ابراهيم حميديصفحات سورية

«سوريا المفيدة» اقتصادياً في عهدة حلفاء واشنطن/إبراهيم حميدي

 

 

موسكو غاضبة وقصفت منشأة غاز دير الزور

أظهرت غارات روسيا على منشأة كونوكو أمس غضب موسكو من سيطرة حلفاء واشنطن على معظم مصادر الطاقة والمصادر الطبيعية شرق نهر الفرات التي تعرف بـ«سوريا المفيدة اقتصاديا» بعيداً من «سوريا المفيدة عسكرياً» الخاضعة لسيطرة قوات النظام غرب الفرات بوجود قاعدتين عسكريتين في اللاذقية وطرطوس غرب البلاد.

ودعم الجيش الروسي قوات النظام بالتمدد خارج «سوريا المفيدة» الواقعة غرب البلاد وشرق الطريق الرئيسي بين دمشق وحلب. وبفضل الدعم الجوي الروسي والبري الإيراني، باتت قوات النظام تسيطر على نحو 45 في المائة من مساحة البلاد شملت استعادة حقول فوسفات ونفط وغاز ومحطات طاقة في حلب ووسط البلاد. (كانت بحدود 11 في المائة في 2015 بحسب بيان لوزارة الدفاع الروسية).

في المقابل، ساعد دعم التحالف الدولي بقيادة أميركيا في سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» على معظم مصادر الطاقة شرق نهر الفرات التي تعرف بـ«سوريا المفيدة اقتصاديا».

وإذ تسيطر فصائل معارضة على نحو 15 في المائة من الأراضي لا تضم مصادر طاقة أو ثروة رئيسية، يحصل سباق بين أميركا وحلفائها من جهة وروسيا وأنصارها من جهة ثانية على 15 في المائة من الأراضي لا تزال تحت سيطرة «داعش» شرق البلاد وتضم بعض حقول النفط بينها حقل عمر (كان ينتج 80 ألف برميل يومياً) قرب الحدود السورية – العراقية.

آخر مثال على السباق الروسي – الأميركي، لدى سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» السبت على منشأة غاز بدأت شركة «كونوكو» الأميركية تشغيلها قبل 15 سنة. وتشمل خطين لإنتاج الغاز الحر والمرافق لأغراض الاستخدام المنزلي، إضافة إلى توفير 145 مليون قدم يومياً إلى محطة جندر للكهرباء لإنتاج 400 ميغاواط من الكهرباء، أي 40 من الكهرباء المنتجة من الشبكة الغازية في سوريا.

وسيطرت فصائل معارضة من أبناء بلدة خشام المجاورة، على المنشأة في 2012. قبل أن تسيطر عليها في 2013 «جبهة النصرة» التي خسرت المصنع لصالح «داعش» بعد سنتين.

وشكلت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» على المنشأة خسارة كبيرة لـ«داعش» في تمويل عملياته، علما بأن غارات التحالف ركزت على ضرب منشآت النفط والغاز لضرب البنية المالية والاقتصادية للتنظيم. وقال قيادي كردي ميداني لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن روسيا كانت تريد السيطرة على المصنع و«قصف مواقع قوات سوريا الديمقراطية أمس تعبيرا عن الانزعاج لأننا سبقناهم». واستعجلت روسيا دعم قوات النظام و«حزب الله» للتقدم من تدمر وسط سوريا نحو دير الزور. ثم استعجلت العبور إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات قبل أن تثبت مواقعها في مدينة دير الزور. وقال المسؤول: «أمران يحركان روسيا: الأول، تريد الحصول على انتصار رمزي ضد (داعش) مقابل الانتصارات الفعلية للأميركيين وحلفائهم. الثاني، السيطرة على منابع الثروة حيث سوريا المفيدة اقتصاديا».

وأشار القيادي العسكري إلى وجود نحو ثلاثة آلاف عنصر غير نظاميين تابعين لروسيا، انتشروا لدعم السيطرة على منشآت النفط والغاز والفوسفات في سوريا. وزاد أنه لاحظ «خلافات ميدانية» بين الروس من جهة وأطراف محسوبة على إيران وقوات النظام من جهة أخرى. وكانت طهران ودمشق وقعتا مذكرة تفاهم قضت باستثمار إيران لمناجم الفوسفات في خنيفيس قرب تدمر، لكن الجانب الروسي تدخل واستعجل استثمار الفوسفات.

وبلغ الإنتاج السوري من النفط قبل 2011 نحو 380 ألف برميل يومياً. وانخفض إلى 20 ألفا ثم ارتفع إلى حدود 60 ألفا من آبار تنتشر تحت سيطرة «داعش» و«وحدات حماية الشعب» الكردية ومعارضين آخرين.

وتغيرت السيطرة على المصادر الطبيعية في السنوات الماضية. إذ كانت تسيطر فصائل إسلامية ومعارضة على معظم آبار النفط والغاز ومحطات الكهرباء، لكن وقوع معظمها تحت سيطرة «داعش» أدى إلى تقاسم السيطرة بين «قوات سوريا الديمقراطية» من جهة وقوات النظام من جهة أخرى.

وقال خبير نفطي سوري أمس: «ينتج في سوريا نحو 60 ألف برميل، بحيث يكلف إنتاج البرميل نحو ثمانية دولارات أميركية، يضاف دولاران لنقل كل برميل وثمانية دولارات لمعالجة برميل النفط في مصفاة حمص الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية وسط البلاد ثم يباع بأكثر من ضعف المبلغ في الأسواق». وأشار إلى أن تجارة النفط باتت تشكل مصدراً رئيسياً لاقتصاد الحرب في البلاد وأنها توفر مليون دولار يومياً.

وأوضح القيادي الكردي أمس أن «قوات سوريا الديمقراطية» ستسيطر على جميع آبار النفط والغاز شرق نهر الفرات بما في ذلك حقول الرميلان والشدادي وكونوكو والهول. كما أنها تسيطر على سدود المياه الكبرى في البلاد وتشمل «سد الثورة» في الطبقة و«سد تشرين» و«سد البعث»، إضافة إلى أرض زراعية واسعة.

ويعتقد أن هذه السيطرة ستعزز الموقف التفاوضي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» مع دمشق مركز الدولة مستقبلاً، ذلك أن مناطق سيطرة النظام ستكون في حاجة إلى تفاهم مع مناطق شرق البلاد للإبقاء على مصادر اقتصادية مقابل حاجة مناطق سيطرة الأكراد على منفذ إلى البحر المتوسط وطرق لمعالجة النفط وتشغيل محطات الكهرباء.

الشرق الأوسط

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى