صفحات العالم

سوريا: الحسم بدءاً من شباط؟

 

    علي حماده

شكّل خطاب بشار الاسد الاخير من دار الاوبرا في دمشق محطة توقفت عندها كل العواصم التي كانت تأمل في ان يتخذ الاسد موقفا شجاعا بإيقاف حمام الدم والخروج من سوريا في ما كان يعرف بالحل الاقل كلفة في الوقت الراهن. خالف الاسد توقعات البعض، ومنهم الممثل الخاص المشترك العربي – الاممي الاخضر الابرهيمي الذي لم يتأخر كثيرا في الردّ على خطاب الاسد متخذا مواقف غير مسبوقة لجهة ابراز قراءته للحل النهائي والذي لا يقوم إلا على انهاء النظام، وخروج بشار الاسد. اي بمعنى آخر ان يكون التغيير حقيقيا لا شكليا. وهذه هي المرة الاولى التي يجاهر فيها الابرهيمي بموقف واضح من الاسد، مفصحا عن المرحلة الانتقالية كما يفهمها ويعمل لها، ومفادها الا يكون بشار الاسد واركانه جزءا من مستقبل سوريا. وليس خافيا على المراقبين الجديين ان الابرهيمي اطلع المفاوضين الروس، وفي طليعتهم وزير الخارجية سيرغي لافروف، على قراءته للحل، وابقى الامر طي الكتمان بالتفاهم مع القوى الدولية والعربية المعنية.

جاء “خطاب الاوبرا” ليغير المعطى الذي قامت عليه قراءة الابرهيمي: اي ان يتنحى الاسد طوعا في مقابل تأمين سلامته وعائلته واركانه الاساسيين. والسؤال: هل كانت موسكو مؤيدة لهذه القراءة ام انها مارست خداعا ديبلوماسيا على الابرهيمي في اطار امرار الوقت، وافساح المجال امام الاسد ليحاول تحسين موقعه الميداني عله ينعكس على موقعه التفاوضي؟ وما هو الدور الايراني الحقيقي؟ وخصوصا ان كل المعلومات الواردة من دمشق تفيد بأن الخيار الايراني هو السائد، وان الايرانيين متصلبون، لا بل متطرفون جدا في مقاربة الصراع في سوريا. اكثر من ذلك ان ايران تعتبر المعركة في سوريا معركتها الاساسية، وان خروجها من دمشق سيكون مقدمة لخروجها من طهران نفسها (النظام).

في مطلق الاحوال، الميدان لا ينتظر المفاوضات المتنقلة بين دبلن وجنيف. الجيش الحر يسقط المطار تلو المطار في سعيه لتعطيل سلاح الطيران. وفي المقابل يرفع النظام  وتيرة العنف والقتل، ويستخدم اسلحة لم يستخدمها نظام في تاريخ الصراعات الداخلية في المنطقة: الصواريخ البالستية القصيرة المدى “فروغ” والمتوسطة المدى “سكود”. وهذا في ذاته يعكس تراجع قدرات الجيش النظامي في الحشد، والتنقل، والسيطرة الميدانية، فضلا عن ان قدرة الطيران تتراجع يوما بعد يوم بسبب تزايد اعداد الطائرات التي يتم اسقاطها يوميا. والارقام تشير الى اكثر من مئة طائرة مروحية ومقاتلة جرى اسقاطها حتى الآن. اي ان سوريا خسرت نصف سلاحها الجوي العامل فعليا. والذي لا يتجاوز المئتي طائرة. هذه كارثة توازي مجمل الحروب مع اسرائيل.

في اي حال سيشكل فصل الشتاء مرحلة انتظار، على ان تكون للميدان الكلمة الفصل بعد نهاية شباط او منتصف آذار المقبل. فهل يكون الحسم هو الخيار الوحيد المتاح مع بشار الاسد؟

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى