صفحات سورية

سوريا.. مات ورد الأمل.. واستمر الشوك

 


أحمد بسمار

هل يوجد اليوم في العالم كله, مجلس نواب واحد, أو نواب شعب, يستقبل رئيس دولته صارخا جماعيا, دون استثناء نائب واحد, حيث الكاميرات تصورهم جماعيا وإفراديا.. بالروح.. بالدم.. نفديك يا بشار.. الله..سوريا..بشار!!! وبعد هذه المبايعة الجماعية, بدأ الرئيس خطابه.. وبعد كل جملتين وابتسامة, يقف نائب أو نائبة (نعم نائبة برلمان.. ولا أعني مصيبة) ويفقع أو تفقع ربع قصيدة ملتهبة في مديح الخليفة المبايع.. يتلوه فورا وجماعيا ووقوفا..بالدم بالروح نفديك يا بشار…

لم يرد أي تفسير واضح لما حدث في البلد طيلة الأسبوع المنصرم. ولا أي وعد بإلغاء قانون الطوارئ. ولا إطلاق سراح المساجين السياسيين الديمقراطيين الحقيقيين, ولا أي سجين من المعارضة الديمقراطية المعروفين, والمنقوعين في غياهب السجون السياسية بلا أية محاكمة من عقود طويلة…بينما الجماهير المحضرة والمنفوخة من الصباح تـجـعـر أمام مجلس الشعب.. بالروح.. بالدم.. الخ…الخ…

هذه هي سوريانا اليوم يا شباب… وكل من يفكر أو يعترض أو يعارض, خـائـن..عميل استعمار..عدو المقاومة الداخلية والعالمية والخارجية والوسطية.. عدو الصمود (ضد من ؟؟؟).. وكل من لا يبايع بالولاء إلى الأبد خائن وابن خائن.. وكل من يلفظ كلمة حرية أو إصلاح فاسد, مفسد مخرب, يهدد أمن الوطن ويزرع الفتنة الطائفية. بينما يعرف كل من تبقى من القليل النادر الذي يستطيع استعمال أبسط مبادئ العقل والتحليل, من هم الذين زرعوا الطائفية في هذا البلد الحزين, من خمسين سنة حتى هذه الساعة. ومن هم محركوا الفتنة المخابراتية المدروسة المخططة, في سوريا ولدى جيرانها وكل من عانى من شرورها المفتعلة.

أما الخطاب؟.. ولماذا نعود إلى هذا الخطاب, وهل يأمل الشعب السوري أو أي محلل مدرك عاقل غير هذا الخطاب الذي لا يفسر غير هذا : نحن هنا بقوة العسكر.. نحن هنا بقوة الكرباج ودهاليزنا المخابراتية المليئة بكل من يفتح (بــوزه).. وعذرا من قلة أدب هذه الكلمة. ولكن هل سمعتم مرة واحدة رجل أمن أو مخابرات يتكلم مع مواطنة أو مواطن بأدب واحترام؟؟؟ كلا.. سوى بهذه العنجهية الفوقية التي يتكلم بها بشار الأسد, حتى عندما يتوجه إلى الشعب السوري عن طريق ممثليه (يا للعار.. وأي تمثيل).. لا أية كلمة عن الحقوق, ولا عن الديمقراطية, ولا حـرف واحد عن الحريات العامة. ولا شيء عن اليأس والبؤس والتعتير والشقاء الذي يهيمن على كافة شباب البلد العاطل عن العمل, والذي يهجر كقطعان الغنم, سواء للبلاد المجاورة, أو للبلدان الغربية. بينما أفراد عائلته وزلمه وعشيرته يسبون البلد ويغزونها من كل ما تنتج, لتثمر حصيلة لخزائنهم وحدها.

هل يعرف الرئيس بشار الأسد ما يحصل حقا في بلده؟.. أم أنه محاصر مع زوجته وأولاده في القصور التي بناها الشعب لأبيه, وهو لا علم لـه بأي ألـم من آلام شعبه ولا أية حقيقة. وفي الحالتين هو مدان أمام التاريخ.. وخطاب تجديد مبايعته المعيب هذا اليوم, والمغيب لكل الحقائق الحقيقية, ولكل جراح الشعب السوري الدامية الواقعية, صـفـعـة تاريخية لكرامة هذا الشعب.. إن تبقت ما يسمى عـزة.. وما يسمى كرامة.

الشعب السوري يريد اليوم إصلاحات جدية حقيقية. يريد تذوق طعم الحريات الحقيقية الطبيعية كبقية البشر. يريد أن يعيش بلا جواسيس بلا مخابرات تسود حياته وترعبه لدى كل مطلب. يريد أن يتخلص من الفساد العفن الذي يسيطر على جميع مؤسسات الدولة من قواعدها حتى أعلى قممها الأهرامية (الفرعونية).. بكل اختصار الشعب السوري يريد أن يعيش في ظل جمهورية ديمقراطية حديثة, لم يذق لها طعما ولا شكلا في أي يوم من الأيام…

أما هذه الجماهير التي تصرخ مدفوعة بحماس هستيري بالروح بالدم نفديك يا بشار..أقول لها كفانا دما وكفانا هدر أرواح في سبيل شخص فرد, كائن من كان. لنفكر في هذا البلد. لنفكر بمستقبل أولادنا, لنبني وطنا هادئا مستقرا, ديمقراطيا..نعم لماذا لا؟ ديمقراطيا.. بلا تمزق طائفي. بلا سيطرة فئات عائلية على خيرات هذا البلد الذي تعب من السبي والسلب والنهب وجميع أنواع الفساد الإداري.

سوريا بلد غني من أقدم العصور. ثقافيا وإبداعا وإنتاجيا واقتصاديا.. ولكن ثرواتها تهدر, وخيراتها تهدر, مثل كرامتها, منذ سنين رهيبة ـ مخابراتية ـ سوداء… وآن لشمسها وشبابها وأمنها وأمانها وعزتها..وخاصة لحرية شعبها أن تعود.

اليوم.. اليوم تشاؤمي الإيجابي قاتم حزين.. لا أرى فيه أي تغيير معقول أو بصبوص أمــل… مـن يدري.. مـن يدري…بالانـتـظــار!.

*آخـر لحظة : شيخان جليلان معممان دعيا إلى تلفزيون المبايعة الرسمي (القناة الأولى السورية) المستمرة ليفتيا أن المطالبة بالحرية والإصلاح, في إسلامهم, تعني الـفـوضى!!!…لأن هذا الأمر يخص السلطان, والسلطان وحده………..

أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحرية المخنوقة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى