صفحات سوريةغياث نعيسة

سوريا: ثورة جارية


غياث نعيسة

تشهد سوريا، منذ يوم 15 آذار/مارس عام 2011، انتفاضة شعبية ضد نظام بشار الأسد الديكتاتوري. وقد ردت الديكتاتورية بالقمع الدموي والوحشي على المظاهرات السلمية للجماهير السورية المطالبة في بداية الانتفاضة بالحرية والكرامة. و تجاوز اليوم عدد المتظاهرين المدنيين القتلى 1600 شخص منهم 90 طفلا، وتعدى عدد المعتقلين 12000 شخص، وفاق عدد الجرحى 10000 شخص. لكن هذا الثمن، الأغلى قياسا بالثورات العربية الاخرى، لايؤدي سوى الى توسيع نطاق الثورة الجغرافي في جميع المدن السورية تقريبا، و إلى تنامي عدد الجماهير الثائرة على نحو جلي. وترفع الجماهير اليوم في شوارع سوريا شعار جميع الثورات العربية: «إرحل، الشعب يريد إسقاط النظام».

نظام ديكتاتوري، وفاسد و وراثي

بشار الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية الحالي، هو نجل الدكتاتور السابق حافظ الأسد الذي حكم سوريا بلا منازع وبقبضة من حديد خلال ثلاثين سنة. استولى الأسد الأب على الحكم بسوريا عقب قيادته لانقلاب عسكري في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1970. على إثره وبفضل وظيفته كوزير للدفاع، أطاح برفاقه في حزب البعث القائمين في السلطة منذ 8 آذار عام 1963 (1). زج حافظ الأسد برفاقه القدامى، من جناح حزب البعث ذي الميول الاشتراكية، في السجن فترات مديدة ناهزت 25 سنة. ومات معظمهم في السجن أو ُبعيد الإفراج عنهم.

وضع حافظ الأسد دستورا على مقاسه عام 1973، يمنحه جميع السلطات. وتنص المادة الثامنة على أن «حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة». والتنازل الوحيد الذي قام به الديكتاتور السابق هو الاستجابة لتظاهرات الإخوان المسلمين المطالبين بضرورة أن ينص الدستور على أن يكون الإسلام دين الرئيس.

استلهم حافظ الأسد نموذج البلدان «الاشتراكية» بأوربا الشرقية بخلق جبهة قومية وتقدمية تضم الحزب الشيوعي السوري الموالي لموسكو وأربعة أحزاب قومية صغيرة. لا سلطة فعلية لهذه الجبهة «الحكومية» ما عدا التصفيق لقرارات الدكتاتور. علاوة على ذلك يُحظر على جميع أحزاب تلك الجبهة، ما عدا حزب البعث، كل نشاط سياسي في مجالين اثنين: الجيش والطلبة. ويستلهم أيضا نموذج كوريا الشمالية من خلال إنشاء طلائع البعث، وهي منظمة بعثية مسؤولة عن تلقين الأطفال منذ نعومة أظافرهم مبادئ حزب البعث، وتربيتهم على عبادة شخصية الرئيس وإقامة استعراضات ضخمة تمجيدا له.

اجتاح نظام الأسد الأب لبنان في حزيران عام 1976 بمباركة من الولايات المتحدة الأمريكية والبلدان الغربية قصد سحق الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية. وفي السنة التالية، نظمت حركة الإخوان المسلمين انتفاضة مسلحة. ارتكب كلا الطرفين خلال هذا النزاع المسلح أبشع الجرائم. كان رد فعل الديكتاتورية دمويا، إذ قامت بسحق تلك الانتفاضة على نحو نهائي في حمام دم مع ارتكاب مجزرة في مدينة حماة في أوائل شهر شباط/فبراير عام 1982. ولحد اليوم ما زلنا لا نعلم بالضبط عدد الضحايا المتراوح عددهم بين 15000 و30000 قتيل. ولم يقتصر هذا القمع على الإخوان المسلمين، بل امتد إلى القوى السياسية اليسارية، التي طالتها موجات متعاقبة من الاعتقال إلى حد القضاء عليها. تعرض آلاف المناضلين والمناضلات، للقتل والتعذيب والاعتقال دون محاكمة بموجب قانون حالة الطوارئ المعمول به لفترات طويلة جدا، وتعرضوا أيضا للنفي. تم إفراغ المجتمع تقريبا من قواه الحية. وكان يبدو أن النظام قد هزم المجتمع.

ساد في سنوات 1980 و1990 قمع دموي وحرمان كلي من الحريات وهي ما نسميها «السنوات السوداء» في تاريخ هذا البلد.

السلطة والاقتصاد

كانت السياسة الاجتماعية الاقتصادية لعهد حافظ الأسد مطبوعة في البداية بإرث جناح يسار حزب البعث الذي أطاح به. ورث تأميما مرفقا بالإصلاح الزراعي الأكثر جذرية بالمنطقة. وكانت سياسة الديكتاتور السابق المعتمدة في هذا المجال قائمة على تشجيع فساد الجيش وكبار الموظفين على نطاق واسع مقابل إخلاص لا تشوبه شائبة لشخص الرئيس. هكذا من خلال الفساد، تحول شكل من أشكال رأسمالية الدولة الذي كان قائما، إلى بقرة حلوب في ملك تلك الفئة وبوجه خاص لصالح الدائرة القريبة من الديكتاتور، وعائلته ومساعديه الأكثر ولاء.

على هذا النحو شهدت سوريا خلال سنوات 1970-1980 عملية اغتناء غير مشروعة قائمة على سياسة فساد على نطاق واسع بقيادة المجموعة الحاكمة ذاتها. تغير التركيب الاجتماعي والاقتصادي للبلد كليا. وبرزت «طبقة» جديدة هامة من البرجوازيين الاغنياء الذي لم يصبحوا أثرياء سوى بفضل وظيفتهم في جهاز الدولة، وبسبب نهبهم للقطاع العام والثروة الوطنية.

كانت هذه «الطبقة» الجديدة، المرتبطة عضويا بالدولة، بحاجة إلى استثمار ثروتها في مختلف قطاعات الاقتصاد. وكان قانون الاستثماررقم 10 لعام 1991 وسيلة مكنت تلك الفئة من «غسل» ثروتها. سمح ذاك القانون بالاستثمار في القطاع الخاص وفتح باب الاستيراد والتصدير لكن دوما بمراقبة الدولة، مما أدى إلى اغتناء البعض دون إزعاج الآخرين واستمرار الفساد المعمم. كانت عقد سنوات 1990 فترة بروز تلك «الطبقة الجديدة» البرجوازية أو الأغنياء الجدد، وهي فئة هجينة متحدرة من دمج البيروقراطية وبقايا البرجوازية القديمة انها «البرجوازية الخاصة».

ترافق كل ذلك مع إفقار متنام للفئات المتوسطة والشعبية. وكان تفاوت صارخ منذ أواخر سنوات 1990 يفصل بين نخب الدولة وتلك البرجوازية الجديدة من جهة، وبين باقي المجتمع بسوريا من جهة أخرى. وتسهر الدولة البوليسية على قمع كل نشاط مستقل. وفي عام 1990، قدرت لجنة الدفاع عن الحريات الديمقراطية بسوريا (2) عدد المعتقلين السياسيين في سجون الديكتاتورية السورية بـ 18000 شخص.

مات الملك، عاش الملك!

توفي الديكتاتور العجوز حافظ الأسد يوم 10 حزيران/يونيو عام 2000 (وأعلن رسميا عن وفاته يوم 11 حزيران/يونيو). وفي اجتماع عقد في نفس اليوم واستمر نصف ساعة، تم تعديل المادة 83 من الدستور السوري، لخفض سن الرئيس من 40 سنة إلى 34 سنة تكيفا مع سن بشار الأسد، نجل الديكتاتور لخلافة والده. وفي نفس اليوم أيضا، أي يوم 11 حزيران/يونيو من عام 2000، قام نائب الرئيس عبد الحليم خدام، أحد أركان الدكتاتورية وأحد الشخصيات الأكثر فسادا، والذي تحول منذ عام 2005 إلى «معارض»، قام بإصدار مرسومين بموجبهما تمت ترقية بشار الأسد إلى رتبة فريق (كان عقيدا) وآخر بات بشار بموجبه القائد العام للقوات المسلحة. هكذا أغلقت الحلقة، إذ خلال بضعة ساعات، حل الابن، الطبيب، محل والده في منصب رئيس البلد.

وعد الرئيس الجديد الوارث للسلطة في خطاب تنصيبه يوم 17 تموز/يوليو من عام 2000، بإصلاحات سياسية واقتصادية وإدارية عديدة. أدى هذا المناخ من «التغيير» الممكن إلى بروز حركة للتعبير السياسي الحر ضمن المثقفين. ويمكن تسمية هذه الفترة بـ«ربيع دمشق». لكن هذا المناخ من الحرية النسبية لم يدم طويلا لأن القمع انقض على هذه الثغرة من الحرية بدءا من شهر شباط/فبراير من عام 2001، ليتم بعد ذلك سحق كل نشاط سياسي أو ثقافي مستقل أو نقدي. هكذا سيواصل الرئيس الجديد نفس سياسة القمع التي نهجها والده.

وبالمقابل، قام الابن بتجاوز والده إلى حد بعيد على المستوى الاجتماعي الاقتصادي، بتشجيعه منذ البداية تطبيق جميع التوصيات النيوليبرالية التي يقدمها صندوق النقد الدولي والبنك العالمي. ومن أجل ذلك، سيشكل بشار الأسد فريقا اقتصاديا مؤيدا للنيوليبرالية برئاسة عبد الله الدردري، وهو مجنون نيوليبرالي طائش. وخلال عقد من حكم بشار الأسد، سيعيش نصف سكان سوريا (يبلغ عدد سكان سوريا 23 مليون نسمة تقريبا) في مستوى عتبة الفقر، وأكثر من ثلث السكان تحت تلك العتبة. وستبلغ نسبة البطالة الجماهيرية وفق الإحصاءات الرسمية نسبة 20%، ووفق مصادر مستقلة أكثر من 25%. وتصيب البطالة بوجه خاص الشباب. إذ أن أكثر من 55% من الشباب الذي تقل أعمارهم عن 25 سنة عاطلون عن العمل، في بلد شباب حيث تتجاوز نسبة من تقل أعمارهم عن 30 سنة 65% من مجموع السكان. انسحبت الدولة من دورها الاجتماعي بإلغائها الإعانات التي كانت تدعم المواد الأساسية الضرورية –السكر والأرز والخبز والوقود… تم إدخال تعليم خاص على حساب تعليم عمومي منهار، وتم إهمال وإفقار نظام الصحة العمومي. وشهد عام 2008 قرار الحكومة القاضي بـ«تحرير الأسعار وإلغاء الإعانات المخصصة للفئات الأكثر حرمانا» . وارتفعت حصة الناتج الداخلي الخام التي تستولي عليها البرجوازية الجديدة بين عامي 2005 و2007، من 63.4% إلى 70% (وفق الجريدة الحكومية النور الصادرة بتاريخ 19/08/2008).

تنامي الاحتجاجات

لا يمكن لهذا المزيج من تدهور مستوى حياة معظم الشعب السوري، إلى جانب قمع لا هوادة فيه إلا أن يثير الاحتجاج. باتت تلك الاحتجاجات بارزة منذ عام 2006. إذ في عام 2006، خاض مئات من عمال شركة البناء العمومي تظاهرتين في دمشق، وخاضوا خلالهما مواجهات مع قوى الأمن. وشهد العام 2006 إضراب سائقي سيارات الأجرة في حلب ومواجهات بين سكان أحد أحياء حمص مع عناصر البوليس. كان هؤلاء السكان مستاءين من تدمير منازل تسكنها فئات محرومة وتفويت الأرض التي بنيت عليها لأحد كبار الملاكين العقاريين.

وفي عام 2007، حدثت مواجهات عديدة مع عناصر البوليس، كما في حي المصرانية بحلب، والمزرعة في حمص، وتمت تظاهرة أمام قصر الروضة بدمشق، وتظاهرة أخرى في منطقة الديماس قرب دمشق. وعرف عام 2008 تظاهرات عمال ميناء اللاذقية، كما في الدهبية والزبداني قرب دمشق. وفي عامي 2009 و2010، حدث أيضا أشكال احتجاج عديدة…

بالرغم من تلك الأمارات المنذرة بتنامي صخب شعبي بسوريا، ومن الدينامية الثورية بالعالم العربي التي أثارتها الثورات بكل من تونس ومصر و بلدان أخرى، صرح بشار الأسد في حوار أجرته معه جريدة وول ستريت جورنال أن نظامه في منأى عن تلك الموجة من الثورات لأنه نظام «يخدم مصالح شعبه»، وأكد أن «سوريا ليست مثل مصر أو تونس». وأعلن بازدراء في هذا الحوار أن الإصلاحات التي وعد بها، قبل عشر سنوات، تحتاج إلى «أجيال قبل أن تتحقق».

أحداث مفاجئة؟ لكنها الثورة

بعد خمسة عشر يوما من تلك المقابلة الصحفية، وقع حدث «معتاد» في بلد مثل سوريا يوم 17 شباط/فبراير من عام 2011: ضربت عناصر من البوليس مواطنا شابا في الشارع لمجرد مخالفة محتملة لقانون السير في وسط العاصمة دمشق بمنطقة الحريقة. وسرعان ما اندلعت تظاهرة تضم زهاء 3000 شخص احتجاجا على تعنيف ذلك الشاب السائق، ولأول مرة هتف المتظاهرون بأن «الشعب السوري لا ينذل».

وفي يوم 6 آذار/مارس عام 2006، اعتقلت أجهزة الأمن في مدينة درعا، المجاورة للأردن، حوالي 15 طفلا تقل أعمارهم عن 15 سنة. كتب هؤلاء الأطفال المتأثرين بالصور التي ينشرها التلفاز حول الثورتين المصرية والتونسية، على جدران مدرستهم الشعار الشهير: «الشعب يريد إسقاط النظام». وتعرضوا لتعذيب وحشي من قبل رئيس الأمن عاطف نجيب – وهو من أقارب الرئيس- اقتلعت أظافرهم وكانت علامات التعذيب على أجسادهم رهيبة. ولما التقت عائلات أولئك الأطفال هذا الجلاد سعيا للإفراج عنهم، كان جوابه صادما. قال لهم وفق شهادات العائلات، «انسوا أطفالكم، وأنجبوا أطفالا آخرين، وإن كنتم عاجزين، هاتوا زوجاتكم، فأنا سأقوم بما يلزم».

ويوم 15 آذار/مارس تظاهر زهاء ثلاثين شابا شجاعا في المسجد الأموي في مدينة دمشق القديمة، مطالبين بالحرية والكرامة، ورفعوا شعارا جديدا وهو: « الله.. سوريا.. حرية.. وبس» ردا على شعار حزب البعث: «الله سوريا بشار الأسد وبس». اعتقلوا كلهم ومازالوا لحد الآن رهن الاعتقال.

لكن اندلاع السيرورة الثورية حدث في مدينة درعة الشهيدة. في يوم 18 آذار/مارس من عام 2011 اجتاحت تظاهرة سلمية شوارع المدينة مطالبة بإطلاق سراح الأطفال، والحرية ورفع حالة الطوارئ. كان رد فعل قوى الأمن استعمال الأسلحة النارية ضد المتظاهرين السلميين، ما خلف مئات القتلى والجرحى، والمعتقلين…

كانت مدينة درعا بارود الثورة: جرت أيضا في 20 آذار/مارس تظاهرات ومذابح بمدينة درعا، وفي يوم 21 آذار/مارس كذلك مطالبة دوما برفع حالة الطوارئ، وفي يوم 22 آذار/مارس اندلعت تظاهرات بدرعا ونوى، وفي يوم 23 آذار/مارس تواصلت كذلك بدرعا دائرة التظاهرات والقمع. لكن بدءا من 25 آذار/مارس انفجرت أيضا تظاهرات في الضواحي الفقيرة بدمشق وفي اللاذقية المدينة الساحلية. و كان لكل تظاهرة نصيبها من القتلى والجرحى والمعتقلين.

امتدت حركة الاحتجاجات على الصعيد الوطني، بدءا من أواخر شهر آذار/مارس

أدلى بشار الأسد يوم 15 آذار/مارس بأول خطاب له منذ بداية الاحتجاج، متجاهلا مطالبة المتظاهرين بالحرية والديمقراطية، واعتبر التظاهرات مجرد مؤامرة غربية ضد نظامه، ولم يقدم أي اعتذار أو تأسف لصالح الضحايا.

اعتبرت الجماهير السورية هذا الخطاب إهانة واحتقارا لمطالبها المشروعة. وابتداء هذا التاريخ ستمتد السيرورة الثورية على صعيد التراب الوطني، وسيتزايد عدد التظاهرات على نحو بالغ. وفي يوم 1 تموز/يوليو عام 2011، قدر عدد المتظاهرين بأربعة مليون شخص، ضمنهم ما يناهز 400000 متظاهر في مدينة حماة، وبات شعار التظاهرات، على غرار الثورات العربية الأخرى: «الشعب يريد إسقاط النظام».

*غياث نعيسة، طبيب ومناضل منفي، وأحد مؤسسي لجنة الدفاع عن الحريات الديمقراطية بسوريا (CDF)، نشأت في كانون الأول/ديسمبر عام 1989، معظم أعضائها تم اعتقالهم أو أرغموا على اختيار المنفى.

إحالات

1.خلال «أيلول الأسود» عام 1970، اقترف الحسين ملك الأردن مجزرة ضد آلاف من الفلسطينيين. وفي سوريا كان صلاح جديد يسعى للتدخل إلى جانب الفلسطينيين، لكن وزير الدفاع الجنرال حافظ الأسد، رفض تدخل قطاع الطيران. ولما رأى حافظ الأسد نفسه في وضع أقلية، اعتقل معارضيه الرئيسيين واستولى على السلطة يوم 13 تشرين الثاني عام 1970. (إضافة من هيئة تحرير مجلة انبركور).

2.أول منظمة للدفاع عن الحريات الديمقراطية بسوريا، هي لجنة الدفاع عن الحريات الديمقراطية بسوريا (CDF) أسست في كانون الأول/ديسمبر عام 1989. مؤلف هذا المقال كان أحد قادتها (إضافة من هيئة تحرير مجلة انبركور).

ترجمه عن الفرنسية تيار المناضل-ة في المغرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى