صفحات سوريةفاروق حجّي مصطفى

سميراميس الثاني … نحتاج إليه


فاروق حجّي مصطفى *

هناك عوامل عدة تستدعي لقاء المثقفين السوريين المستقلين والمعارضين ثانيّةً، وذلك لوضع النقاط على الحروف. ولعل مردّ قولنا لقاء المثقفين، لا المعارضة التقليديّة، أنَّه من سخرية القدر أن تكون للمثقف السوريّ وظيفتان، وظيفة كمثقف عليه أنّ يقدم حلولاً تساعد البلاد على الخروج من أزماتها، ووظيفة كفاعل مجتمع مدني بسبب غياب المؤسسات والمنظمات في بلادنا بعد أن أنهت السلطات نواتها التي بدأت تنتعش في الخمسينات، فيما فسحت السلطات في المجــال أمام المجتمع الأهلي الرجعيّ.

ومن المعروف أنّ من الوظائف الأساسيّة للفاعلين في حقل المجتمع المدني لعب دور الوسيط بين السلطة بحيث تنبههم من أي انزلاق نحو الاستبداد ومصادرة الإرادات، ومساعدة المجتمعات على كيفية طرح مشاكلها وحماية حقوقها والدفاع عن هذه الحقوق.

وهذا ما يستدعي انعقاد لقاء ثان على غرار لقاء سميراميس الأول، لكي يقف المؤتمرون على الظروف التي تحيط بحركة الاحتجاجات، وكيفية حمايتها وصون أهدافها، في ظل اصرار السلطات على الخيار الأمني الذي تراه الخيار الأنجع لكبح إرادة التغيير. ولعل ما نشاهده اليوم من وضع الكثير من المناطق تحت القبضة الأمنيّة العاتية وزج الآلاف من الشباب في السجون هو الدليل على أنّ ثمة خطين متوازيين لا يلتقيان: خط السلطة التي تود فشل الانتفاضة، وخط الاحتجاجات التي لا ترضى إلا بالتغيير.

إنّنا بحاجة الى عقد تجمّع للمثقفين المعارضين لأنّ سورية كبلد وكوطن بحاجة إلى المساهمة في دفع الحراك سياسيّاً، عسى يساهم هذا التجمّع في خلق رؤية موضوعيّة للخروج من الأزمّة الوطنيّة، خصوصاً بعد اتضاح حدود المبادرات الصادرة عن الدول الإقليمية والعربية، حتى أنّ الجامعة العربية أيّدت السلطة في خيارها الأمني!

فنحن بحاجة لأن نوضح للرأي العام ماذا نريد؟ وما اذا كانت رؤية حركة الاحتجاج تتجانس مع رؤية مؤتمر اسطنبول مثلاً، وما هو المقصود من «سورية ديموقراطية مدنية» وكيف يمكن أن ننتقل بها إلى سورية جديدة بوسائل آمنة؟

هذا جميعاً يجعل اللقاء الثاني ملحّاً.

* كاتب كردي سوري

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى