صفحات الناسفنّ و أدب و قضيّة

سوريا: الإعلام الرسمي يعيد إحياء “كتائب” أحمد جبريل/ سالم ناصيف

 

بالتوازي مع ما تقوم به إسرائيل من عدوان دامٍ ضد قطاع غزة، يشن إعلام النظام السوري حرب إلغاء جديدة ضد “حماس” والجناح العسكري التابع لها، “كتائب عز الدين القسام”. تلك الفصائل التي خرجت، بحسب مزاعم النظام، عن مسارها المقاوم، وأدبيات الممانعة التي يزعم نظام الأسد أنه وحده من يحمل لواءها في مواجهة إسرائيل واطماعها التوسعية في المنطقة.

ولم تقتصر حرب الإلغاء على استخدام مفردات إعلامية تعمدت شطب اسم “حماس” و”القسام” من القاموس الإعلامي للنظام، بل سعت للتضليل والتشويش على أي إنجاز تحرزه تلك الفصائل. حتى لو كان ذلك الإنجاز أسرها للجندي الإسرائيلي “شاؤول آرون” وقتلها 27 ضابطاً وجندياً إسرائيلياً باعتراف إسرائيل.

منذ بداية العدوان الأخير على قطاع غزة، يخرج المحللون على شاشات الفضائيات التابعة للنظام، للحديث عن الحرب الحاصلة هناك. محللون معروفون بوفائهم لنظام الأسد وليس لفلسطين، وبفهمهم العميق لوظيفتهم المعروفة بترداد خطاب النظام.

هي تحليلات لم تخرج عن نطاق تعويم فصائل تابعة للنظام أو تعمل تحت جناحه، والإدّعاء بأنها من يقوم بالعمليات في غزة وبأنها المسؤولة الحقيقية عن الانتصارات التي تحقق ضد إسرائيل. من أجل ذلك، تم إحياء بدعة أحمد جبريل القديمة، وادعاء أن له فصيلا في القطاع تحت مسمى سرايا أو “كتائب الشهيد جهاد جبريل”، يقوم بقتال الجيش الإسرائيلي هناك.

سرايا افتراضية، لم تشهدها ساحة المقاومة الفلسطينية نهائياً. ولم يسمع المتابعين لرحلة الموت الفلسطيني على مدار عشرات السنين عن عمل مقاوم واحد لها. حتى أن قيادة الإحتلال لم تأتِ على ذكرها ولو لمرة واحدة. في حين يقاتل اليوم على الأرض في غزة كل من “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”- أحمد سعدات، عبر كتائب أبو علي مصطفى. إضافة لقوى داخلية في غزة متمثلة بالحراك الشعبي.

قطيعة

وكانت القطيعة بين النظام السوري و”حماس” بدأت بعيد الثورة السورية حين أعلنت “حماس” رفضها دعم النظام السوري في حربه ضد شعبه الثائر، خلافاً لما فعله عدد من الفصائل الفلسطينية التي استخدمها النظام كقوة ضارية لقمع المظاهرات المندلعة ضده. وكان رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” خالد مشعل قد صرح بأنه نصح بشار الأسد بداية الأحداث بالذهاب إلى درعا وحل الأزمة سلمياً بدلاً من استخدامه للعنف. ومن حينها بدأت حرب النظام ضد “حماس” التي أُجبرت على إغلاق مكاتبها في دمشق التي غادرها مشعل، وضيق النظام على من بقي فيها من كوادر بالإعتقال والقتل، ما أجبر آخرين على مغادرة سوريا.

بعد ذلك بدأ النظام السوري بالهجوم على “حماس” حين ذهب مشعل إلى غزة ورفع علم الثورة السورية هناك. ومنذ ذلك الحين، اعتبرها النظام شريكة بـ”المؤامرة الكونية” ضد سوريا، وبدأ الإعلام الرسمي بالترويج لأكاذيب تتحدث عن مشاركة “حماس” للمجموعات الإرهابية بالقتال داخل سوريا.

أول التصريحات ضد الفلسطينيين في سوريا، بعد الثورة، جاءت في كلام الناطق بلسان الخارجية السورية آنذاك جهاد مقدسي الذي اتهم الفلسطينيين اللاجئين في سوريا بأنهم “ضيوف يسيئون الأدب”. من ثم جاء كلام بثينة شعبان التي اتهمت الفلسطينيين في مخيم الرمل في اللاذقية بأنهم يقفون وراء ما يجري هناك من أحداث حصلت في العام الأول من الثورة.

وبعد جملة من الاتهامات المتواصلة للفلسطينيين المقيمين في سوريا بشكل عام وحماس بشكل خاص، جاء خطاب بشار الأسد الأخير أثناء أدائه لليمين الدستورية، ليصف “حماس” تلميحاً بأنها ترتدي قناع المقاومة المزيف وبأنها خائنة وعميلة لقوى دولية وإقليمية حاولت النيل من سوريا.

كل ذلك يأتي في محاولة جديدة تعيد للأذهان ما فعله النظام السوري بعيد حكم الأسد الأب حين حاول تطويق المقاومة الفلسطينية الحقيقية باستبعاد ياسر عرفات، واستبدالها بفصائل أخرى من شأنها تحقيق هيمنة النظام السوري وتعزيز مكانته إقليمياً من خلال إمساكه بالورقة الفلسطينية واستخدامها للضغط متى أراد، تحقيقاً لمصالحه.ن

المدن

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى