صفحات الناس

سوريا تعود إلى الثمانينات/ جهاد اليازجي

 منع مرسوم رئاسي صدر في 4 آب عقد المعاملات التجارية بعملة غير العملة السورية. ويتضمن المرسوم الرقم 54/2013 منع تسعير أي سلعة أو خدمة تباع في سورية بعملة غير الليرة. وتتضمن العقوبات على إنتهاك القانون عقوبة الحبس لمدة تراوح ما بين 6 أشهر إلى 3 سنوات، فضلاً عن الأعمال الشاقة من 3 إلى 10 سنوات علاوة على الأتعاب المالية.

ويهدف هذا القرار إلى كبح الإنخفاض الذي تشهده الليرة والنمو الحاصل على مستوى السوق السوداء للعملات الأجنبية. فقد ارتفع الدولار في السوق السوداء من 47 ليرة في آذار 2011 إلى 200 ليرة حالياً، في حين يبيعها البنك المركزي بسعر 107 ليرات.

فعدم إستقرار الليرة يدفع عدداً متزايداً من التجار لتسعير منتجاتهم والتعامل بالدولار.

ويمتلك هذا القرار بمنع التعاملات بالعملات الأجنبية رمزية كبيرة. قبل عشر سنوات بالتحديد، في تموز 2003، وفيما كانت تقوم بتحرير الإقتصاد، ألغت الحكومة القانون 24، الذي يعاقب بقسوة المتعاملين بالعملات الأجنبية. فالقانون الذي وضع في التنفيذ منذ العام 1986، كان أكثر تشدداً من النص المصدق يوم الأحد، لأنه يمنع أيضاً حيازة، وليس فقط التعامل بالعملات الأجنبية.

إلى جانب الرمزية، يأتي القرار كجزء من قرارات كثيرة أقرتها الحكومة خلال العامين الأخيرين تتعارض مع سياسات اللبرلة إبان العقد الفائت، وتعيد سوريا إلى أجواء بداية الثمانينات.

إذ زادت الحكومة الرسوم الجمركية ومنعت القطاع الخاص من إستيراد منتجات متنوعة؛ وعادت المؤسسات المدارة من الدولة كلاعب في السوق، من خلال تقاضي رسوم على توزيع مختلف المنتجات الإستهلاكية؛ كما ان نظام القسيمة القاضي بتوزيع السكر والأرز على السكان تعرض للتوسيع ليشمل سلعاً أخرى كالشاي والبرغل والسمن والزيت النباتيين؛ وفي الأشهر القليلة الأولى من الإنتفاضة رفعت الحكومة أجور موظفيها وعززت الإعانات لمختلف شرائح المجتمع، ومن بينهم المزارعين.

الصعوبات التي يواجهها الإقتصاد السوري تتنامى بسرعة في ظل أجواء من الحصار تهيمن بإزدياد، بفعل عزلة الحكومة الدولية – بغض النظر عن الدعم المستمر لبعض الحلفاء – وبفعل أيضاً التراجع الحاد في إحتياطيها للعملات الأجنبية.

وتقدم الحكومة قراراتها على أساس أنها مؤقتة، وكإبطال لقراراتها التحريرية السابقة. مع ذلك، وبفعل خطورة الوضع ثمة نقاش ضعيف بالنسبة لآثارها طويلة الأمد، وبالنسبة لما إذا كانت جزءاً من رؤية أشمل تتعلق بكيفية إعادة بناء الإقتصاد.

عندما مرّ القانون 24 في العام 1986 تم تلقيه من قبل العديدين كسيف مسلط على رقاب لا من يملكون العملات الأجنبية فحسب، وإنما من يخرجون من صف المسؤولين السوريين الكبار.

وبصرف النظر عن المنطق الإقتصادي الكامن وراء منع المعاملات بالعملات الأجنبية، فانه من الصعب اليوم تبديد المخاوف، كما في مطلع الثمانينات، من إستخدام القرارات الإقتصادية كوسائل ضغط سياسية، وإضطهاد.

المدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى