأنه مشتاقلي.

وماذا بعد؟

قالت الأخت المقهورة: شو بدي قلك؟.

تصوري أنه حين أذهب للفرن كي أشتر ي الخبز يرمقني الجميع بنظرات احترازية اشتباهية أكثر من متسائلة وكأنني غريبة غيرمرغوب بها.

احتفلت القرية منذ فترة بولائها للنظام وسرت الأقاويل  كالحريق بتعرفي؟

قلتُ لها مثلا: ختيار النحس(المقصود أبي طبعا) إذا سقط هالنظام ليرقص بدياتو وجرياتو

الله لا يخفف عنو السرطان الي بوجهو من كتر الله مو غيضب عليه؟؟..

بدأت أعصابي بالتوتر وبدأت بالسباب على الهاتف محتقرة أخلاق قريتي التي لا ترى في شيخوخة رجل ومرضه سوى موضوعا للتشفي والانتقام.

تقول أيضا: لك أن تتخيلي الحال من  أن سكان قريتك يعتبرون كل من يشاهد قناة الجزيرة عميل وخاين وفوق ذلك يتهمون العائلة الكردية الوحيدة في القرية بالخيانة أيضا سلفا رغم أنهم حزبيون وقبل ذلك كله تقاسموا مع أبناء القرية كل حلوٍ ومر..على مدى تاريخ سكناهم للقرية.

 

ماذا يمكن أن أقول عن قرية اجتمعت بأكملها وتاريخيا على معاداة شخص لوحده هو أبي وتتشفى من مرضه الآن وتكيل له أقبح اللعنات لأنه لم يشارك في احتفالات الولاء والتعبد وهو من جاوز الثانية والثمانين

يلومني الأصدقاء في احتجاجي ومعارضتي للنظام؟؟ هذا الموقف يختصر ما عانيته مع أبناء عائلتي وقريتي منذ أن وعيت على هذه الدنيا ..

كيف لي أن لا أنشق عن كل تلك القباحة؟

كيف لي أن لا أختنق من نتانة تلك الرائحة التي تصلني عبر الحدود؟

ليس للتفاهة حدود حين يُمسخ الوطن بهذا الشكل.

آه يا أبي كم يبتعد الوطن…الذي نحلمُ به

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى