صفحات العالم

سماحة 2012

 

حـازم الأميـن

أيهم يستحق أن يكون شخصية العام اللبنانية، ميشال سماحة أم أحمد الأسير أم ماهر المقداد؟ للرجال مآثرهم في العام 2012، وهناك رابع يستحقها أيضاً على الرغم من أنه غير لبناني، ذاك أن أثراً لبنانياً خلفه في هذا العام، إنه أبو ابراهيم، خاطف اللبنانيين الـ11، أو قل مضيفهم.

بالنسبة لي أختار من بين هذه الأسماء ميشال سماحة من دون تردد، فمأثرة الرجل في العام المنصرم تفوق مآثر رفاقه المرشحين الثلاثة لجهة ما تنطوي عليه من بعد بوليسي، ولما خلفته من ذهول أصاب اللبنانيين جميعهم من دون استثناء. سياسي طويل القامة حاد الملامح ذو وجه لزج سينمائي وشرير، وصوت يخلف بسامعه مزيجاً من الرهبة والغثيان، ينقل بسيارته الخاصة قنابل، ويوصي من يسلمها له بأن يقتل أناساً محددين وغير محددين!

وعلى الرغم من انقضاء أشهر على كشفه وسجنه، لم يتم ابتذال حكايته بعد. لم تصبح واقعة سماحة جزءاً من المسلمات اللبنانية، ولم يتم هضمها في جبل نفايات الوقائع اليومية. يمكننا كل صباح ان نستعيد حكاية هذا الرجل وأن نُذهل. كيف لحياة عامة ان تنطوي على هذا القدر المباشر والرخيص من العنف. المشهد في نهاية المطاف هو على هذا النحو: لميشال سماحة خصوم يهاجمهم على التلفزيون، ويوجه إليهم عبارات تلامس التهديد المباشر. وها هو اليوم يُضبط مرسلاً إليهم قنابل ليقتلهم! لا شيء أبسط من ذلك. السياسة هنا أقرب الى لعبة أطفال في حديقة عامة. لكن السياسة هنا ما لا نُصدقه عن السياسة على الرغم من سماعنا له.

ثم إن حكاية سماحة لم تنتهِ فصولاً عند واقعة اعتقاله. فها هو الرجل الذي كشف سماحة، أي اللواء وسام الحسن يسقط صريعاً في انفجار معلن الأهداف والنتائج، أين منه رواية ماركيز عن “الموت المعلن”. فالقاتل هنا كما القاتل في قصة سماحة وفي أفلام الـ”ويسترن” لم يخفِ وجهه، وقال حلفاء له وزراء في الحكومة اللبنانية إنهم لا يستغربون ولا يستبعدون أن يكون الفاعل.

كيف لأحمد الأسير أو لماهر المقداد أن ينافسا سماحة. الرجلان يمثلان تماماً عكس ما فعله، لا لجهة المضامين الأخلاقية لأفعالهما، لكن لجهة نزع الوقائع المشوقة عن الخطاب المتلفز. الأسير أراد تشويقنا بأن قاد دراجة هوائية في مكان اعتصامه، وماهر المقداد راح يستدعي الصحافيين لكي يصوروا أقاربه الملثمين الذين يعرفهم الجميع واحداً واحداً. أما أبو ابراهيم، فلولا سرقة سماحة قصب السبق لكان تفوق على رفاقه الآخرين.

لكن استعادة سريعة لوجوه الرجال الأربعة ولأجسامهم وأصواتهم وصورهم، تخلف في المرء شعوراً بأن ثمة ما يجمع بينهم. لا شيء محدداً، لكنهم صورة عن رجل العام 2012. الشارع المشتعل بالإطارات والقنابل والخطف. هي عناصر في مشهد العام لبنانياً. الصوت القوي المنبعث من التلفزيون، والوجه الحليق واللحية المستعارة من السلفيين.

بالنسبة لي، أختار ميشال سماحة ممثلاً الرجال الأربعة.

موقع لبنان الآن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى