صفحات العالم

سوريا.. حكّموا ضمائركم


طارق الحميد

يلتئم اليوم في القاهرة اجتماع خليجي وزاري، يليه اجتماع عربي، وزاري أيضا، لمناقشة الأعمال الإجرامية للنظام الأسدي بسوريا، وتأتي هذه الاجتماعات بعد فشل تمرير قرار أممي ضد طاغية دمشق في مجلس الأمن، مع استمرار القوات الأسدية في أعمالها الإجرامية بحق السوريين العزل.

والمطلوب من الخليجيين، والعرب، أن يتذكروا وهم يدلفون إلى اجتماعيهم، أننا نقف اليوم في مشهد غير مألوف عربيا، حيث نشهد شعبا عربيا أعزل يستغيث على التلفاز، وطوال أحد عشر شهرا، دون أن يجد له ناصرا يحميه من نار العدوان، ويوقف آلة القتل الإجرامية. شعب أعزل يستغيث من دبابات النظام الأسدي التي تقصفه أمام أنظار العالم، بلا رحمة أو هوادة. وهذا ليس كل شيء؛ فالتقارير تشير إلى تورط «فيلق القدس» الإيراني في نصرة طاغية دمشق ضد الشعب السوري الأعزل، كما تشير إلى أن قاسم سليماني نفسه، قائد «فيلق القدس»، وجد في غرفة عمليات النظام الأسدي بدمشق، هذا ناهيك عن عمليات إمداد إيران لطاغية دمشق بالأسلحة والمعدات الكفيلة بقمع الشعب السوري، والعالم لا يزال يتفرج، رغم القتل والعنف.

هذه هي الصورة أمام الخليجيين، الذين قاموا بخطوات مهمة، ومطلوب منهم المزيد. وهذه هي الصورة أيضا أمام العرب، وخصوصا المتخاذل منهم، أو المتقاعس، أو من يحاول التواري خلف أعذار واهية، ومخجلة، ورغم وقوع ما يزيد على ثمانية آلاف قتيل سوري إلى الآن. صحيح أن البعض يقول إن الأزمة السورية تجاوزت الجامعة العربية، لكن المطلوب من الجامعة اليوم هو اتخاذ خطوات أخرى، حتى لو كانت متأخرة.

فالمطلوب من الجامعة اليوم اتخاذ ثلاث خطوات رئيسية؛ الأولى طرد النظام الأسدي من الجامعة العربية. والثانية الاعتراف بالمجلس الوطني السوري. والخطوة الثالثة الدعوة لإنشاء «مجموعة أصدقاء الشعب السوري»، لتكون الداعمة للسوريين العزل، وتضطلع بالجهد الدبلوماسي المتعلق بكل ما له علاقة بمجلس الأمن، على أن يكون كذلك من مهمة ذلك التحالف – تحالف أصدقاء الشعب السوري – اتخاذ كل ما هو كفيل بإنقاذ الشعب السوري، ودون تحفظات. فعلى العرب أن يتذكروا أنه عندما اندلعت حرب إسرائيل على لبنان، وغزة، التي راح ضحيتهما قرابة الثلاثة آلاف، واستغرقت كل منهما قرابة الشهرين، أو أقل، فإن العالم كله هب بوجه إسرائيل لوقف آلة القتل والدمار، وحتى عندما لوحت أميركا باستخدام «الفيتو» بمجلس الأمن فإنها لم تتأخر عن وقف آلة القتل الإسرائيلية، أما اليوم فإن آلة القتل الأسدية مستمرة لمدة أحد عشر شهرا، بل ها هو طاغية دمشق يعمل على إشعال النار بلبنان، ويستعين بإيران، ولا يزال السوريون يستغيثون بكل من له ضمير.

وعليه؛ فإن على العرب أن يحكّموا ضمائرهم اليوم، وهم يجتمعون في القاهرة، ويقوموا باتخاذ خطوات حقيقية ضد هذا النظام المجرم بدمشق، وذلك لا يتم إلا بطرد النظام الأسدي من الجامعة، والاعتراف بالمجلس الوطني، ومطالبة المجتمع الدولي بإشهار مجموعة أصدقاء الشعب السوري، وأي أمر أقل من ذلك يعد خيانة بحق السوريين الذين يستغيثون في منظر محزن، وأليم.

الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى