صفحات الناسياسين الحاج صالح

“زهران علوش” مصير رزان ويتونة ورفاقها –ثلاثة مقالات-

 

 

 

لماذا زهران علوش هو المُتهم/ ياسين الحاج صالح

لم يكد زهران علوش ينفي مسؤولية جماعته عن خطف سميرة الخليل ورزان ويتونة ووائل حمادة وناظم حمادي حين سئل عن القضية في آب 2014، عوضاً عن نفي مباشر وبسيط فضّل إجابة تشبه إجابات بشار الأسد، وتساءل عن السبب وراء بذل اهتمام خاص بهذه القضية، بينما هناك الكثير من «نساء المسلمين»، حسب تعبيره، في سجون النظام، لا يحظين باهتمام مماثل. على نهج النظام الأسدي، يريد قائد «جيش الإسلام» التشويش على القضية التي سئل عنها والمزايدة على السؤال، ويحاول وضع قضية مخطوفي دوما الأربعة في مواجهة قضايا النساء المخطوفات والمعتقلات عند النظام، كأن الاهتمام بقضية رزان وسميرة ووائل وناظم يأتي حتماً على حساب الاهتمام بأي معتقلات ومخطوفات ومعتقلين ومخطوفين عند النظام وعنده وعند داعش وما شابه. وكأن ما حظيت به هذه القضية من اهتمام خاص هو السبب في محدودية الاهتمام بقضايا المعتقلات الأخريات، وكأن التوقف عن الاهتمام بقضية الأربعة سينعكس فورياً ارتفاعاً في الاهتمام بقضية «نساء المسلمين» المعتقلات والمعذبات عند النظام.

لكن مرواغة الرجل تبلغ حد الصفاقة حين نتذكر أن «مركز توثيق الانتهاكات» الذي كانت رزان أبرز مؤسسيه كان يوثق جرائم النظام من اعتقال وخطف وقتل، وأن خطفها بالتالي ضربة قوية لتوثيق تلك الجرائم ضد «نساء المسلمين»، وضد عموم النساء والرجال في سورية. خطف رزان، وسميرة ووائل وناظم، هو ما أضعف الاهتمام بقضايا المعتقلين والمخطوفين الآخرين، وهو ما قدم خدمة كبيرة للنظام.

والواقع أن قضية سميرة ورزان ووائل وناظم نالت اهتماماً خاصاً بالفعل، وذلك نتيجة تلاقي عدد من الاعتبارات. أولها أنه صادف أن للأربعة أحباب وأصدقاء يستطيعون إبقاء الاهتمام بالقضية حياً ومستمراً، وهذا بدوره مرتبط بحقيقة أن المرأتين والرجلين أشخاص محترمون جداً، معارضون للنظام منذ وقت بعيد، وسجلهم أثناء الثورة وقبلها لا تشوبه شائبة، ولم يجنِ أي منهم مكسباً شخصياً من أي نوع من كفاحه. ثم إن الأربعة اختطفوا من «منطقة محررة»، ليس من مناطق سيطرة النظام التي اختطف منها كثيرون، ولا من مناطق سيطرة داعش التي اختطف منها كثيرون أيضاً، بل من منطقة يسيطر عليها زهران علوش وتشكيله. وأنه وتشكيله بالتالي في موقع المسؤولية السياسية القطعية عن الجريمة، بحكم كونهم سلطة الأمر الواقع الأولى في المنطقة. وما يعزز مسؤوليتهم السياسية أنه لم يجرِ تحقيق في الجريمة من قبلهم طوال شهور، وحين زايد زهران بالكلام عن «نساء المسلمين» بعد ثمانية أشهر من جريمة الخطف، تكلم على لجنة تحقيق بالأمر، ولم يُعلَم شيء حتى اليوم، بعد ثمانية أشهر أخرى، عن «رأس الخيط» الذي أشار إليه في المقابلة. أرجح أن كلامه على «اللجنة» و«رأس الخيط» هو من باب المراوغة الذي اشتهر به النظام وخريجو مدرسته.

لكن زهران هو المشتبه به الأول والوحيد حتى اليوم لأننا نعلم أن أحد رجاله هو من كتب تهديداً بالقتل لرزان، وهذا الرجل، واسمه حسين الشاذلي، اعترف بالمسؤولية عن كتابة التهديد أمام جهاز قضاء محلي في دوما. ونعرف أن زهران زار الشاذلي في سجنه، وطلب أن يكون اللقاء على انفراد، وحين رُفِض طلبه أرغى وأزبد، وهدد بأنه سيحرر رجله، وهو ما جرى فعلاً بعد حين، حيث تدبر زهران أمر تهريب الشاذلي من مكان توقيفه. كان الشاذلي اعترف أيضاً أن سمير الكعكة، المشهور بلقب أبو عبد الرحمن الكعكة، نائب رئيس مجلس الشورى التابع لجيش الإسلام في دوما، والرجل الثاني في جيش الإسلام بعد زهران، هو من كلفه بكتابة التهديد.

وبعد تهريبه شوهد الشاذلي علناً في شوارع دوما، وفقاً لأسوأ التقاليد التشبيحية للنظام الأسدي في تحدي العدالة واحتقارها وتحكيم منطق القوة، وكان له دور كبير في حرب زهران ضد «جيش الأمة»، التي يبدو أن أحد دوافعها قضية المخطوفين الأربعة.

وليس صحيحاً أنه ليس لدى جيش الإسلام غير قوات ترابط على جبهات مواجهة النظام، على ما قال لي في اتصال عبر سكايب ناطق باسم جيش الإسلام بعد أيام من جريمة خطف الأربعة، وعلى ما قال زهران نفسه في حديث تلفزيوني مع خالد أبو صلاح. فسجن التوبة هو سجن معروف لعلوش وجماعته في دوما، ولديهم، وفق تقاليد النظام الأسدي أيضاً، مقرات اعتقال أخرى سرية في أكثر من مكان في دوما والغوطة.

وكانت أطلقت النار ترهيباً أمام مكتب «مركز توثيق الانتهاكات» الذي كانت تديره رزان في دوما، من قبل عناصر من جيش الإسلام، حسب ما أكدت رزان نفسها في حينه، وحسب إجماع من يعرفون الوضع في دوما.

وقبل الخطف كان بعض أقارب لزهران، مثل ابن عمه محمد علوش، وبعض إعلاميي جيشه، يشنون حملة بذاءة وتسفيه ضد رزان، ويتساءل بعضهم بلهجة ترهيبية: «ماذا تفعل هذه في دوما؟» كأن دوما ملك شخصي للجماعة!

وحين وُوجه زهران بأن بعض رجاله دخلوا على كمبيوترات الأربعة بعد الخطف، لم يجد ما يقول غير أنه: يمكن أن يكون خطأً معيناً قد حصل!

ومقابل هذه القرائن، ليس هناك أية قرينة تشير إلى مسؤولية جهات أخرى.

فهل يحتمل أن يكون زهران وجماعته هم من قاموا بكل أفعال التشبيح والزعرنة (أو «الزهرنة») هذه، ثم يرتكب جريمة الخطف أحد غيرهم؟

ومن معرفتي الشخصية بواقع الحال في دوما أقطع بأن يكون الفاعل هو زهران وجماعته. لدى الرجل طموح تسلطي مفرط، وغرور شديد، مع معرفة محدودة جداً بتكوين البلد وتاريخه ومجتمعه، وبمفاهيم الدولة والسياسة والحق والعدالة والمسؤولية. ولم يؤثر عنه يوما انفتاح على رأي مخالف أو مروءة وسماحة خلق أو تجرد في التعامل مع خصم.

هذه الاعتبارات توجه بأن زهران هو المشتبه به الأول والوحيد، وهو من عليه أن يوفر كل الدلائل عن مصير الأربعة، ويضمن تحريرهم. الشيء الوحيد المطلوب من الرجل ليس مزيداً من المراوغة والأكاذيب، بل فقط التحرير الفوري للأربعة. لا شيء آخر، ولا شيء أقل.

موقع الجمهورية

 

 

 

زهران علوش في تركيا: أين رزان وسميرة ووائل وناظم؟/ زيـاد مـاجد

يزور زهران علّوش قائد “جيش الإسلام” (أكبر الفصائل الإسلامية المسلّحة في الغوطة الشرقية والمسيطِر سيطرةً كاملة على مدينة دوما قرب العاصمة السورية دمشق) مدينة إسطنبول التركية.

يعني الأمرُ أن الرجلَ نجح في الخروج من منطقة يحاصرها النظام الأسدي، وحضّر زيارته ورتّبها مع السلطات التركية، أو لِنقُل إنها قد تكون من بادَر الى دعوته في إطار ما يُحكى عن جهود إقليمية مُستجدّة، تركية وسعودية وقطرية، تهدف الى تقديم دعم عسكري نوعي لبعض القوى المعارِضة السورية تسمح لها بتصعيد الضغط على قوات الأسد وحُماته الإيرانيّين وعلى الميليشيات اللبنانية والعراقية والأفغانية الداعمة له (في جبهات الجنوب ودمشق والقلمون وحلب بخاصة).

 

ما يهمّنا في هذه العجالة هو أن زهران علّوش إياه متّهم من قبل قسم كبير من المعارضين السوريّين بتجاوزات ومثالب كثيرة، أخطرها خطف رزان زيتونة وسميرة الخليل ووائل حمادة وناظم حمادي في دوما في 9 كانون الأول 2013.

وخطف هؤلاء “ليس كأي خطف”. فهو استهدف أبرز المعارضين الديمقراطيين لنظام الأسد، وأبرز الموثّقين لجرائمه وانتهاكاته، وأبرز العاملين في دوما على دعم المجتمع المحلّي وتأمين سبل صموده في وجه سياسات الحصار والتجويع والتدمير التي يفرضها النظام الأسدي.

كما أنه بهذا الخطف استهدف بشكل خاص وجهين ورمزين نسائيّين إستثنائيّين: رزان زيتونة، المحامية الأكثر شجاعة في سوريا والمدافعة عن حقوق الإنسان وعن حرية معتقلي الرأي، بمن فيهم المعتقلين الإسلاميّين، منذ ما قبل الثورة بسنوات طويلة؛ وسميرة الخليل، المعتقلة السياسية السابقة التي أمضت أعواماً في سجون الأسد الأب، والمجسّدة في سيرتها النزاهة وثبات المعارضة للفاشية بمرحلتَيها الأسديّتين.

وطبعاً لسميرة ورزان، كما لوائل المشارك في الثورة والناشط المدني والمعتقل مرّتين في سجون الأسد، وشريك رزان في حياتها وكفاحها، ولناظم المحامي والشاعر والعضو المؤسس في “لجان التنسيق المحلية” وفي “مركز توثيق الانتهاكات”، لهم جميعاً سمعة في سوريا وخارجها وتراث من العمل والتحدّي المستمرّ للاستبداد سابق بعقدين (في حالة سميرة) وبعقد (في حالة رزان ووائل وناظم) على سماع أحد بزهران علّوش.

المطلوب بالتالي من السلطات التركية، وهي الأكثر دعماً حتى الآن للمعارضات السورية والموفّرة الشروط الأفضل للنازحين السوريّين الى أراضيها مقارنةً بجميع دول العالم، والمطلوب من المعنيّين بالملف السوري في الدول المساندة للمعارِضين، كما في الأجسام المعارِضة إياها – وبعض مسؤوليها مقيمٌ في تركيا منذ زمن – السعي لفرض تحرير سميرة ورزان ووائل وناظم، وتنبيه علوش وأضرابه الى أن هكذا خطف وهكذا سلوكيات تستقوي بالأسلحة (المُقدّمة من الداعمين) على المدنيّين العزّل وعلى الناشطين الأكثر عراقة وصلابة في مقارعة الأسد، إنما هي جرائم موصوفة “تصعب تغطيتها”، وتُوَرّط الداعمين أنفسهم فيها.

العمل لتحرير سميرة الخليل ورزان زيتونة ووائل حمادة وناظم حمّادي هو إذاً واجب اليوم أكثر من أي وقت مضى، لأن خاطفهم أو المتّهم الأوّل في قضية خطفهم، موجود في اسطنبول. وبعض المتواصلين معه هناك يدركون ذلك، وعدم ترجمة إدراكهم الى قول وفعل سيكون إدانةً – لن تُمحى – لهم…

 

 

 

 

هل ستجدي الضغوط على “علوش ” بالكشف عن مصير ” رزان ورفاقها “؟

سعاد خبية: كلنا شركاء

منذ الإعلان عن وصول ” زهران علوش ” قائد جيش الإسلام إلى تركيا ،استعرت على نطاق واسع  مطالبات عديدة بضرورة الضعط عليه لمعرفة مصير الناشطة المختطفة زرزان زيتونة ورفاقها وإطلاق سراحهم فورا ، كما أعلن عن اعتصامات وتجمعات احتجاجية من قبل بعض الجهات التركية والسورية   باعتباره متهما “مفترضا ” باختطاف النشطاء الأربعة قبل عام وعدة أشهر في دوما بريف دمشق  .

نشر الكاتب والصحفي  ياسين الحاج صالح  زوج الناشطة ” سميرة خليل ”  والمتابع للقضية دعوة على صفحته على الإنترنت لما قال بأنها دعوة وجهها مثقفون وحقوقيون وناشطون أتراك  مساندون للثورة السورية لإقامة تجمع احتجاجي مساء اليوم للضغط على الحكومية التركية  لاتخاذ موقف  احتجاجا على وجود زهران علوش ، المشتبه به الأول بخطف سميرة ورزان ووائل وناظم  كما جاء في الدعوة  .

وفي تعليقة على جدوى تلك الاحتجاجات وما يمكن أن تقدمه قال –  الحاج صالح  –  في حديث خاص لـ  موقع كلنا شركاء  بأن هذه الدعوة التي أطلقها أتراك متضامنون لفت انتباه الصحافة التركية و أثارت القضية على صفحاتها ،  وجعلت عدد من الصحف والقنوات تتحدث عنها وتضعها كقضية رأي عام وأردف قائلا كيف يمكن أن تتجاهل الحكومية التركية قضية بهذا الحجم وأبرز المتهمين فيها موجود على أراضيها دون أن تفعل شيئا ؟ وأضاف  – صالح – هناك ترتيب من قبل نشطاء سوريون أيضا للقيام باحتجاجات مماثلة في تركيا للضغط على من أسماهم ” الهيئات السورية  ” في إشارة منه للائتلاف والحكومة المؤقتة  لطرح الموضوع بقوة مع ” علوش ”  والضغط عليه  للإفراج عنها  ، وقال نحاول التواصل مع أطراف في الحكومية التركية بشكل مباشر لنضع الأمر بين أيديهم كما نحاول التواصل مع شخصيات ورجال دين سورين ممن التقوا بعلوش ولكن حتى اليوم لم يتجاوب معنا أي ٌّ منهم  .

وكان موقع  جريدة – إفرانسل – التركية  قال في مقال له اليوم ” زهران علوش المشتبه به باختطاف كل من سميرة الخليل ورزان زيتونة ووائل حمادة وناظم حمادي، وهم نشطاء سياسيون وحقوقيون معروفون في سورية، هذا الشخص موجود في تركيا حاليا. ”

وفي تغطية  إخبارية ثانية عن التجمع الاحتجاجي الذي دعت له فعاليات  ونشطاء أتراك في موقع-  بيانت – المستقل جاء بجزء منه   إن التجمع الاحتجاجي يطالب الحكومة التركية بإجبار زهران على توفير معلومات عن مكان المخطوفين وتحريرهم.

وكانت قناة تلفزيونة تركية اتصلت صباح اليوم بأحد المنظمين، وجرى تقديم شرح لمشاهدي القناة عن قضية مخطوفي دوما الأربعة والمسؤولية المرجحة لزهران علوش عن خطفهم . .

ويذكر بأن موجة من الانتقادات والسجالات الحادة رافقت خبر وصول قائد جيش الإسلام إلى تركيا ولقاءه شخصيات “إسلامية  سورية ” دون أن يتم طرح قضية النشطاء المختطفين الأربعة والتي يتهم فيها زهران علوش  كقائد لفصيل عسكري يعد المسيطر الأوحد في الغوطة الشرقية عموما   ، فيما تساؤلات  كثيرة  غزت صفحات التواصل الاجتماعي حول عن مصيرهم  ، طالبت معظمها بفتح ملف القضية في هذا الوقت بعد أن غاب بشكل جزئي خلال الفترة السابقة  ، ومما كتب على إحدى الصفحات هذا السؤال الذي طرحه  اسامة بكري  كاتب وناشط سياسي جاء فيه “هل اصطحب شيخ الغوطة إيقونات الثورة رزان زيتونة, سميرة خليل, وائل حمادة, ناظم حمادي معه إلى استانبول أم إن العرض التركي كان محدود الأماكن …” .

وكانت الناشطة رزان زيتونة ومعها فريق عمل  مركز توثيق الانتهاكات  (وائل حمادة، سميرة خليل، وناظم حمادي) اختطفوا  من  مكتبهم ومقر عملهم في مدينة دوما  بعد منتصف ليل  9 كانون الأول / ديسمبر 2013 من قبل  مجموعة مسلحة مجهولة  ، دون أن تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هذا الفعل ، ورغم المطالبات الواسعة والاهتمام العالمي بالقضية حين حدوثها إلا أنه  لم يسجل فيها اختراق  يذكر لصالح تحديد مكان المخطوفين أو تحديد الجهة المسؤولة عن اختطافهم بشكل قطعي ، وبينما يتم اتهام – زهران علوش – قائد جيش الإسلام بالمسؤولية عن عملية الاختطاف لايزال يصر على رفض هذا الاتهام ، في حين يتخوف البعض من أن يكون خلف هذا التغييب للقضية أن يكون النشطاء الأربعة قد تعرضوا للتصفية أو وصلوا إلى يد النظام السوري .

كلنا شركاء

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى