صفحات الناس

سوريات يقاتلن هرباً من مشاكلهن/ ريان محمد

 

 

تثير مسألة التجنيد العسكري في سورية جدالاً كبيراً، في ظل تزايد نسبة الرافضين له. ولا يتعلّق الأمر بالخدمة العسكرية المفروضة من قبل النظام السوري، بل أيضاً بـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، خصوصاً تجنيد النساء تحت شعار المساواة والحرية ومحاربة الإرهاب، رغم تعارض ذلك مع العادات والتقاليد، ما يؤدي إلى امتعاض المجتمع المحلي.

ويتناقل الأهالي قصص فتيات تحوّلن إلى مقاتلات في “قسد” ضمن ما يسمى “وحدات حماية المرأة”، وهي فصيل نسائي مسلّح أنشأه حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي “بيدا”، إضافة إلى “وحدات حماية الشعب” للذكور.

منذ تأسيسها، عملت “وحدات حماية المرأة” على استقطاب الفتيات للالتحاق بها. وتبيّن مصادر محلية طلبت عدم الكشف عن اسمها، لـ”العربي الجديد”، أن “عصب هذه الوحدات هن الفتيات القادمات من تركيا، والفتيات الكرديات السوريات، إضافة إلى نسبة غير بسيطة من الفتيات العربيات”. تضيف: “اختُطف عدد من الفتيات الكرديات، وألحقن في معسكرات التدريب، وأجبرن على القتال. ويمنع الأهالي من التواصل مع بناتهن أو إعادتهن إلى منازلهن بحجة أنهن التحقن بكامل إرادتهن”.

وتشير المصادر إلى تناقل العديد من القصص المتعلقة بالفتيات في المجتمع الذي يتسم بالعشائرية، ما يساهم في انتشارها، على غرار قصة الفتاة إيمان الوهب، من منطقة الطبقة، التي انضمت برفقة ابنة عمها رهف إلى قسد، بعد مشاكل مع عائلتيهما، إضافة إلى بتول محمد، من منبج، التي انضمت إلى الترافيك، وهي شرطة المرور، بسبب علاقة عاطفية جمعتها مع شاب كردي من مقاتلي قسد.

إلى ذلك، يقول الناشط الإعلامي صهيب حسكاوي، لـ”العربي الجديد”، إنّ “تجنيد الفتيات في مناطق قسد ليس إجبارياً، كما أنه لدى غالبية المتطوعات العرب مشاكل مع عائلاتهن، ويرغبن في التمرّد على مجتمعاتهن. وتلجأ العائلات إلى تعنيف بناتهن أحياناً خشية التحاقهن بقوات قسد”.

يضيف حسكاوي أنّ البعض يتطوعن بسبب الوضع المادي المتردّي، أو رغبة بالانتقام من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، خصوصاً الفتيات والأرامل في منطقة الشدادة في ريف الحسكة الجنوبي. ويلفت إلى أنّ “حوادث خطف الفتيات لتجنيدهن، ومن بينهن قاصرات، استهدفت كرديات في مناطق كردية، منها الدرباسية وعامودا”. ويُبيّن أن “قسد ترفض تسليم الفتيات المتطوعات إلى ذويهن، أو إبلاغهم بأماكن تواجدهن، وتعاقب أهل الفتيات في حال حاولوا الوصول إليهن أو تهديدهن أو إجبارهن على العودة إلى المنزل”.

ويرى الحسكاوي أن “قسد تحاول إظهار وجه جديد للمنطقة من خلال إبراز دور النساء في مؤسساتها والمجتمع، على أساس المساواة بينهن وبين الرجال، إضافة إلى السعي إلى كسب تأييد الغرب. من هنا، تحمل النساء السلاح، ويجلسن في مجالس العزاء والفرح إلى جانب الرجل، وهذا مخالف لعادات وتقاليد المجتمعات المحافظة بشكل عام، إلا أنها مضطرة للقبول تحت تهديد السلاح”. يضيف أنّ ما يزيد من رفض المجتمع لالتحاق البنات بوحدات حماية المرأة، هو تداول أخبار عن وقوع حالات تحرش واغتصاب في معسكرات التدريب أو جبهات القتال، كما حدث مع المقاتلة نيفين التي اغتصبت من قبل ثلاثة مقاتلين عوقبوا بالسجن، بحسب مقاتلين عرب. ويوضح أنه ما من إحصائيات رسميّة توثّق مثل هذه الجرائم.

من جهته، يقول الناشط أبو مصطفى السوري، المقيم حالياً في تركيا، لـ”العربي الجديد”، إنّ “مشكلة التحاق الفتيات بوحدات حماية المرأة وقوات قسد تقلق العائلات حتى في تركيا، وهناك مكاتب تستقطب الفتيات، خصوصاً أن التطوع يساعدهن على الهرب من مشاكلهن، أو الانتقام من عائلاتهن بسبب ما يتعرضن له”. يضيف: “قبل مدة، فقدت عائلة سورية تقيم في إسطنبول إحدى بناتها، بعد انفصالها عن خطيبها الذي لجأ إلى ألمانيا، وعرفت أنها التحقت بوحدات حماية المرأة عبر مكاتب موجودة في مناطق الأكراد. حاولت عائلتها الاتصال بها وإعادتها إلى المنزل من خلال التواصل مع قيادات كردية، وعرض دفع مبالغ مالية كبيرة في مقابل إعادتها، من دون نتيجة”.

وقبلها، هربت فتاة من منزل عائلتها بسبب بعض الخلافات الأسرية، لتكتشف أسرتها أنها التحقت بمقاتلات قسد. صحيح أن هناك أخريات، لكن ما زال عددهن في الحدود الدنيا، بحسب السوري.

أما الناشط أبو عدي الرقاوي، فيقول لـ”العربي الجديد”، إنّ “وحدات حماية المرأة تمثل اليوم ملجأ لشريحة من الفتيات المتمردات على مجتمعاتهن، تحت شعارات براقة مثل الحرية والاستقلال والمساواة. وتؤمن لهن الحماية من مجتمع ذكوري يحاصر المرأة بالعادات والتقاليد”. يضيف: “شكلت هذه الوحدات ملجأ للفتيات اللواتي يعانين من الاضطهاد في منازل عائلاتهن، أو أن خياراتهن العاطفية لا تحظى برضى أهلهن، وغيرها”. يضيف أن “مسألة النساء العربيات المتطوعات في قسد تُضخّم إعلامياً”.

العربي الجديد

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى