صفحات سورية

سلمية الثورة السورية انتهت ولا بد من مخرج


محمد زهير الخطيب

لنكن واقعيين، سناريو الثورة السلمية في سورية –على الطريقة التونسية والمصرية- انتهى بعد تدخل الجيش الممنهج وقمعه للشعب بشراسة شهوراً طويلة.

النظام المجرم أثبت أن عنده خياراً وحيداً وهو استخدام الجيش لقتل المتظاهرين أو جرحهم أو اعتقالهم حتى بلغ عدد القتلى قرابة ثلاثة آلاف وعدد الجرحى ستة آلاف وعدد المعتقلين ستين ألفا وعدد الملاحقين 64400 كما صرح رئيس النظام السوري منذ شهرين ولعل الرقم تضاعف الآن، والمصيبة أنه في كل يوم يظن النظام أنه على وشك الانتهاء، فمنذ أربعة أشهر قالت المستشارة بثينة شعبان لقد أصبحت الازمة وراء ظهورنا، ومنذ شهر طلب النظام من الاتراك مهلة اسبوعين لينهي الاحتجاجات، ومنذ أيام قال أحد أبواق النظام لقد أنهينا 90 % من الازمة!!!. اذن هذه هي رؤية النظام القمع والبطش حتى تخمد الحركة.

الثورة السلمية انتهت، وبدأت الآن المذبحة الممنهجة بيد الجيش ذو القيادة الطائفية التي ارتبطت مصالحها بالنظام ولم يعد جيشا وطنيا بعد كل هذا القتل والدماء وإن كان فيه كثيرين مغلوبين على أمرهم، ولكننا بالمآل لم نعد قادرين على التعويل على جيشنا كما عول الشعب التونسي والشعب المصري على جيوشهم الوطنية.

إصرار بعض الناس على استمرار الثورة السلمية والاعتماد على لجان مراقبة ومنظمات حقوق إنسان لايجدي مع نظام شبيح مثل النظام السوري، هذا الحل سيستهلك مزيدا من الوقت بمزيد من الضحايا دون جدوى. النظام سيراوغ ويفشل كل هذه الانواع من الاجراءات فهذا هو اختصاصه.

لم يبق أمام الشعب السوري إلا خيارين

الاول طلب التدخل الدولي على الطريقة الليبية -ليس هناك تدخل بري- حظر جوي للنظام السوري، ضربات جوية لمراكز القوة للنظام، انتشار قوات سورية منشقة عن الجيش أو مسلحة من الشعب –كما حصل في ليبيا- لتجهز على النظام الذي سيتغير أداؤه بمجرد تلقيه لضربات جادة قوية كما حصل لنظام القذافي المخلوع.

والثاني، لو تأخر التدخل الدولي فستتنامى الدعوات لتسليح الشعب ودفاعه عن نفسه، وستلقى القبول لدى الناس بالتدريج وكأمر واقع، وهذا غالباً سيؤدي إلى حرب طائفية وقد يؤدي إلى حرب إقليمية.

الحل الثالث هو انتظار مفاجئات وتطورات ليست في الحسبان، وهذا أمر ممكن، ولكن لا يمكن الاعتماد عليه عند التخطيط ورسم الاستراتيجيات، إنما يستفاد منه عند حدوثه، ولذا لا نعتبره حلا عندما نعد الحلول.

أتمنى أن تقتنع أطياف الثورة السورية بضرورة قبول التدخل العسكري الجوي قبل فوات الأوان، وبعد أن تقتنع بهذا فامامهم مهام كثيرة أهمها تشكيل مجلس وطني أو انتقالي يمثل الشعب السوري الثائر ويلقى القبول من المجتمع الدولي ويطمئن المحيط الاقليمي لسورية ويبشر بسورية ديمقراطية حرة لا تعتدي على أحد وتنهي سياسة الابتزاز والبلطجة التي كان ينتهجها النظام السوري في محيطه الاقليمي.

من المناسب أن يرأس المجلس الوطني سياسي مخضرم مقبول من الجميع وليس عنده عداوات مع أحد ومن الاسماء المناسبة مع حفظ الالقاب، برهان غليون وهيثم المالح ورياض سيف ورياض الترك وعارف دليلة وسمير النشار وفداء الحوراني… وغيرهم ممن عرفهم الشعب السوري مناضلين صابرين ثابتين على المبدأ.

والدرس المستفاد من تأخر إعلان المجلس الوطني السوري هو أنه عندما يتأخر أهل الحل والعقد والاكفاء في أخذ زمام المبادرة ينفتح الباب أمام الاقل كفاءة فتتفتت الجهود وتضيع الاوقات، والدرس الثاني أن على المعارضة السورية أن تكف عن اسلوب التخوين واتهام النيات والتجريح الذي كاد أن يطال الجميع، وفي النهاية ليس أمامنا سوى أن نتعامل مع بعضنا بايجابية وديمقراطية وحرفية فليس هناك الكامل إنما يمكن أن يكمل بعضنا بعضاً.

العجيب أن المجلس الانتقالي الليبي تشكل بعد 12 يوم من الثورة الليبية وكان كثير من رموزه مسؤولين في حكومات في عهد القذافي في وقت من الاوقات ورئيسهم مصطفى عبد الجليل كان وزيرا للعدل في إحدى حكومات القذافي المخلوع، فنحن أحسن حالا والحمد لله، لذا فاننا نأمل الوصول إلى نتائج جيدة قريبا، فسددوا وقاربوا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى