صفحات العالم

سوريا.. على خطى القذافي ولكن

 


طارق الحميد

حسنا، سندافع عن قناة «الجزيرة»، فهل يعقل أن يهاجم السوريون القناة القطرية وهم يمنعون الإعلام من العمل على الأرض، وتغطية ما يحدث هناك، خصوصا في المناطق الملتهبة، ولو تحت رقابة رسمية؟ فلماذا لا يكمل السوريون نسخة القذافي التي بدأوها عندما حركوا دباباتهم ضد شعبهم الأعزل؟

بالطبع لم يصل السوريون إلى بشاعة نظام القذافي الذي يمول المرتزقة بحبوب فياغرا لاغتصاب النساء والأطفال، كما يقول الأميركيون، وهو ما يؤكده مصدر عربي، خصوصا اغتصاب النساء، حيث ذكر أن تقارير مؤكدة تشير إلى انتشار حالات الاغتصاب في ليبيا، فالنظام السوري لم يصل لذلك المستوى، لكن ورغم قباحة وشناعة ما يفعله نظام القذافي فإنه يسمح للإعلام الغربي بالوجود حتى في طرابلس العاصمة، بينما نجد أن النظام السوري يمنع ذلك تماما، ويستخدم الأسلوب الإيراني الذي قام بطرد الإعلام الدولي عند اندلاع احتجاجات الثورة الخضراء بإيران، حيث طالب الصحافيين بمغادرة البلاد، وهذا ما لم تفعله مصر مبارك، أو البحرين وقت المظاهرات الشيعية المدعومة من إيران، ولم تفعله كذلك السعودية في الجمعة المزورة التي سميت بهتانا «يوم حنين» حيث قال لي مصدر أمني سعودي رفيع المستوى مساء تلك الجمعة: «هل رأيت كيف سمحنا للإعلام الغربي بالحرية الكاملة»؟

فلماذا لا يسمح السوريون للإعلام بالوجود في درعا، ودوما، وبانياس، وحمص، وغيرها من المدن السورية لنقل الحقائق كما هي؟ ولماذا لا يتركون قناة «الجزيرة»، مثلا، ترصد بكاميراتها السلفيين المزعومين بتلك المناطق، بل وتدخل مع القوات السورية لترصد أسلحتهم إن وجدت، حسب الرواية السورية الرسمية؟ فالإعلام اليوم، بكل وسائله، والمحترم منه تحديدا، لا يصدق «المحللين» السوريين، أو الرواية السورية الرسمية، وكيف يصدقها وها هو صاحب قصة الشيكات الكاذبة يعتذر في لبنان عن أنه لا أساس لصحة روايته حول الشيكات المزعومة التي اتهم بها زورا وبهتانا الأمير تركي بن عبد العزيز، وكذلك النائب عن تيار المستقبل جمال الجراح، حيث يقول صاحب القصة، الذي اعتذر قبلها بأسابيع عن وصفه للمرأة السعودية بأكياس النفايات، إن الشيكات التي اطلع عليها وتتهم الأمير تركي كانت مزورة، وإنه يعتذر، فكيف يصدق الإعلام كل الروايات المدافعة عن سوريا بعد ذلك؟

بل كيف يمكن لأي إعلام محترم، إذا كان أصلا محترما، خصوصا في لبنان الذي يحتوي على أكبر كمية من الإعلام المزور بمنطقتنا، إعلام ما وصفته مرارا بغسل الأخبار، كيف له أن يستضيف أو يتبنى روايات من عرف عنهم الكذب؟ فللأسف فإن ذلك الإعلام لا يكترث بالمصداقية التي تعتبر آخر هم كثير من إعلامنا العربي، ومنذ زمن جمال عبد الناصر، والطائرات التي قيل إنها تتساقط كالذباب، ومرورا بكوبونات صدام، وجواسيس إيران بالعراق، وإلى اليوم.

ولذا فقد بات على إعلامنا، وخصوصا الفضائيات، وتحديدا «العربية» و«الجزيرة»، أن يعلنوا موقفا واضحا بمقاطعة الرواية السورية الرسمية طالما لم يسمح لكاميراتهم بالوجود بكافة المناطق السورية المعزولة، مثل درعا ودوما وغيرها، وإلا كانوا شهود زور عن حق وحقيق.

الشرق الأوسط

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى