صفحات العالم

روسيا تريد بديلاً من الأسد تطمئن إليه

هل يصير اتفاق على الخلف قبل إزالة السلف؟
اميل خوري
هل يمكن القول إن البيان الرئاسي الذي صدر باجماع أعضاء مجلس الأمن كاف لدعم خطة كوفي أنان، وهل سيتجاوب الرئيس الأسد مع مضمون هذا البيان بحيث تبدأ العراقيل عند مباشرة تنفيذ بنود الخطة ولا يأبه للتلويح له باجراءات إضافية، أنه يخشى أن يخسر سنده الدولي الوحيد وهو روسيا فيلتزم تنفيذها؟
في معلومات لمصادر ديبلوماسية أن روسيا بالاتفاق مع دول عربية وغربية ستتولى معالجة الأزمة السورية على أساس أن لا بحث في تنحي الرئيس الأسد ولا تحديد مهلة لذلك قبل أن يتحقق وقف تام لاطلاق النار، وتمكين المنظمات الانسانية من إيصال مساعداتها الى جميع السوريين المحتاجين إليها في كل المناطق، وينسحب الجيش من المدن الى ثكنه، ويتم اطلاق المعتقلين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم شاركوا في التظاهرات المناهضة للنظام السوري.
وعندها يبدأ الحوار مع كل الأطراف للاتفاق على بديل من هذا النظام وعلى الحكم البديل من الحكم الحالي. ذلك ان روسيا تعارض إسقاط النظام في سوريا وحمل الرئيس الأسد على التنحي قبل أن يكون حصل اتفاق بين المعارضين السوريين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم على أن يتم انتقال السلطة بسلاسة ومن دون مشاكل وتوترات كما هو حاصل في غير دولة من الدول العربية التي اتفقت فيها المعارضة بتنوعها على إسقاط النظام والحكام ولم يتفقوا حتى الآن على البديل… ولا يزال الصراع على السلطة قائماً في مصر وليبيا واليمن والأمن فيها غير مستتب، وهذا ما ينبغي تدارك حصوله في سوريا.
وتخشى روسيا ومعها دول غربية أن تسود في سوريا بعد سقوط النظام وتنحي الرئيس الأسد فوضى عارمة كالتي تسود حالياً في العراق بسبب الصراع على السلطة وعلى المناصب وعلى الصلاحيات، حتى ان نتائج الانتخابات النيابية لم تحسم ذلك. فاذا ظلّت المعارضات في سوريا التي يزداد عددها غير موحدة الرأي في موضوع النظام البديل وفي من يخلف الحكم الحالي، فقد يستولي عليه الاسلاميون الأصوليون فتصبح الأقليات في خطر، لا بل يصبح الأمن القومي بالذات في روسيا في خطر إذا ما نشط هؤلاء الاسلاميون داخل دول في روسيا الاتحادية بحيث تنتقل أعمال العنف إليها فيسبب ذلك مزيداً من التدهور في الأوضاع الاقتصادية والمالية وتتوقف حركة الاستثمار التي تخلق فرصاً جديدة للعمل لتحد من تزايد معدلات البطالة ونسبة الفقر والعوز وهو ما يستغله الأصوليون ويوظفونه ضد كل حكم معتدل. وقد أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن هذه المخاوف في حديث له قال فيه: “إن سقوط الأسد قد يؤدي الى حكم السنّة”.
وما دامت المعارضات في سوريا متفقة على اسقاط النظام فيها لكنها غير متفقة على النظام البديل وعلى الحكم البديل، فمن الخطأ المميت السير بسوريا نحو المجهول. لذا تعارض روسيا تحديد مهلة لتنحي الرئيس الأسد حتى إذا ما انتهت وصار التنحي، فان الفوضى قد تدبّ ويصبح الوضع في سوريا شبيهاً بالوضع في العراق أو في اليمن، ويتكرّر عندئذ الخطأ الذي ارتكبته الولايات المتحدة الأميركية عندما اسقطت نظام صدام حسين وفكّكت الجيش قبل أن يتم التوصل الى اتفاق على البديل. لهذه الأسباب وغيرها تعارض روسيا إسقاط النظام في سوريا قبل أن يصير اتفاق على النظام البديل، وهو نظام تريده أن يكون معتدلاً لتطمئن اليه إن لم يكن صديقاً لها كالنظام الحالي ويحافظ على مصالح الجميع ومستعد للسير في تحقيق سلام شامل في المنطقة ينهي النزاع المزمن بين العرب والفلسطينيين من جهة واسرائيل من جهة أخرى.
والسؤال المطروح هو: هل يستجيب الرئيس الأسد لمطلب وقف القتال ولو من جانبه ليكشف موقف الجانب الآخر إذا لم يفعل مثله، وان يبدأ توزيع المساعدات الانسانية على كل من يحتاج اليها من السوريين ويفرج عن المعتقلين السوريين حتى إذا ما تحقق ذلك يصبح الجو مؤاتياً لحوار يشارك فيه كل الأطراف، موالين ومعارضين من أجل التوصل الى اتفاق على انتقال هادئ وسلس للسلطة. وروسيا تدرك تماماً أنه لم يعد ممكناً بعد كل المجازر التي وقعت ان يبقى النظام ويبقى حكم الرئيس الأسد، لكنها تريد ان يتم ذلك بالحوار والتفاهم وبحفظ ماء وجوه الجميع ولئلا يقوم في سوريا حكم إسلامي أصولي يعرّض أمن دول المنطقة للخطر.
ورشح أن دول الغرب ودولاً عربية ومجلس الأمن باتت مقتنعة باعطاء رسويا فرصة لتحقيق ذلك حتى إذا عجزت عن تحقيقه وكان الرئيس الأسد هو السبب، فإن روسيا تنضم عندئذ إلى المطالبين بتنحيته. فهل يسمع كلمة صديقه الروسي أم يظل يعاند ولو دخلت سوريا والمنطقة المجهول؟
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى