صفحات العالم

روسيا والمسؤولية الاخلاقية في سورية

رأي القدس
تركز وسائل الاعلام العربية والعالمية على اعمال القتل والعنف في تقاريرها الاخبارية اليومية عن تطورات الاوضاع الدموية المستمرة منذ اكثر من عام في سورية، وهذا امر طبيعي ومتوقع، لان أحداث العنف هذه، ومعظمها ناجم عن هجمات قوات الجيش والامن الرسمية، تؤدي الى سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين، وهؤلاء يحتاجون الى رعاية خاصة من قبل المجتمع الدولي ومنظماته الانسانية وفي اسرع وقت ممكن.
ومن هنا فان دعوة السلطات الروسية لحلفائها في دمشق بالموافقة فورا، ودون اي تأخير على طلب اللجنة الدولية للصليب الاحمر باعلان هدنة يومية للسماح لها بالوصول الى الجرحى والمدنيين الذين يتعين نقلهم واسعافهم، خطوة على درجة كبيرة من الاهمية، وان كانت قد جاءت متأخرة.
عناصر اللجنة الدولية للصليب الاحمر يجب ان يصلوا الى كل الجرحى والمحاصرين، ودخول كل السجون والمعتقلات لاداء مهامهم في انقاذ ارواح هؤلاء، وعلاج جروحهم، في ظل غياب كامل لرعاية الدولة، وازدحام المستشفيات، بل وتعرض الكثير من الجرحى لعمليات قتل انتقامية من قبل الشبيحة التابعين للنظام، وهم على اسرتهم، مثلما افاد العديد من التقارير الاخبارية.
السلطات الروسية وقفت دائما الى جانب النظام، وقدمت له المساعدات العسكرية والامنية، ومنعت ادانته وفرض عقوبات اقتصادية ضده في مجلس الامن الدولي، ولذلك فهي الوحيدة القادرة على ممارسة ضغوط جادة عليه للقبول بمثل هذه الهدنة، والسماح بانقاذ الجرحى، وايصال المساعدات للمحاصرين في مناطق منكوبة، مثل حمص وادلب تتعرض للقصف اليومي.
نحن لا نطالب بهدنة من جانب واحد فقط، وانما من جميع الاطراف المتورطة في هذا الصراع، والجيش السوري الحر ايضا، بعد ان فرض نفسه كقوة في ميادين المواجهة، مع اعترافنا بالفارق الكبير من حيث التسليح والتدريب والقدرات العسكرية بينه وبين قوات الجيش والامن التابعة للنظام.
زيارة المعتقلين في السجون الرسمية، وهناك عشرات الآلاف منهم حسب الارقام غير الرسمية، من المسائل الضرورية ايضا للتعرف على ظروف اعتقالهم، وطريقة معاملتهم، والتأكد من عدم تعرضهم للتعذيب، فهؤلاء بشر وسوريون ايضا، وقد يكون الكثيرون منهم ابرياء لا ذنب لهم، وكم من المظاليم في المعتقلات والسجون السورية.
فاذا كان الحديث عن الحلول السياسية في تصاعد هذه الايام سواء من قبل السيد كوفي عنان مبعوث الامم المتحدة او من الجامعة العربية، فان الخطوة الاولى لانجاح هذا التوجه تتمثل في اعلان هدنة انسانية، ووقف اعمال القتل والعنف ايا كان مصدرها، لتهيئة الحد الادنى من الاجواء الملائمة لاجراء الحوار الذي يطالب به المبعوث الدولي.
النظام السوري يجب ان يدرك ان العناد والتصلب في المواقف يؤديان حتما الى نتائج عكسية تماما ليست في صالحه او صالح الشعب السوري الذي من المفترض ان يقدم لجميع اطيافه الامن والاستقرار، فالتفجيرات الدموية وصلت الى قلب دمشق، وكذلك الجماعات المسلحة التي وصلت الى حي المزة اكثر الاحياء امانا وحماية لوجود سفارات ووزارات ومقرات امنية وعسكرية فيه.
نتمنى ان يعطي هذا التحرك الروسي ثماره الفورية، ويجد التعاون من جميع الاطراف لانقاذ الجرحى والمحاصرين، وايصال المعدات الطبية والانسانية اللازمة لمن يحتاجها لان استمرار هذه الاوضاع غير الانسانية لمدنيين عزل تحت الحصار والقصف هو جريمة كبرى لا يمكن غفرانها.
القدس العربي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى