صفحات العالم

سوريا: لماذا كل هذا الارتباك الدولي؟

 


تحاول الدول الغربية منذ اسبوعين إصدار قرار من الامم المتحدة يدين القمع في سوريا ولكن من دون جدوى، فالقرار مهدّد بالشلل.

نظام بشار الاسد يرسل الطوافات القتالية والدبابات لقمع السكان في شمال غربي البلاد. وبحسب المنظمات غير الحكومية ومنظمات الامم المتحدة فإن القمع أودى حتى الآن بحياة 1200 سوري. وهناك ايضا حوالي 10000 سوري استطاعوا الهروب من بلادهم، الشبيهة بالسجن الضخم، إلى الحدود التركية، حيث يتكلمون باستفاضة عن الرعب هناك.

لكن الاسرة الدولية تجد صعوبة في ايجاد الكلمات التي تجيب على النداء والتي تدين العنف المنقض على شعب بأكمله وسط تعتيم شامل. الولايات المتحدة أدانت الاسبوع الماضي اللجؤ “الفاضح” إلى العنف في سوريا. والرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي وصف بدوره هذا القمع بالـ”مرفوض”. من جهته، بان كي مون، السكرتير العام للأمم المتحدة، طلب من النظام السوري ان “يوقف قتل الناس”، ولاحظ أيضا غياب “موقف متماسك” حول هذا الملف بين الأعضاء الخمسة عشر لمجلس الامن.

اما بريطانيا وفرنسا والمانيا والبرتغال فقد تقدمت بمشروع قرار في نيويورك يعتبر القمع في سوريا بمثابة جريمة ضد الانسانية، الا ان هذا المشروع تنقصه الاصوات اللازمة لاعتماده، خصوصا أصوات افريقيا الجنوبية والهند والبرازيل. فيما الصين وروسيا اللتان تملكان حق النقض، “الفيتو”، لا تريدان سماع كلام عن عقوبات، وقد قاطعتا المداولات الاخيرة التي جرت في مجلس الامن.

مع ان الدول الداعية إلى اعتماد مشروع القرار كانت حريصة على التأكيد بأنها لن تتطرق إلى تدخل عسكري ما، وبأن المعارضين السوريين بدورهم لا يرغبون ايضا بهذا التدخل؛ وذلك بهدف اقناع الجميع بضرورة اعتماد مشروع القرار. ولكن مندوبي الدول المعارضة لمشروع القرار تصدّروا المواقف المتحفظة، الواحدة تلو الاخرى، وذريعتهم الضربات الجوية ضد قوات القذافي الليبية والتي تجاوزت برأيهم المهمة المسندة اليها من “الناتو”.

السابقة الليبية

القرار 1973 الصادر عن الامم المتحدة فتح الطريق واسعا امام الضربات الجوية، تلك التي غرضها حماية المدنيين الليبيين والتقليل من قدرة القوات الليبية الرسمية على الايذاء. ولم ينص هذا القرار على مغادرة القذافي للسلطة، او لبلاده، فهذا الأخير ما زال بعد ثلاثة اشهر من الضربات في مكانه، لم يتحرك، علما بأن تنحّيه هو تتمة منطقية لما يحدث.

ان فكرة تغيير النظام بتأثير من الخارج تزعج أكثر من طرف دولي، سواء تعلق الامر بليبيا او بسوريا. وزيرة خارجية افريقيا الجنوبية كانت واضحة بهذا الشأن، اذ قالت الاسبوع الماضي: “لا نستطيع ان نقول لأي بلد اننا مستعجلون لتبنّي اي قرار من مجلس الامن يوحي بتغيير النظام قبل ان نخوض النقاشات اللازمة لهذا التبنّي”.

ارتباك الجيران وبلدان عربية

ان تغيير النظام في هذه المنطقة المعقدة سوف تكون له آثار أعمق من تلك التي شهدتها افريقيا الشمالية. الازمة السورية تربك غير جار: تركيا، لبنان اسرائيل، العراق… كل عاصمة تراقب بحذر الاحداث التي تهز هذا البلد الهام في المنطقة، وان كانت اسباب هذا الحذر تختلف بين بلد وآخر.

و”الصمت الصاخب” نفسه نلاحظه في بقية البلدان العربية. صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية كتبت الاسبوع الماضي ان تونس ومصر غارقتان في مخاض مرحلتهما الانتقالية بما فيه الكفاية. لذلك تمتنعان عن اعطاء دروس ثورية لبقية البلدان العربية. اما المملكة العربية السعودية، فعلى الرغم من عدائها لدمشق، فهي متسمكة بابقاء الامور على ما هي في المنطقة في الوقت الراهن.

وبالنسبة لبسمة قضماني، الباحثة في معهد “سيري” الفرنسي، فبعد اربعين عاما من النظام القاسي، الاقسى بعد نظام صدام حسين، فان المجتمع السوري قد تشوه، وابيدت كل البدائل المنظمة، وقد يفيض عن التغيير في سوريا تغيرات في لبنان واسرائيل وايران. ومن الصعب على الجميع ان يقولوا “فلننته من الأسد”.

[ بقلم اوميت بكتاس (“لوفيغارو” 16 حزيران 2011)

المستقبل

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى