روزا ياسين حسنصفحات سورية

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً

 


روزا ياسين حسن

إن غداً لناظره قريب. هذا ما كنت أرد به على من يتساءل أمامي عن صحة وجود عصابات مسلحة في المدن السورية المحاصرة ومواطنين مجرمين وأطفال مكشرين عن أنيابهم في وجه عناصر الأمن (الرقيقين) والشبيحة (اللطفاء). فعلى الرغم من آلة الكذب النشيطة للإعلام السوري مفضوحة، والتصريحات الرسمية المثيرة للتقزز مفهومة، ومنع وسائل الإعلام من الدخول كي لا تغطّي جرائمهم مكشوفة السبب، وعلى الرغم من أني كنسبة كبيرة من الشعب السوري أسخر يومياً من الافتراءات والتلفيقات التي يرميها أبواق النظام وشخصياته الموالية، لكني كنت بحاجة إلى معلومات أكثر دقة، مثلي كمثل الكثيرين الذين يحاولون أن يعرفوا ما حدث حقيقة على أرض الواقع. خصوصاً وأن المدن والقرى، كما الطوائف والأديان والطبقات والشرائح، شبه معزولة عن بعضها الأمر الذي بت أتلمّسه حقاً في الفترة الأخيرة. لذلك كنت ومجموعة من الأصدقاء نحاول، على قدر استطاعتنا، وكلما خفّ الحصار عن منطقة ما أن ندخلها، لنعرف الحادثة من فم من عاشها وفي الشوارع التي شهدتها ومن عيون أمهات الشهداء.

ما عرفته مؤخراً عن حقيقة ما حدث في درعا أثناء الحصار وقبله ينفي بالقطع كل ما كذبت به الرواية الرسمية وبكل عين وقحة، وأنا واثقة من أن اليوم الذي تنشر فيه كل تلك المعلومات سيأتي. وهذا ما بدأ فعلاً عن طريق شهادات متوالية لشهود عيان سواء من المواطنين أم من عناصر الجيش المنشقين. وما حدث في المعضمية وداريا كان شبيهاً إلى حد بعيد لجهة كم الافتراءات التي أطلقها إعلام السلطة كي يغطي ما فعلته وليشق صفوف الشعب السوري، وما حصل في دوما وبانياس وغيرها كذلك..

لم أعرف حتى اليوم ماذا حصل في جسر الشغور بالضبط، لكني صرت على يقين بأننا سنكتشف روايات أخرى بعد فترة وجيزة. فأنا أعلم أن نسبة كبيرة من السوريين واعون لكذب الإعلام الرسمي ولألعابه، غير أن الإنسان على ما يبدو يميل بطبعه لتصديق الأخبار المتناقلة، خصوصاً إذا كانت تنكأ تلك الزاوية المظلمة من روحه والتي تتعلق بالذاكرة والطائفة والمشاعر غير الحيادية!!

لدي رجاء واحد في هذه المرحلة لكل الذين يسمعون أخباراً بشعة ومخيفة ويصدقونها: لا تصدقوا.. لأن كل ما من شأنه أن يسيء للثورة يخدم النظام وبالتالي هو من يشيعه، وكل ما من شأنه أن يظهر الثورة كلها بأنها ثورة عنف وإرهاب وطائفية يخدم النظام وبالتالي هو من يروّج له. ولنقتنع بأن كل ثورة تحمل بعض الشوائب ونستطيع أن نغضّ النظر عنها.

لنتذكر ما قاله طرفة بن العبد: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً، ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى